انطلاق قطار الختايم الرمضانية في مدينة المكلا بمهرجانات فرائحية تربط ماضي الأجداد بحاضر الأحفاد
المكلا / مجدي بازياد:تصوير/ رشيد بن شبراق:
أجواء أسرية تبرز في مدينة المكلا في شهر رمضان الفضيل إذ تشهد المدينة عددا من الفعاليات الروحانية التي تقارب بين القلوب، وتعد ظاهرة الختايم أبرز تلك الفعاليات حيث يلتئم ماضي الأجداد الغابر بحاضر الأحفاد الجميل فترى أمام ناظريك شيوخ ورجال وشباب وأطفال مدينة المكلا أسرة واحدة وهم يحتفلون بمناسبة عظيمة ينتظرونها كل عام بشوق، ومنذ سنوات اتفق أبناء حضرموت على إقامة مناسبات فرائحية أيام وليالي شهر رمضان المبارك يلتم خلالها شمل الأسرة في ما يسمى (الختايم)، وفي هذه الأجواء الروحانية الممزوجة بعبق الموروث الحضاري انطلق بمدينة المكلا قطار الختايم الرمضانية بدءا من مسجد بايعشوت بالمكلا في الثامن من رمضان حتى السابع والعشرين منه، ختم قبة الولي يعقوب تلك المناسبات التي ينتظرها الصغار والكبار التي تعد عادات قديمة دأب عليها أهالي حضرموت منذ قرابة المئتي عام.
ويتم الإعداد والتهيئة للاحتفاء بهذه المناسبة من وقت العصر حيث يفترش الباعة في الساحات المحاطة بالمسجد الذي ستقام فيه هذه الأمسية عارضين بضائعهم من لعب الأطفال والحلويات والمكسرات التي يصنع البعض منها خصيصا لهذه المناسبة إلى جانب نصب أراجيح الأطفال. فيما يقوم الآباء وبعض الأمهات والأجداد باصطحاب أبنائهم وأحفادهم إلى تلك الساحات وهم يرتدون الملابس الجديدة الخاصة بهذه المناسبة، وأكثر ما يميز الختايم الأجواء الروحانية والأسرية التي تطغى عليها حيث تشهد لم شمل الأسر وصلة الأرحام على مائدة الإفطار فتجد المنازل المجاورة للمساجد مملوءة بالضيوف لتناول وجبة الإفطار والعشاء معا وهي مناسبة جيدة لتصفية النفوس وتعزيز الوئام بين أفراد الأسرة في الشهر الفضيل.
في لحظة ترقب من أبناء المكلا في الداخل ولهفة وشوق من أبناء المكلا في الخارج التأم شمل الأسرة من جديد في الختم السنوي الرمضاني الثامن لمسجد الفلاح، وصار حي السلام عصر يوم أمس الأربعاء قبلة الكثيرين لحضور ختم الفلاح بعد السمعة الطيبة التي خلفها على مدى سبع سنوات سابقة وتوافد على حي السلام الزائرون من الأحياء المجاورة الذين اصطحبوا أطفالهم لتعريفهم بإرث وحضارة أجدادهم، وفي تألق شبابي في إعادة الروح لموروث المكلا الشعبي تفنن شباب حي السلام في إعادة الذكريات للأيام الخوالي للاحتفالات السنوية لمساجد مدينة المكلا مجددين الصورة التي تؤرخ لعادات أسرية حميمة يتبادل من خلالها الأهالي الزيارات والعزائم الرمضانية، وتم عرض لوحة فنية راقصة قدمها ثلاثون طفلا وطفلة من أبناء حي السلام على مدى ساعة ونصف فيما استقطبت الخيمة التراثية العديد من الزوار الذين أبدوا إعجابهم بمكونات المطبخ الحضرمي المتنوع خلال شهر رمضان، وكان للطفولة البريئة حضورها الفاعل من خلال تقديم العديد من الزهرات وهن مرتديات الملابس الحضرمية البدوية المطرزة بالفضة وممسكات بقناطر البخور التي فاحت رائحتها معطرة المكان.
[c1]تثمين حكومي وإشادة سنوية[/c]خلال زيارته لموقع الختم ثمن وكيل وزارة الإدارة المحلية عمر سالم العكبري جهود جمعية السلام الشبابية في الحفاظ على الموروث الشعبي والإرث الحضاري لمحافظة حضرموت ومدينة المكلا على وجه الخصوص.وأضاف أن الحفل الذي تنظمه الجمعية يمثل تظاهرة روحانية ودينية واجتماعية لأبناء مدينة المكلا تضاف إليها علامات الفرحة والبهجة التي ترتسم على محيا الصغار والكبار، لتعريف الأجيال الجديدة بإرث وماضي أجدادهم.وأشاد بمستوى التنظيم والإعداد والتحضير وحجم المشاركة الشعبية في هذه التظاهرة الرائعة متمنيا الحفاظ على هذه العادات والتقاليد وتطويرها لتصبح تقليدا سنويا راسخا وتشكل لوحة تعرض كل ما يتعلق بتاريخ حضرموت وموروثها وحضارتها وإرثها الإبداعي والثقافي.
[c1]تنافس روحاني وحراك ديني [/c] بدوره قال الأخ سالم صالح بن عبد الحق مدير مديرية المكلا: إن ختم الفلاح يواصل تسجيل التميز والإبداع كل عام موضحا أن القائمين على الختم كان لهم شرف إطلاق شرارة الفرح والبهجة الروحانية التي عمت أرجاء مساجد المكلا وحققت تنافسا أسهم في توسيع دائرة الفرح الروحاني كل عام في شهر رمضان الفضيل مبينا أن «احتفالية هذا العام متميزة مثل سابقاتها والشباب في جمعية السلام الشبابية نجحوا بتقدير امتياز في ما قدموه حيث أن الختم يقدم نموذجا مشجعا للشباب والأطفال للتمسك بعادات الأجداد والموروث الحضاري الجميل ونحن في السلطة المحلية نبارك ونثمن هذه الجهود وندعو أهل الخير والمحبين للتراث إلى دعمها وتوسيع دائرتها».[c1] جمع الكلمة والتئام الشمل [/c]وقال رئيس جمعية السلام الشبابية الأخ وسيم النهدي إن الجمعية تحرص على تنظيم الختم سنويا لجمع شمل الأحبة والأهل في مدينة المكلا في مهرجان روحاني فرائحي كبير يربط ماضي الأجداد بحاضر الأحفاد ، مضيفا أن ختم هذا العام رغم أنه يأتي في ظروف استثنائية ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة في بلادنا إلا أن الجمعية حرصت على تنظيم ختم هذا العام لبث الفرح والتفاؤل بين أوساط المواطنين.[c1]مظاهر احتفالية متعددة[/c]وقال النهدي إن الأعمال التي قدمت في ختم هذا العام كانت مختلفة عن الأعوام السابقة حيث تميز ختم هذا العام بعرض لوحة فرائحية قدمها ثلاثون طفلا وطفلة من أبناء حي السلام على مدى ساعة ونصف من تصميم الشاب طارق علي باكثير وكلمات وجدي مرزوق وإشراف أشرف بادباه ويخرجها ميدانيا صلاح بارمادة ومن تسجيل ومونتاج أستوديو السعيد بالمكلا وتتضمن عادات رمضانية تراثية مثل الزف على صوت الطيران ونصب الخيمة التراثية على ساحة الاحتفال وتحوي الأدوات المنزلية القديمة في البيت المكلاوي خاصة والحضرمي عامة وتوجد بها الأدوات القديمة مثل القفاف والزير والجحلة وغيرها. وتقدم النهدي بالشكر والتقدير لكل من ساهم في الترتيب لإنجاح هذه الفعالية السنوية لمسجد الفلاح بالمكلا داعيا كل من لديه أية مقترحات أو آراء تهدف إلى تطوير الاحتفال وإضفاء ألوان جديدة إلى تقديمها من أجل الحفاظ على الموروث الشعبي للمكلا وإبرازه وإظهاره في صورة تعكس مدى أهميته في حياة أهالي المدينة وتقدم موروثنا الشعبي في قالب حضاري وتراثي جميل.[c1]تعزيز الروابط الأسرية[/c] المسئول الإعلامي لختم مسجد الفلاح بالمكلا الأخ فؤاد عوض باضاوي أكد أن إقامة مثل هذه الفعاليات الفرائحية تنثر أجواء المحبة والتكافل وتعزز الروابط والأواصر بين مختلف شرائح المجتمع في ظل تشاغل الناس بهموم الدنيا، وأضاف أن هذه المناسبة تسهم في جمع شخصيات أرهقها تعب المشاغل خلال عام كامل فكان ختم الفلاح الذي يجمع أبناء المكلا من أقصاها إلى أقصاها ليرسموا لوحة تكافل اجتماعي فريدة خاصة بأهل المكلا ، وأثنى باضاوي على مجهودات القائمين على الجمعية بهدف الحفاظ على تراث مدينة المكلا الزاخر. [c1]وقفة لإحياء ذكرى فقيد التراث الشعبي[/c] وتابع رئيس اللجنة الإعلامية للختم يقول : إن الختم لهذا العام كان بمثابة وقفة للتذكير بما قدمه الفنان الشعبي الكبير سعيد عمر فرحان «أبو عمر» الذي تفتقده المكلا في ختم هذا العام الذي كان مباركا ومشاركا لكل ختايم مسجد الفلاح بالمكلا خلال السنوات السبع الماضية.وأضاف باضاوي أن اللجنة المنظمة لفعاليات المهرجان أعدت الكتيب السنوي لختم الفلاح المتضمن وقفة للإعلامي فؤاد عوض باضاوي بعنوان «افتقدناه» يشير فيها إلى مناقب الفقيد الراحل «أبو عمر» وآخر للإعلامي عوض سالم ربيع بعنوان «ختم الفلاح أنموذجا» إضافة إلى كلمات عابرة تمجد الختم على مدى سبع سنوات وعرض بالصور التذكارية لفعاليات الختم السابقة.ودعا باضاوي السلطة المحلية ومكتب الثقافة بالمحافظة إلى الإعداد لتنظيم حفل تكريمي يليق بهذه القامة الثقافية والتراثية الشعبية التي أثرت التراث الحضرمي، وكان لها دور كبير في نشره والتعريف به في الداخل والخارج من خلال مشاركاته المتعددة في عدد من الاحتفالات المحلية والعربية والإقليمية والدولية.[c1]فرحة الأطفال[/c] ناصر سعيد دعكيك من سكان حي السلام بالمكلا قال : إن ختم الفلاح بقدر الترقب الذي زرعه في نفوس الكبار كل عام، إلا أن فرحة الصغار لا تقل عن ذلك وهم يتلهفون كل عام للمشاركة في فعالياته المتنوعة.وأضاف : أحرص على اصطحاب الأطفال لكي يرون عادات الأجداد ومدى بساطة الحياة في تلك الحقبة، وفي هذا اليوم من كل عام نجتمع بالإخوة والأخوات ونتناول وجبة الإفطار بعد أن فرقتنا مشاغل وهموم الحياة وهذه عادة حميدة، كونها تمثل اجتماعاً وتواصلاً اجتماعياً وتزاوراً للأهل والجيران، وطبعاً ذلك شيء جميل والأجمل أنه يتم خلال شهر رمضان وحول مائدة الإفطار التي يقبل فيها الله الدعوة من الصائمين. [c1]ختم مسجد بايعشوت انطلاقة ثانية بلون مغاير[/c] أطلق أبناء مسجد بايعشوت في الحارة صافرة بداية الختايم لشهر رمضان الفضيل في مدينة المكلا في ختمهم السنوي الرمضاني الثاني لمسجد بايعشوت حيث احتشد المئات من شباب مدينة المكلا وأقربائهم وأطفالهم بعد صلاة عصر يوم الاثنين الثامن من رمضان في الحي المحيط بالمسجد، بعد أن سارت قوافل الشباب والأطفال المبتهجين من جانب معهد باشريف إلى الساحة المعدة للاحتفال بالختم، واحتضنت ساحة الختم فقرات متنوعة بدأت بزهرات الحارة اللواتي قدمن فواصل وأهازيج تراثية ترحيبا بمقدم شهر الخير رمضان ومشاركة ضاربي الدفوف وحملت الفوانيس، ورقصات العدة، وفرق الشامية التي تردد دوما أهازيج الفرح للأطفال وهم يرددون الأناشيد والأدعية الروحانية، يتقدمهم سفينة الصحراء مصحوبين بأدخنة البخور التي أضفت أجواء من السعادة والفرح والبهجة.وأوضح الأخ جعفر علي عوض الرباكي رئيس اللجنة المنظمة للختم أن أبناء مسجد بايعشوت بالمكلا احتفلوا في الثامن من رمضان الفضيل بختم المسجد المدشن لفعاليات الختايم الرمضانية السنوية بمدينة المكلا في أجواء روحانية فرائحية بحضور مسئولين وشخصيات اجتماعية معروفة في مدينة المكلا ، مضيفا أن ختم هذا العام اتخذ طابعا مغايرا ولونا جديدا أظهر موروث المنطقة، وتم فيه عرض تراث أبناء الحي، ولبست بنات الحي الحلل والملابس البدوية، وقدمت أناشيد دينية وأدعية روحانية، مشيرا إلى أن أبناء الحي تداعوا لإضفاء لون متجدد لمسجد بايعشوت في عامه الثاني بوصفه المدشن لفعاليات الختايم الرمضانية في مدينة المكلا.




