تحدثوا عن مشروع تسخير الفنون للدفاع عن حقوق الإنسان من خلال مسرحية (عود ثقاب)
لقاءات / أماني العسيري - تصوير / محمد فؤاد فتح الباب هرع الأب والأم مسرعين تخضب ألوان الخوف وجهيهما، صرخا: “ماذا حدث يا قاسم؟ أجابهما وفي عينيه اجتمعت أحقاد الدنيا وقال غاضبا : أتسألاني ماذا حدث ؟. هربت ابنتكما؟” ظهرت دهشة الرعب راسمة علامات أسئلة لا يعرفون الإجابة عليها .. تجاذب والدا الفتاة اللوم مع زوجها ، فتارة تصرخ الأم لائمة الأب على تزويج ابنتهما رجلا يكبرها بخمسة وثلاثين عاما وتحمل الزوج مسؤولية ما يحدث لابنتها ، وتارة يدافع الزوج عن نفسه باعذار يقنع بها نفسه المريضة وان السبب يرجع إلى أخلاق ابنتهم السيئة ... وهكذا توالت أشكال اللوم ومسببات ما حدث بين الطرفين طيلة أحداث المسرحية ، من يكون السبب وراء هربها ؟هكذا بدأت المسرحية من النهاية ، نهاية رسمتها الظروف المؤلمة الموجعة التي غرست خناجرها في جسد الفتاة الصغيرة ذات الثمانية أعوام .. نعم هربت ( أمل ) محملة بأحزان وآلام أشعلت فيها نارا أحرقت كل من شارك في جريمة اغتيال براءتها وطفولتها ، فبعد هروبها عادت فقط لتنتقم منهم جميعا في النهاية . كانت تلك لمحة سريعة عن بداية ونهاية مسرحية (عود ثقاب) التي وصفت صور الظلم الحقيقي التي تتعرض له المرأة في المجتمع اليمني وربما جسدت المسرحية حالة حدثت وتحدث بين أوساط المجتمع لا نعلم عنها إلا بعد فوات الأوان .لقد استطاع جميع من شارك في أداء المسرحية وإدارتها بالفعل تقديم الصورة المشوهة لعادات ينبغي قتلها ودفنها في أعماق الأرض .[c1]براعة الأداء [/c]أدى الممثلون أدوارهم ببراعة متقنة مؤثرة بعيدة عن التصنع والتكلف، ما جعل الجمهور كأنه يستمع وينظر إلى مشهد حي ملموس عبر عنه تمكن الجميع من التفاعل مع أدوارهم منهم الممثلة الشابة سالي حمادة حفيدة الفنان الراحل احمد قاسم التي قامت بدور (أمل) وتمكنت من الاندماج مع الشخصية، وما زاد من روعة الأداء في الإخراج هو لحظة العودة إلى الوراء كأنه شريط يطوى يبين المواقف المختلفة للظروف التي أدت إلى تلك النهاية حيث برع الممثلون في تأدية ذلك. وقد قالت الدكتورة والأديبة هدى العطاس التي حضرت العرض: “كان العرض في منتهى الإبداع وقدرات الممثلين وتأثيرهم عاليان جدا واستطاعوا في الحقيقة توصيل رسالة عبرت عن الألم والوجع والقهر الذي تعاني منه المرأة، وتأثرت بها لدرجة إني كدت أبدأ بالبكاء من قوة الشعور بواقعية التفاصيل التي تفاعل الممثلون معها .وأضافت أن دور المسرح في نقل ومناقشة مثل هذه القضايا للجمهور مهم كونه يقدم رسالة حية تبقى في الأذهان فكما يقولون (أعطني مسرحا أعطيك شعبا مثقفا) . وأشارت إلى ضرورة أن تعرض مثل هذه الأعمال فنيا على المستوى الجماهيري فمثل هذه القضايا تستحق أن تناقش وتعرض على شريحة كبيرة من المجتمع لأنها تتحدث عن المسكوت عنه وعن الموقف الاجتماعي والعادات والتقاليد الخاطئة إضافة إلى القوانين التي لا تنصف. ثقافة حقوقية وفي حديث لمديرة المشاريع في مؤسسة شركاء المستقبل للتنمية وداد البدوي عن هذا العمل قالت: عملنا مسرحية (عود ثقاب) تحت عنوان الفنون من اجل حقوق الإنسان الذي نهدف من خلاله إلى خلق ثقافة حقوقية مجتمعية تعالج قضايا حقوق الإنسان في المجتمع منها العنف ضد المرأة فقد ناقشنا قضية زواج الصغيرات والخيانة الزوجية وحرمان الفتاة من التعليم، وكان تعاوننا مع نجوم فرقة (خليج عدن) من باب اختيار الممثلين حسب المحافظة نفسها كوننا نعمل في أكثر من محافظة وباعتبارها فرقة قدمت أعمالاً ناجحة وكان لنا شرف العمل مع عمرو جمال ونجوم الفرقة .وأوضحت أن مسرحية (عود ثقاب) تحكي عن زواج الصغيرات في المجتمع اليمني وهي ظاهرة نتمنى القضاء عليها، وكان الهدف من هذا العمل الفني هو التوعية بأخطار مثل هذه القضايا، وقد جاء ضمن مشروع تسخير الفنون من اجل حقوق الإنسان في مرحلته الثالثة، فقد ركزت المرحلة الأولى من المشروع على تدريب الفنانات الغنائيات حول قضايا فنية وحقوقية، واهتمت المرحلة الثانية بعرض مسرحيتين: الأولى كانت (أين أنت الآن) لخالد اليوسفي وهي مسرحية صامتة عن الحرب والسلام، والأخرى (طيورغادرتها الأجنحة) من إخراج نرجس عباد عن حقوق المرأة في المجتمع اليمني.[c1]أسلوب جديد للفرقة [/c]المخرج المساعد في مسرحية (عود ثقاب) عدنان الخضر قال: مسرحية (عود ثقاب)هي تصوير لأشكال العنف المختلفة منها حرمان المرأة من التعليم، وزواج الصغيرات، وخيانة الزوج وغيرها من صور العنف، وقد حاولنا بأقصى جهدنا أن نصور واقع المرأة بأسلوب جاد عبر توجه تراجيدي بحت باللغة العربية الفصحى وهو خلاف ما عهده الجميع من فرقة (خليج عدن) بتقديمها الأعمال الكوميدية، وحقيقة رغم الصعوبات وجدنا متعة مختلفة في هذا العمل.وأضاف: قام بأداء الأدوار ستة من الممثلين الرئيسين هم الفنان فؤاد هويدي، والفنان احمد عبد الله حسين بدور، والفنانة فاطمة عبد القوي، والنجمة سالي حمادة، والطفلتان علا وجميلة، وعملنا نحن باقي أعضاء الفرقة في طاقم الإدارة فهناك عمرو جمال في التأليف والإخراج، وساهمت في الإخراج فانا مساعد مخرج، ورائد طه في الإدارة المسرحية، ومروان في الديكور، وأود أن اذكر أن هذا العمل هو عرض واحد وللأسف مررنا بظروف صعبة فيه وخاصة غياب عمرو جمال الذي اضطر إلى السفر إلى مصر في منتصف بروفات العمل لأخذ منحة للحصول على دبلوم تدريبي في الإخراج المسرحي في برلين .وذكر أن هذا العمل كان نتاج تنسيق تم عبر مؤسسة شركاء المستقبل في صنعاء وعبر السفارة الهولندية في عدن وحرصنا على تواجد منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وعدد من وسائل الإعلام المقروءة وأيضا مكتب الثقافة ممثلاً بالأستاذ القدير عبد الله باكدادة .وأشار إلى «أهمية وسائل الإعلام في الأخذ بأيدي الشباب وتقديم إبداعاتهم للمجتمع بما يخدم مصالحهم، باعتبارها منابر جماهيرية مؤثرة، فنحن الشباب مازلنا نتلمس طريقنا في بدايته».[c1]العرض ناقش قضايا العنف بنجاح [/c]وعبرت المحامية افتكار السقاف وهي عضوة في منظمة (انترسوس) المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان عن رأيها بالعرض قائلة: بصراحة كان العرض رائعا جدا بل كان ممتازا، وكان تجسيدهم لمثل هذه الحالات حقيقي وقريب جدا من الواقع، وانا بحسب عملي في المحاماة تصادفني حالات كثيرة تمثل شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة، لهذا أقول إن العرض كان ممتازاً جدا ومعبراً فعلا.علي بن عامر الصحفي والمذيع في إذاعة عدن تحدث عن العرض قائلا: نحن تعودنا أن نرى الفرقة في أعمال كوميدية من قبل، ولم أتوقع ان يكون هذا العمل بهذا الشكل المبهر .وأضاف: أنا اعتبر أن هذا العمل ناجح 100 % كما أن القضايا التي ناقشتها المسرحية من القضايا المحورية المهمة داخل المجتمع، استطاع تقديمها المخرج بقالب فني جميل فوق الوصف وكان الطرح رائعا جدا.