أبيدوس مدينة مدافن أثرية مقدسة في مصر واسمها يوناني اشتق من الاسم المصري القديم آبدو Abdu وهو بالقبطية آبوت Abot ويعرف موقعها اليوم باسم «العرابة المدفونة».تعد أبيدوس من أهم المواقع الأثرية التي تعود إِلى فجر التاريخ المصري القديم لمكانتها الدينية المقدسة والأعمال الفنية المدهشة التي خلفها أوائل الملوك الفراعنة فيها. وقد ترافق تاريخها السياسي والديني مع تاريخ مصر في كل مراحله القديمة.تقع أبيدوس في أقصى جنوبي الصعيد المصري على حافة الصحراء، إِلى الغرب من نهر النيل بالقرب من مدينة البليانة بمحافظة سوهاج وكانت قديماً واحدة من بلاد الإقليم الثامن من أقاليم الوجه القبلي الذي كانت مدينة ثني (طينة) Thini عاصمة له. ويرجح أن ثني هذه تقع في مكان ما قريباً من أبيدوس أو أنها قرب البربا (مدفن أثري) الواقعة في جوار جرجا.كشفت التنقيبات الأثرية التي قامت في القرن التاسع عشر في موقع أبيدوس عن مجموعة مدافن مزدوجة ترجع في الغالب إِلى ملوك الأسرة الأولى المصرية وبعض ملوك الأسرة الثانية، وقد أثيرت التساؤلات حول صحة هذا الزعم حين كشف في صقارة في شمالي مصر عن قبور أكبر حجماً وأغنى عمارة من تلك التي في أبيدوس وتحمل الأسماء الملكية نفسها التي لملوك هاتين الأسرتين، ويعتقد بعض الآثاريين أن ملوك الأسرتين الأولى والثانية كانوا ينتسبون إِلى مدينة ثني المذكورة وأنهم بنوا مقابرهم الحقيقية في صقارة وأقاموا أضرحة لهم في أبيدوس لقداستها عندهم، ولأنهم إِليها ينتسبون. ولا ينفي هذا أن يكون بعض فراعنة الأسرة الثانية قد دفنوا هناك، حيث يوجد مدفن لهم مرتفع من الآجر عند الطرف الشمالي الغربي لمنطقة المدافن.وغدت أبيدوس منذ أوائل عصر الأسرة السادسة محجاً لأتقياء المصريين القدماء، ويسعى كل واحد منهم إِلى أن يدفن في أبيدوس، مجاوراً لضريح أوزيريس رب الحياة الثانية. أما من لم يطق ذلك فكان يطلب أن ينقش اسمه على بلاطة أو مسلة حجرية (شاهدة) مع لقبه وبعض الأدعية أو يوصي بوضع آنية تذكارية فوق أحد المدافن الملكية أو حولها ليضمن لنفسه مكاناً بين الظافرين في الحياة الثانية.وكان الملوك الفراعنة يشجعون هذه الشعائر ويقيمون احتفالات تأليه الملوك في أبيدوس ويعنون عناية خاصة بتزيين وتوسيع معبد أوزيريس الذي أقامه بيبي الأول، من الأسرة السادسة (2200-2400ق.م)، في أبيدوس.تضم أبيدوس عدداً من المعابد - المدافن الملكية، ويعد المعبد الذي بناه سيتي الأول (1312 - 1298ق.م) من الأسرة التاسعة عشرة وأكمله ابنه رعمسيس الثاني من أجمل المعابد المصرية القديمة وأكملها، وتتصف نقوشه بدقتها ورشاقة خطوطها وجمال تفاصيلها وألوانها.شهدت أبيدوس أحداثاً تاريخية كثيرة لعل أهمها وأكثرها خطورة الصراع بين طيبة وهيراكليوبوليس (أهناسيا اليوم) في مصر الوسطى في نهاية الحقبة الانتقالية الأولى، وتمكنت فيه قوات حاكم هيراكليوبوليس الملك خنتي الثالث من الأسرة العاشرة من احتلال أبيدوس والعبث بمقدساتها، وقد عبر خنتي عن ندمه لما حدث في تعليماته إِلى ابنه مريكارع.