الافتتاحية
عدن .. المدينة التي كانت المدنية والثقافة أبرز صفاتها حيث كان شبابها يتدافعون نحو التعليم والدراسة وتحصيل الخبرات ومع بزوغ فجر الثورات العربية المدعوة بالربيع المكسو بعبارات نعم نحو حياة أفضل للشباب وتوفير أرقى سبل الحياة أمامهم يبدو لي أن مجمل ما قيل عن حياة ما بعد الثورة ترجم في أثنائها في شوارعنا بعدن وتمثل في السهر وتعاطي المخدرات بصورة علنية أو كما يقال (على عينك يا تاجر). لم أبالغ حين قلت إن عدن كانت رمزاً للمدنية والتحضر والثقافة فالأجيال الماضية رسمت لها تاريخاً ناصعاً على الصعيد المجتمعي والسياسي والثقافي حين لم تكن موجودة سجائر الحشيش الملغمة والأفيون وحبوب الديازبام التي أصبحت سمة يتسم بها بعض الشباب.كثير من المواطنين يتساءلون من أين يحصل هؤلاء الشباب على قيمة الحبة ( القات) يومياً رغم ارتفاع سعرها من يوم إلى آخر بينما هم لا يمتلكون أدنى دخل شهري يعيلهم؟. وقد يتغاض بعض أرباب الأسر عن ( القات) كونه ظاهرة فرضت على هذا الشعب منذ قرون لكن الجديد ما يصاحب القات أو ملحقاته فقد لوحظ أن بعض الشباب الذين تبلغ أعمارهم بين 15- 17 عاماً يخزنون حتى وقت متأخر وبصورة غريبة حتى حديثهم والكلمات التي تخرج من ألسنتهم ثقيلة ما يثير التعجب والاستغراب. روايات من هنا وهناك عن بيع أشرطة ( الديازبام) وحبوب الهلوسة في الصيدليات دون رادع أخلاقي أو ضمير حي فضلاً عن انتشار السلاح في عدن خلال العام الماضي نتيجة للتسيب الأمني الذي حصل وتارة لإحياء مخطط لا يريد لهذه المدينة الخير مطلقاً . مخدرات بأنواعها، سلاح وأعيرة نارية، بطالة، فقر، كلها عوامل كفيلة بإخراج جيل إرهابي يسير مع من يدفع له بخطى واثقة. السلطة والأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية تقف مع الأسف الشديد عاجزة عن صد هذه الظواهر التي عكرت صفو السلم الاجتماعي واستهدفت أهم شريحة تبني وتعمر بيوتاً و اوطاناً. المبادرات التي تقوم حالياً في إطارات واسعة تحظى بمباركة الأسر والمدارس والجامعات وتلقى تعاطفاً منقطع النظير من أغلبية الشباب الجامعي العارف بمدى واقع المؤامرة التي تحاك ضد هذه المدينة ونحن نشد على أيدي كل وسائل الإعلام المرئية المقروءة والمسموعة لتشجيع هذه المبادرات التي لقي اغلبها نجاحاً على ارض الواقع. و أوجه رسالة لكل التيارات السياسية المتصارعة التي تستخدم الشارع في عدن معتركاً لها بالا يجعلوا من شباب عدن مترساً يختبئون خلفه ويرددون عباراتهم من خلالهم بصورة تستغلهم وتهين كرامتهم بل العكس من هذا كله عليهم إقامة الندوات وإشهار الفعاليات وإدراج الشباب ضمن عمل ثقافي سياسي يقوم على النصيحة ويبعدهم عن العنف الذي يسبقه إدمان .أتمنى أن تكون الجمعيات العاملة والمنظمات المشرفة عليها فصولاً لمحو أفكار الإدمان وكبح ظاهرة القتل وتعميم اخذ الحق بالحجة وليس بالتدليس وتبادل التهم واصطياد الفرص وكل ما هو ضد فصول محو المخدرات وحمل السلاح.