يتمتع القارئ بقراءة مواضيع المفكر والباحث والصحفي الكبير احمد الحبيشي عند دراسته لبعض الظواهر الموجودة في مجتمعنا اليمني إلا أن ذلك لايعني أنه يجب علينا موافقته في كل مايطرح. ورغم أنني أوافقه في كثير مما طرح إلا أنني أخالفه في بعض منها.....وبما إن الخلاف لايفسد مبدأ الحوار وحيث أن موضوعنا هو ( الديمقراطية) سوف أنقد أستاذنا القدير في بعض ماطرح شاكرا إياه نشرها في صحيفة 14 أكتوبر في ردائها الجديد ( ثوب الحرية).في العدد 15415 الصادر يوم الخميس الموافق 15مارس 2012م وتحت عنوان(الديمقراطية لاتفرض من الخارج) شرح فيه الكاتب الديمقراطية وتأثيرها على مسار التحولات في اليمن ومحاولة منا في أغناء هذا الموضوع المهم نكتب بعض الأفكار حوله واليكم الآتي:يسرد الكاتب: بوسعنا القول إن الواقع السياسي في بلادنا لايخلو من النجاحات والأزمات والتناقضات والمصاعب بما هي نتاج موضوعي للعملية الديمقراطية التي بدأت باردة وطنية مستقلة ومن دون إملاءات أو تدخلات أو ضغوظ خارجية قبل حوالي 22 عاماً منذ قيام الجمهورية اليمنية.الديمقراطية تعني المشاركة في السلطة وذلك إما عن طريق الاقتراع المباشر أو في حق ممارسة السلطة مباشرة مع الحفاظ على حقوق الأقلية وعدم فرض العقائد والأفكار عن طريق الإرهاب والإرهاب الفكري.إن استئثار حزب معين على أموال العامة وخزانة الدولة وممتلكاتها وأن تكون طائفة معينة مسيطرة على هذا الحزب أو ذاك وحتى وان كان هناك تعددية في الأحزاب لايعني ذلك ديمقراطيه بل هي شكل من أشكال الاستبداد والديكتاتورية التي تم ابتداعها في الوطن العربي الكبير.أن الديمقراطية لاتأتي عن طريق الثورات كما أن الديمقراطية ليست لها علاقة بالظروف الموضوعية، أن الديمقراطية منهاج وسلوك يتم صناعته وتطويره وفقا للظروف المحيطة بها ووفقا لاحتياجات المجتمع التي خلقت فيه.أن الديمقراطية ليست من صنيعة الدولة الرأسمالية أو صناعة الليبرالية أو المحافظين أو اليهودية أو المسيحية بل هي منتج تطور الفكر الإنساني والسياسي منذ عصور خلت.إلا أن تطور السلوك والمنهاج الديمقراطي في قمة نضجه تشكل في الدول الغربية حيث تم تغيير جذري في شكل السلطة حيث تحول الملك أو الرئيس من مالك ومستأثر لممتلكات الأمة وتسخيرها لمصلحته إلى موظف عند الشعوب يسخر ثروات الأمة وممتلكاتها لصالح العامة في سبيل النماء والرخاء لجميع أفراد الشعب ويقع تحت طائلة القانون إذا أساء استخدام السلطة.مع إيمانه العميق بأنه سيتم تسليم السلطة لمعارضيه بعد حين.أن الديمقراطية كمنهاج هي عبارة عن منظومة في غاية التعقيد ويمكن(كاجتهاد) تلخيص مكوناتها كالتالي:1) الانتماء إلى وطن ومجتمع مدني، إن الديمقراطية لاتعمل في مجتمع ينتمي إلى قبائل كل قبيلة تحسب نفسها أمة.2)سيادة الدستور والقانون: يعتقد كثيرون أن الديمقراطية تعني الفوضى أو الحرية دون قيود فلا ديمقراطية دون وجود قانون صارم، والحرية دون قيود تعني حرية الغاب.3) سيادة الدولة: لايقصد بالسيادة هنا فرضية القوة وإنما سيادة الدولة هي اعتمادها على مواردها الاقتصادية والمالية في إدارة شئون البلاد وإلا كانت تلك السيادة منقوصة.4) أجهزة حماية الشرعية: أن مهمة أجهزة حماية الشرعية هي فرض هيبة القانون وليست حماية أشخاص أو قبيلة أو طائفة.5)الشفافية: هي ببساطة حرية الحصول على المعلومات كأن يعرف العامة راتب رئيس الجمهورية وصرفياته النثرية. 6)مكونات المجتمع المدني: تختلف باختلاف المجتمع الذي هي فيه.7) فصل القضاء عن السلطة التشريعية والتنفيذية بما في ذلك النيابة والادعاء العام وتفعيلها.8)حرية الإعلام وتفعيل الصحافة كسلطة رابعة.9)المواطنة المتساوية وإتاحة الفرص بالتساوي لجميع أفراد الشعب وتفعيل مبدأ الاستحقاق.10) رفع مستوى التعليم والثقافة والتثقيف السياسي والدستوري.إن وجود الأحزاب والقليل من حرية الصحافة مع احتكار السلطة لايعني ديمقراطية.للأسف الشديد لقد انتشرت في أفكار الكثير منا وحتى المثقفين أن مشكلاتنا يقذف بها من الخارج إلى وسط مجتمعنا وأن حل تلك المشاكل بأيدي الخارج، أن فكرة المؤامرة سيطرت على أفكارنا وشلت حركتنا نحو الإصلاح الحقيقي.ونستشف من السابق أن في ممارستنا (نحو الديمقراطية) قد سبقت العربة الحصان ما أدى إلى اصطدام الحصان (دوما) بالعربة مما احدث ( الأزمات). .أذا حللنا تحليلاً موضوعياً مسارات الجمهورية اليمنية للفترة مابعد 22 مايو 1990 وما بها من إرهاصات نجد أن الديمقراطية المدعاة كانت من ضمن شروط الوحدة وهي الشروط التي كانت للقوى الخارجية اليد الطولى في صياغاتها كما كان اعتقاد القادة السياسيين أنه بالسماح للأحزاب بممارسة النشاط السياسي وتعدد أطياف تلك الأحزاب والسماح لبعض الصحف المستقلة بجزء بسيط من الحرية الموالية للسلطة تكون الجمهورية الناشئة قد انتقلت إلى المجتمع المدني.. لكن الجميع يعرف تماما أن هذه الفترة هي أسوأ ما مر به المجتمع اليمني بطرفيه الشمالي والجنوبي وضياع مكونات الدولة وهيبتها وانتقل المجتمع إلى مجتمع أقطاعي قبلي في غياب كامل لمؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات الدستورية والقانونية وكذا مؤسسات حماية الشرعية.ويسرد الكاتب: وإذا كانت الوصفات الجاهزة المسماة إعادة التكيف والتثبيت الهيكلي والإصلاح الاقتصادي بهدف فرض معايير الإدارة الاقتصادية والاجتماعية المناهضة لوظائف الدولة في البلدان الصناعية المتقدمة على الدول النامية والفقيرة التي (التي هنا تعود على البلدان النامية) تضطلع الدولة فيها بوظائف حيوية لايمكن الاستغناء عنها.أن وظائف الدولة في الدول المتقدمة كبيرة ومعقدة فمثلا من أهم عناصر الخلاف في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية هو (حجم الحكومة) وحجم الحكومة هنا لايعني الدولة وإنما يعني جميع الموظفين في الدولة والقطاع العام من الرئيس وحتى اصغر موظف، فهيئة البريد في أمريكا تديرها الحكومة الفيدرالية وكذا مراقبة الأنشطة البنكية وأنشطة شركات التامين الصحي وغيره من التأمينات وتتدخل في الأنشطة الجامعية وتقوم بتمويل المنح الدراسية للطلبة الجامعيين وتوفير قروض ميسره للراغبين في الدراسة الجامعية في القطاع الخاص أما التأمينات الاجتماعية (صندوق التقاعد) يتبع مباشرة الدولة، إن الدولة في المجتمع المتقدم تتدخل في معظم الحياة الاقتصادية مثل مراقبة الأسعار وضمانة الجودة وحماية حقوق المستهلك( المواطن) وكذا ضمان السكينة والأمان للمواطن وكذا حماية الشرعية والتأكد من تنفيذ القوانين وسيادتها كما إن الدول المتقدمة أصبحت تتدخل في الحياة الاجتماعية والشخصية فهي تتدخل في الخلافات الأسرية، فمثلا إن من مهمة الدولة أن يذهب طفلك إلى المدرسة وإذا لم يكن هناك عذر شرعي لعدم ذهابه فأنت معرض أن يأخذ منك طفلك لترعاه الدولة وحتى النظافة وحماية البيئة وتنظيم المرور وزيادة في الذكر فإن صناعة اليانصيب ذات الأرباح الهائلة تخضع للدولة وتحت سيادتها.لايمكن أن يكون هناك وجه مقارنة بين وظائف الدولة في المجتمعات المتقدمة والدول النامية فمن أهم مهام الدولة المتقدمة هي ضمان رفاهية شعوبها وتقدمها ونعرف تماما أن أسباب تخلف الدول النامية هو شكل الدولة ووظائفها.
|
آراء
الديمقراطية منظومة في غاية التعقيد
أخبار متعلقة