في كتابها (الكتابة وهاجس التجاوز.. قراءات نقدية)
بيروت / رويترز:تطرح الباحثة الجزائرية بهاء بن نوار في كتابها (الكتابة وهاجس التجاوز .. قراءات نقدية) أسئلة أساسية قديمة منها سؤال هو هل النقد علم أم فن؟.وترى الباحثة أن النقد الأدبي يوصف (في أجدى صوره) بأنه امتداد قرائي يمارس حضوراً لا نهائيا وتفاعلا حواريا يأتيان تعويضا عن تغيب النص وصمته المقدر عليه.(هذا ما يؤدي إلى توضيح ملامح بنيتين نصيتين متلاحمتين أولاهما إيحائية تخيلية (أو رؤيوية في أرقى صورها) وهي بينة النص المبدع والثانية إيحائية توصيلية بها من الهدوء بقدر ما بها من الجموح وبها من الرصانة والاتزان بقدر ما بها من التشظي والاحتدام وهي بنية النص النقدي الذي هو في جوهره خطاب مبتلع خطاباً آخر ومنطبع بملامحه (آي ملامح النص المبدع).وفي رأيها أن العملية التي تقوم بين النص الإبداعي والنص النقدي أشبه بعملية ترتيق لثوب وهي أمر يقوم به العمل النقدي.الكتاب صدر في 245 صفحة متوسطة القطع عن دار (فضاءات) في العاصمة الأردنية عمان.وتستأنف بهاء بن نوار كلامها في (بدلاً من المقدمة) فتقول (وعند هذا الحد يطرح السؤال الجوهري.. هل النقد علم أم فن.. قد يكون الجواب هو علم فني وفن علمي تسيجه شروط العلم من حياد موضوعي ودقة وصفية واستقصاء تحليلي وتتجذر في أعماقه ملامح الفن من انبجاس إبداعي وتغلغل رؤيوي وقدرة على الفصل والتركيب واستخلاص اللامألوف من المألوف والخارق من المتداول والعادي).أما محتويات الكتاب التي تناولت فيه الكاتبة أعمالاً لكتاب عرب فقد حملت عناوين هي (بدلاً من المقدمة. أسئلة الذات أسئلة الوجود. النسبي والمطلق. الكتابة وهاجس التجاوز. التصعيد الدرامي وتتابع المأزق. تدفق الزمن وتناغم المسافات. شعرية التضاد اللوني. زوربا اليوناني.. من الكلمة إلى الصورة. الزمن وأقنعة الموت. الاحتدام الدرامي وتشظي الدلالة).ورأت بهاء بن نوار انه (بقدر ما يتصف به النص الأدبي من تمرد أجزائه على كل وصف أو تحديد وإغراقها اللامتناهي في الفوضى المنتظمة.. الفوضى الانسجامية المتجاوزة كل ثبات أو جمود والمنفتحة على كل ما هو ارتجاجي مدهش.. بدت معه لعبا باللغة.. لعبا مرحا بالكلمات يفجر طاقاتها التعبيرية وحمولاتها الدلالية بكثير من الاختلاف والإبداع والتجديد).وأضافت تتحدث عن تأثير النص الأدبي في النص النقدي المتعلق به قائلة انه (بقدر ما يتصف النص الأدبي بمثل هذه الصفة الإبداعية المتفطنة أعماقه والرابطة أجزاءه كذلك ينطبع الخطاب النقدي بالملامح نفسها ويبدو هو الآخر لعبا بكلمات الإبداع النصي وتصرفا استئثارياً بها يستهلكها ويمتصها ثم يعيد إنتاجها من جديد كما يشاء وعلى النحو الذي يرتضيه).لكنها تستدرك فتقول عن هذا اللعب الذي تحدثت عنه انه (لعب ممنطق به كثير من التأمل الفكري والربط التسلسلي والتعليل المنهجي وبه الكثير أيضاً من القيود والأطر والتحددات التي تفترض عليه الاتسام بشيء من الدقة الموضوعية والحياد المعرفي).وقالت عنه انه يبدو امتدادا للنص المقروء. وأضافت انه (وهو في تمظهره الازدواجي المحمل بإشارات العلم والفن كليهما إنما يتبدى امتدادا كينونيا للنص المقروء يضطلع بتحديد مساراته وإنارة دهاليزه واستجلاء أسراره المسكوت عنها التي تنبت في كامل أجزائه وتكون بنيته التكوينية العميقة التي لا يزيد فيها (النص) على أن يبدو فضاء احتماليا مليئا بالفجوات والثغرات التي لابد من أن ترتق).ورأت انه في عملية (الترتيق) هذه (لابد من أن يكون سطحه متوحدا مع سطح النص المقروء متماهياً في نسيجه أو في الأقل مقاربا له وبأسلوب متآلف معه).أضافت انه ( أن جاز اعتبار النص المبدع بمثابة ثوب ممزق لا ينتفع منه إلا أن رتق فان النقد القرائي هو الكفيل بنقله من حالة الإهمال والتبعثر إلى حالة التكامل والالتمام. وهي نقلة لابد من أن تتسم بحد أعلى من الانسجام والتوافق يفرض ضرورة التحام الأصل والفرع وحلول الواحد منهما في الثاني حلولا خاليا من أي تنافر أو نبو).