يعد أحد أهم المشكلات السكانية في اليمن
تعد مشكلة توزيع السكان إحدى أهم مشكلات السكانية التي تعاني منها الجمهورية اليمنية، حيث تتميز اليمن بامتداد جغرافي يتنوع بين الصحارى والهضبات والجبال التي كان لها الأثر المباشر في تشكيل خريطة التوزيع السكاني للجمهورية، حيث تتصف بعض الأقسام التضاريسية ببعض الميزات الطبيعية والبشرية تجعلها مناطق جذب سكاني، بينما تتصف مناطق أخرى بظروف جغرافية تجعلها مناطق طرد سكاني، لذا تقل فيها كثافة السكان.أشكال التوزيع السكاني في اليمنمما لا شك فيه أن المظهر التضاريسي والتنوع المناخي لليمن قد أثر في توزيع السكان بين محافظات الجمهورية، كما أثر في مناطق تواجدهم وتركزهم وتشتتهم ما بين مدن كبيرة وصغيرة وقرى كثيرة متناثرة في مختلف أرجاء اليمن، ويمكن إيجاز الصورة العامة لتوزيع السكان في اليمن على النحو التالي :تركز السكان بشكل واضح في سلسلة المرتفعات غرب اليمن، حيث ساعدت التربة الخصبة واعتدال الحرارة وسقوط الأمطار الغزيرة على تركز السكان فيها بالرغم من وعورة السطح.تنتشر تجمعات سكانية على امتداد المناطق الساحلية الغربية والجنوبية، حيث توجد مراكز صيد الأسماك والموانئ التجارية المهمة.تشكل الأودية المتجهة شرقاً وغرباً وجنوباً مناطق أخرى للتركز السكاني، حيث يمارس السكان حرفة الزراعة والرعي.تمثل المناطق الصحراوية الشرقية التي يسود فيها المناخ الصحراوي الجاف، أقل مناطق اليمن في معدلات الكثافة السكانية.[c1]يندر السكان في معظم الجزر اليمنية باستثناء جزيرتي سقطرى وكمران.[/c]وقد لعبت العوامل البشرية دوراً مهماً في إعادة توزيع السكان وذلك من خلال بروز الظاهرة المدنية خلال الربع الأخير من القرن العشرين متمثلة في المدن الإدارية والاقتصادية ومنها أمانة العاصمة وعواصم المحافظات، حيث زادت الهجرة الداخلية إليها بشكل كبير ما أدى إلى تضاعف عدد سكان بعضها خلال أقل من عشر سنوات، وكذا ربط محافظات الجمهورية بشبكة من الطرق المعبدة ساعد على تركز السكان حول هذه الطرق ومنها أكبر تجمع سكاني حول الطريق الممتد من صعدة شمالاً إلى عدن جنوباً حيث تتركز عليه أكبر وأهم المدن اليمنية، بالإضافة إلى أن الهجرة الخارجية ساعدت على إعادة توزيع السكان بين الريف والحضر، حيث تفضل الأسر الريفية المهاجرة خارج اليمن الاستقرار في المدن إذا ما عادت إلى الوطن، وقد برز ذلك بشكل واضح بعد عودة حوالي ثلاثة أرباع مليون مهاجر بعد حرب الخليج الثانية، حيث استقرت أغلب الأسر العائدة في المدن الرئيسية وإضافة إلى تلك العوامل ينبغي ألا نغفل عن عوامل أخرى طبيعية أبرزها شدة الانحدار، ووعورة السطح، واتساع المناطق الصحراوية التي أثرت بشكل متوازن على امتداد أراضي الجمهورية، ويبدو ذلك واضحاً من خلال التباين في مشاريع التنمية بين المدن والأرياف.ويعد توزيع السكان من العناصر المهمة في الدراسة التنموية من منظور سكاني لعلاقته ببرامج وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذلك أبرزت نتائج تعداد 2004م بعض أشكال توزيع السكان، ومنها التوزيع حسب التقسيم الإداري والمناطق الجغرافية.[c1]التوزيع السكاني وفق الأقسام الطبيعية[/c]يرتبط التوزيع حسب الأقسام الطبيعية بتوزيع السكان حسب تضاريس الجمهورية، ويتمثل ذلك بتوزيع السكان على المناطق الجبلية والسهول الساحلية والهضاب الشرقية ثم الصحارى الشرقية والجزر اليمنية في كل من البحر الأحمر والبحر العربي، ولهذا التقسيم صلة مباشرة بنشاطات السكان الاقتصادية والموارد الطبيعية إضافة إلى الخصائص الاجتماعية والثقافية التي تختلف من بيئة جغرافية إلى أخرى.[c1]التوزيع السكاني وفق التقسيم الإداري[/c]إذا كان التباين في توزيع السكان واضحاً على مستوى المناطق الطبيعية، فإنه يشهد تبايناً واضحاً أيضاً على المستوى الإداري والإحصائي المتمثل بالمحافظات والمديريات والعزل والقرى والمحلات في الأرياف وكذا الأحياء والحارات في المدن، حيث تمثل المديرية وحدة إدارية تابعة مباشرة للمحافظة وتوجد بها مكاتب الإدارات الأمنية والقضائية والتعليمية والصحية وغيرها، ويأخذ كل قسم مما سبق توزيعاً معيناً للسكان، حيث يتوزع سكان اليمن على (21) محافظة، تشمل (333) مديرية، يتفرع عنها (2200) عزلة وحي، وتشمل (36.986) قرية و(91.489) محلة وحارة.[c1]التوزيع السكاني الحضري والريفي[/c]ثمة مصطلحات متداولة في الدراسات الحضرية تتطلب تحديدها لتسهيل التعامل مع الموضوع ويقصد بها سكان المدن، أما الحضرية فتتفق مع ظاهرة الحضرية ككل في حجمها، ومدى انتشارها وامتدادها المكاني، ونوعية الحياة الحضرية ومستوياتها ومشكلاتها، لكن مصطلح التحضر يطلق على عملية التوسع الحضري، وترتبط الحضرية والتحضر ارتباطاً وثيقاً، فخريطة الحضرية ما هي إلا نتاج نهائي لعملية التحضر وعوامله والقوى الدافعة إليه.تعاني معظم مناطق الريف في الدول المتقدمة من تفريط سكاني، بينما تعاني الدول النامية من الإفراط السكاني، والسبب في الحالة الأولى هو تركز المناشط الاقتصادية في المدن الكبيرة والسبب في الحالة الثانية هو محدودية الأراضي الزراعية وسرعة النمو السكاني وتركز الخدمات والسلع في المدن بصورة واضحة أكثر من الريف، وقد شهد القرن العشرون تحضراً سريعاً، وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإنه مع حلول سنة 2025م سوف يكون (60%) من سكان العالم سكان حضر، ويؤدي تزايد التحضر إلى تزايد الطلب على الحيز الحضري لإنشاء محلات العمران والطرق والتسهيلات الخدمية والسياحية والترويجية، ويؤثر أي تطور حضري بصورة سلبية في بيئة المدينة من تلوث وتغير مناخي وتغير في مستوى الماء الأرضي ورفع مستوى الأرض خاصة في الأجزاء القديمة من المدينة.يشكل توزيع السكان إلى ريف وحضر أحد أهم جوانب الدراسات السكانية، لما لذلك من علاقة مباشرة بوضع التصورات لمتطلبات المحافظات حسب مكوناتها الريفية والحضرية، ولقد شهدت محافظات الجمهورية اليمنية تحولات مهمة في نسب سكان الريف والحضر بين تعدادي 1994 - 2004م، تمثل بنمو سكان الحضر مقابل سكان الريف، حيث أشارت نتائج تعداد 1994م، إلى أن نسبة سكان الحضر كانت حوالي (23.5%) بينما ارتفعت هذه النسبة لتصل عام 2004م إلى حوالي (28.64%)، إن تلك المؤشرات قد تشهد تحولاً ملحوظاً خلال السنوات القادمة لعدة أسباب منها :النمو السكاني لبعض التجمعات السكانية الريفية مما قد يحولها إلى مراكز حضرية حسب المقاييس الإحصائية المعتمدة من الجهاز المركزي للإحصاء، حيث يعرف الجهاز المركزي للإحصاء المدينة من وجهة نظر إحصائية بأنها تشمل مراكز المحافظات ومراكز المديريات إضافة إلى كل تجمع سكاني يصل إلى (5000) نسمة.الهجرة الداخلية المستمرة من الريف في اتجاه الحضر، والتي تؤدي إلى ارتفاع مستمر في نسبة سكان الحضر مقابل سكان الريف.برامج التنمية الموجهة من الدولة إلى بعض المدن الثانوية والمراكز العمرانية الصغيرة في الأرياف مثل مراكز المديريات بهدف كبح تيارات الهجرة الداخلية.قيام الحكومة بتغيير خريطة التقسيمات الإدارية على مستوى المحافظات والمديريات، وقد برز ذلك في السنوات الأخيرة من خلال صدور قرارات جمهورية بإنشاء محافظات عمران والضالع وريمة التي تأتي في سياق تنمية المناطق الريفية بما يساعد على احتفاظها بسكانها، حيث تضع الدولة خططاً تنموية خاصة بالمحافظات الناشئة، تساعد على توفير فرص عمل جديدة لسكان تلك المحافظات واستغلال إمكانياتها الطبيعية والبشرية بشكل أفضل يهدف إلى معالجة مشكلة الهجرة الداخلية وخاصة المتجهة إلى المدن الكبيرة.بروز مشكلة نقص المياه في أغلب المدن اليمنية الكبيرة وهذا بدوره سيؤثر إلى حد كبير في حجم الهجرة الداخلية إلى تلك المدن.[c1]الكثافة السكانية[/c]تعد الكثافة السكانية إحدى أهم المؤشرات التي تبرز العلاقة بين عدد السكان ومساحة الأرض التي يعيشون عليها، ومن ثم توقع القدرة الاستيعابية لأعداد إضافية من السكان في المساحة الجغرافية المحددة، ويسعى كثير من المختصين إلى معرفة أبعاد تلك العلاقة من خلال مقاييس مختلفة للكثافة السكانية تتصل بالأهداف التي تسعى تلك الدراسات إلى تحقيقها، ومن أبرز أنواع الكثافة السكانية الكثافة العامة والكثافة الفيزيولوجية ودرجة التزاحم السكاني، وتشكل مؤشرات النمو السكاني السنوي أحد أهم العوامل التي تؤثر في مؤشرات الكثافة السكانية بأنواعها المختلفة.[c1]الهجرة وأثرها في نمو السكان[/c]الهجرة هي إحدى حقائق الحياة البشرية وتمثل جانباً من جوانب السلوك البشري منذ نشأة الإنسان فهي ظاهرة سكانية لها دلالاتها وأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية المختلفة.وتعد الهجرة بنوعيها الداخلية والخارجية من أهم المؤشرات السكانية المؤثرة في نمو السكان وتوزيعه وتركيبه، حيث يمثل المهاجرون عنصراً مضافاً إلى الموطن المهاجر إليه ما يؤدي إلى التأثير في مختلف الخصائص السكانية للمنطقة المهاجر إليها وما ينتج عن ذلك من مؤثرات اقتصادية واجتماعية وثقافية، كما يترتب على ذلك مؤثرات أخرى في الخصائص السكانية والاجتماعية والاقتصادية للمنطقة المهاجر منها.لقد استغرق كثير من الباحثين الذين اهتموا بدراسة ظاهرة الهجرة اليمنية في التأكيد إن ظاهرة الهجرة اليمنية تمثل ظاهرة قديمة عرفها اليمنيون منذ القدم، وأكد الباحثون أن الهجرة اليمنية ظاهرة اجتماعية اقتصادية وسياسية وفكرية ودينية.وتعد الهجرة اليمنية بنوعيها الدولية والداخلية من العوامل المهمة التي ساعدت على إعادة توزيع السكان وانتشارهم سواء على المستوى الدولي من خلال الهجرات القديمة والحديثة، حيث تتواجد الجاليات اليمنية في مختلف قارات العالم، أم على المستوى المحلي من خلال الهجرة الداخلية التي لعبت دوراً مهماً في تشكيل الخريطة السكانية الحالية لليمن.