بات بمقدورنا كيمنيين الاستفادة مما أفضت إليه تطورات الأحداث في الساحة السياسية واستغلال لحظة التوافق في العمل على إرساء دعائم المصالح الكبرى للبلد و السعي نحو الأهداف النبيلة وتحقيق الغايات السامية التي لأجلها خرج الشعب إلى الساحات والميادين باحثا عن حقوقه التي حرم منها لفترة طويلة من الزمن.و هنا يتعين على الجميع استغلال اللحظة الفارقة في تاريخ اليمن وحياة اليمنيين و إدراك أهمية أن تتجه الأنظار صوب آفاق الحوار الوطني الشامل برحابة لا تقصي أحدا ووفق شروط لا تستثني أي طرف من الأطراف ولا تستأثر بمخرجاته طائفة دون أخرى أو تستقوي بنتائجه قوى على حساب قوى أخرى، ذلك أن ممارسة أي طرف لإقصاء من يخالفه أو سعيه لإلغاء من يختلف معه يعني بطبيعة الحال أنه لم يستوعب الدرس جيدا، وهو الدرس الذي أظننا جميعا بتنا ندرك مغازيه أكثر من أي وقت مضى، و إن تفويت هذه الفرصة التاريخية و التعاطي معها بذات الطريقة التي تعاملنا بها مع سابقاتها لا يعني سوى أننا لا نجيد سوى صناعة الفشل و اجترار مآسينا و فواجعنا التي وصمت تاريخنا الحديث و غدت عنوانه الأبرز وما عداه تفاصيل لا تكاد تذكر.أن تجعل وسائل الإعلام العامة من ساحاتها صدى لأصوات الشعب بكافة قواه و جميع فئاته فذاك مؤشر طيب على وعي القائمين على هذه الوسائل، والعكس صحيح حين تصير وسائل الإعلام المملوكة للدولة انعكاسا لذات الصوت الواحد وتجليا لذات الصورة الأحادية، و المؤكد أن فترة الصوت الواحد واللون الواحد ذهبت إلى غير رجعة، ما يجعلنا أمام مهمة ملحة وعاجلة تتمثل في الانتصار للوطن والبحث في جذور مشاكله عما يمكن اعتبارها حلولا ناجعة تتكفل بتخليصه من معاناته و الشروع في بناء اليمن الجديد كهدف استراتيجي لا مجال لتأخيره أو تأجيله و مشروع وطني يجب أن تتآزر لأجله كل الجهود وتتضافر لأجله جميع القوى والمكونات، و إن مهام البناء من الصعوبة بمكان بحيث لا تقوى على القيام بها جهة دون أخرى، و في ماضي الصراعات ما يغني حول هذا الموضوع. و أيا كانت كلفة القبول بالمبادرة الخليجية التي وقعها طرفا الصراع الرئيسان في اليمن فمما لا شك فيه أن ثمة التفافاً حولها داخليا باعتبارها الصيغة التوافقية المقبولة لدى الطرفين بعيدا عن نوازع العنف و نوايا الانتقام وموجبات الثأر، وخارجيا تعد المبادرة الإطار الوحيد الذي ظل يتحرك بداخله ومن حوله الوسطاء وصولا لصيغته النهائية المقترنة بآلية زمنية والمدعومة بتوافق إقليمي ودولي لم تحظ به أية صيغة أخرى في مختلف مراحل الصراع التي عاشتها اليمن جنوبا وشمالا.لتكن الفترة الزمنية التالية للتوقيع على المبادرة مرحلة اختبار للقوى السياسية و القوى التي تؤثر في السياسة دون أن تعد ضمن اللاعبين السياسيين، و لنجعل منها فرصة تاريخية نقيس بها قدراتنا على المصالحة مع ذواتنا والتضامن مع أنفسنا وهمومنا الجمعية ومشروعنا الوطني بعد ردم كل فجوة من شأنها إعاقة السير و عرقلة المسيرة التي لا بد أن تنطلق صوب الهدف السامي باعتبار ذلك قدر اليمنيين الذي لا مفر منه.لقد آن لجهود المختلفين أن تتكاتف اتفاقا على تغليب مصلحة الوطن، و لقد حان للأفكار التي ظلت تتصارع بعبثية مدمرة وهي تجتر طواحين الهواء أن تكف عن صراعاتها، وليكن ذلك الموقف لأجل عيون البلد المثقل بآهات الحروب و المثخن بجراحات الماضي و أوجاع الحاضر، ولتقف جنبا إلى جنب أقلام الفرقاء ك وأحلام البسطاء لتتصدى مجتمعة لما يجب أن تتصدى له من مهام نجدها أهلا لها لو أجادت قراءة حاضرها في ضوء دروس الماضي و استشراف آفاق المستقبل. لتقف أقلام النخبة الواعية في مواجهة مخلفات الصراع و بقايا التعبئة الخاطئة يمينا أو يسارا، و ليكن في انفتاح وسائل الإعلام العامة - ومنها صحيفة 14 أكتوبر- مؤشرا لبداية جادة نحو الانطلاق صوب فضاء الحوار الخلاق الذي يستبعد التمترس وراء الماضي و خنادقه و الصراع وبنادقه، و ليكن السير بالكلمة الصادقة إعلاء لشأنها في تقريب وجهات النظر وتهذيب أوجه الخلاف والاختلاف، و لاشك في أن خطوة كهذه ستؤثي ثمارها مادامت تأتي حصيلة إدراك بأهمية انفتاح الكل على الجميع، إذا لا مكان لفكرة تتصور أنها قادرة على إبعاد غيرها ولا احترام لرأي لا يرى إلا نفسه وما دونه هو الخيانة والعمالة والكفر المستوجب إنزال أقصى درجات العقاب.
|
تقارير
اليمن في اللحظة الفارقة.. هل نعي الدرس؟
أخبار متعلقة