احتلت بريطانيا مدينة عدن في 19 يناير 1838م بعد اختلاقها قصة سرقة باخرة تجارية بريطانية في ميناء صيرة بعدن من قبل الصيادين.وكانت هذه بحد ذاتها ذريعة كافية لبريطانيا للقيام بحملة عسكرية كبيرة بقيادة الكابتن “هنس” لاحتلالها، وعلى الرغم من ذلك هب أبناء عدن الذين كانوا لا يمتلكون القوة الضاربة في ذلك الوقت للدفاع عن مدينتهم بأسلحتهم البدائية ولكن تفوق القوات البريطانية مكنهم من احتلال مدينة عدن بعد مقاومة شديدة وشرسة من قبل أبناء المدينة الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة من اجل الدفاع عن الوطن. كانت بريطانيا تريد احتلال مدينة عدن بحكم موقعها كميناء على طرق الملاحة الدولية الإستراتيجية ، لكي تستخدم ميناء عدن كمحطة لتموين البواخر بالوقود والمياه والتموين المتجه إلى مستعمراتها في الهند وغيرها ،وبعد احتلالها لمدينة عدن وتحويلها إلى مركز للإدارة البريطانية، كانت مسرحا للنشاط التجاري والاقتصادي الأمر الذي أدى إلى أن تصبح عدن مركزا للاستقطاب، فعندما كانت اليمن مجزأة والمناطق العربية والأفريقية المجاورة، بسبب سيطرة الاستعمار لاسيما بعد انتقال عدن والمحميات الشرقية والغربية من إشراف الإدارة البريطانية في الهند إلى إشراف وزارة المستعمرات، ثم انتقال مقر قيادة القوات البريطانية في الشرق الأوسط إلى عدن في وقت لاحق بعد تأميم قناة السويس وجلاء القوات البريطانية من مصر في 23 يوليو 1952م بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ما جعل الإدارة البريطانية تقوم بعض الإصلاحات الشكلية في عدن في عدة مجالات منها التعليم والمواصلات والخدمات الصحية والسياحة والإسكان والإعلام والبلديات وغيرها، وذلك من أجل امتصاص غضب الشعب اليمني وتكريس الاحتلال، وفي بدء عقد الخمسينات من القرن العشرين الماضي وعلى إثر تأميم حكومة مصدق شركات النفط في إيران، أنشأت شركة “بريتش بتروليم” مصافي الزيت البريطانية في عدن من أجل تأمين وتوفير الوقود للأسطول البريطاني الحربي في عدن.لقد ناضل شعبنا في جنوب الوطن ضد المستعمر البريطاني على امتداد التاريخ من خلال انتفاضات شعبية وإضرابات عمالية وطلابية في مدن عدن والمكلا وسيئون وغيرها من مدن اليمنية المحتلة من أجل الحرية والاستقلال، وعندما قامت ثورة 26/سبتمبر/1962م حررت شمال الوطن من تسلط آل حميد الدين ونقلت اليمن ومواطنيه من زمن القهر والظلم والكبد والحرمان والجمود والانغلاق في عهد الحكم الأمامي إلى مرحلة الانفتاح الوطني بالتحرر من الظلم والجبروت الذي عانى منه أبناء الوطن سنوات طوالا، بفضل أولئك الأبطال من أبناء هذا الوطن الذين قدموا أرواحهم رخيصة لتحرير الوطن من القيود العبودية والإذلال التي مارسها الحكم الإمامي الكهنوتي على شعبنا.حقا لقد فتحت ثورة 26 سبتمبر الأبواب الكبيرة أمام الأحرار في جنوب الوطن المحتل ليفجروا بعد عام وشهر ثورة 14 أكتوبر الباسلة من أعالي جبال ردفان على الاستعمار البريطاني الغاصب . لتشكل مرحلة جديدة ومتطورة في النضال التحرري ضد الاستعمار ، إذ أصبحت جمهورية 26 سبتمبر قاعدة صلبة للحركة الوطنية اليمنية بأسرها وخلفية راسخة لحرب التحرير الشعبية التي خاضتها فصائل ثورة 14أكتوبرتحت شعارات الاستقلال والوحدة بدعم وإسناد من النظام الجمهوري في شمال الوطن الأمر الذي أسهم في تعميق الوحدة العضوية للثورة اليمنية وتأكيد واحديتها في إطار عملية وطنية وثورية موحدة الأهداف والمبادئ .لقد ناضل شعبنا ضد المستعمر بإعلان الكفاح المسلح في يوم 11 أكتوبر 1963م واستشهد قائد هذه المجموعة المقاتلة وهو شيخ غالب بن راجح لبوزة صبيحة يوم 14 أكتوبر الذي تحول إلى شرارة أشعلت ثورة شعبية مسلحة اجتاحت كل الجنوب المحتل على امتداد السنوات الأربع منذ اندلاع ثورة 14أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن (1963 - 1967م)م كانت الثورة اليمنية تخوض معارك وطنية متكاملة على جبهتي الدفاع عن الثورة ونظامها الجمهوري في الشطر المتحرر من الاستبداد الإمامي، ومقاومة الاستعمار ومشروع اتحاد الجنوب العربي في الشطر الرازح نير الاستعمار .وتميزت نهاية عام 1967م بتحقيق انتصارات تاريخية للثورة اليمنية في جبهتي المواجهة الرئيسيتين، حيث حققت الثورة اليمنية جزءا من أهدافها الإستراتيجية في الجنوب بطرد الاستعمار وانتزاع الاستقلال وإسقاط المشروع الاستعماري السلاطيني الذي استهدف تكريس التشطير وإلغاء الهوية اليمنية للجنوب المحتل، عبر إقامة ما كان يسمى باتحاد الجنوب العربي الذي لقي حتفه يوم 30 نوفمبر 1967م بإعلان الاستقلال، وإلغاء الكيانات السلاطينية التي كرست مؤامراتها للتجزئة وشطرت سلطنات وإمارات الجنوب، وبعد الاستقلال استعاد الشعب هويته اليمنية في إطار نظام وطني ديمقراطي على طريق تحقيق الوحدة اليمنية، كما تمكنت الثورة من تحقيق انتصار حاسم جديد على العدوان الذي شنته بقايا النظام الإمامي القديم بهدف إسقاط الجمهورية والقضاء على الثورة اليمنية المباركة ،وقد شاركت القوات المصرية في دعم الثورة اليمنية من أجل تثبيت النظام الجمهوري في اليمن وكذا من اجل طرد المستعمر البريطاني من الجنوب وذلك من خلال دعم الجبهتين القومية والتحرير بالسلاح والمال وتدريب الكوادر اليمنية في الجامعات المصرية العسكرية وفي كافة التخصصات العلمية . وبعد تحقيق الاستقلال لجنوب اليمن في 30نوفمبر 1967م وإعلان جمهورية مستقلة، لم يتوحد اليمن في ذلك الوقت نتيجة الظروف الدولية ونتيجة (الحرب الباردة ) بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الغربي .وعندما نضجت الظروف الموضوعية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفتت الاتحاد السوفيتي وانهيار كافة الدول الاشتراكية.. كل هذا ساعد في تحقيق الوحدة اليمنية المباركة على أسس ديمقراطية في 22مايو 1990م عبر حوار طويل لعدة سنوات وعلى يد قائد الوحدة فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله والى جواره الشرفاء من أبناء هذا الوطن.وبعد قيام دولة الوحدة أصبح اليمنيون ينعمون بالعزة والكرامة وبهذا النصر المبارك تم تحقيق العديد من الانجازات في كافة المجالات السياسية والتعليمية والاقتصادية والزراعية والصناعية وإنشاء شبكة الطرقات لربط كافة مدن الجمهورية بعضها ببعض وفي مجال الأسماك تم إنشاء العديد من مصانع تعليب الأسماك لغرض التصدير إلى الخارج وتم تحقيق إنجازات في مجال الاستكشافات النفطية والغاز كما تم إنشاء المنطقة الحرة في محافظة عدن ،وقامت بإعادة تأهيل وتوسيع المطارات والموانئ وإنشاء مدن سكنية جديدة لذوي الدخل المحدود في مختلف مدن الجمهورية واهتمت بالبنية التحتية مثل المياه الصرف الصحي والمجاري والكهرباء وغيرها وعلى رأس هذه الانجازات الديمقراطية والتعددية وبناء مؤسسات الدولة الحديثة وكذا إقرار التعددية السياسية وحرية الصحافة والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة مباشرة من قبل الشعب (صناديق الاقتراع).وبهذه المناسبة الغالية على قلوبنا جميعا العيد لـ 48 للعيد لثورة 14أكتوبر المجيدة أهنئ الشعب اليمني والقيادة السياسية متمثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله وأدعو المعارضة إلى عدم دفع الوطن نحو حرب أهلية، وإلى التخلي عن عنادها بعدم الدخول في الحوار، لأنه السبيل للخروج من هذه الأزمة السياسية هو استئناف الحوار على أسس واضحة يلتزم بها الجميع حرصا على مصلحة الوطن وتجنيبه الحروب والدمار والتمزق كما أنه الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة على أساس مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وخارطة الطريق لتنفيذ عملية الانتقال السياسي السلمي للسلطة التي وضعها مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر الذي يبذل جهودا مشكورة لتقريب وجهات نظر الطرفين (المعارضة والسلطة) وتشجيعهم للبدء في الحوار الذي هو ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة من أجل استقرار اليمن ومن ثم الخضوع لرأي الشعب عن طريق انتخابات رئاسية مبكرة حرة مباشرة (يتفق على موعدها جميع القوى السياسية في الساحة اليمنية) لأن الشعب اليمني هو مصدر السلطة في يمن الثاني والعشرين من مايو ويمنحها لمن يحصل على الأغلبية في الانتخابات.
|
تقارير
(14 أكتوبر) حررت الشطر الجنوبي من المستعمر البريطاني الغاصب
أخبار متعلقة