أضــــواء
المرأة فتنة، وبالضرورة ستفتن.. وهي (في مطلقها) عورة لابد أن تستر.. والشك فيها وسيلة لتحقيق غاية والغاية هنا هي (القيد المزمن والقبضة المحكمة) هذا المفهوم يجسد أحد أكثر أنظمتنا الاجتماعية غير المرئية قسوة.. ونرزح تحت ضغوط وتعطل مصالحنا وبعض تفاصيل حياتنا.. بسبب عدم معالجتها وتحقيق سماحة الدين وتغليب الوسطية.يمارس اليوم الشك في الأنثى حتى يثبت العكس، ويتمخض عنه مطالبتها بإثبات الولاء للعادات والتقاليد والتشدد المفروض عليها والخلط المتعمد بين التدين الإيجابي المطلوب وقيم المحافظة التي نقدرها ونجلها لأنها خيار بعض الشرائح في مجتمعنا.. في الوقت نفسه لا نسمح أن تفرض على الجميع.. ولا أن يهاجم المطالب بإصلاح الخطاب الديني ويتهم بالتغريب.نتناول التطرف المفضي إلى حصادنا قضايا العزل الموغل في الإقصاء إلى درجة تعطيل مصالح النساء في المرافق الحكومية وأن يسمح لأي ذكر مواطنا ومقيما بالدخول ويقال للمواطنات (ممنوع دخول الحريم)..إلخ القضايا التي حفظناها عن ظهر قلب جذرها حدة الموقف من الأنثى، ووقود أتونها المستعر المتمثل في خصلة الشك في من يفكر في الاقتراب منها حتى لو كان طابع الاقتراب يحمل أسمى درجات الرسمية.!!أحد أبرز مفرزات سطوة الشك.. ربط حياة وتنفس المرأة بالوكيل الشرعي رغم استحالة توفر وكيل أو ولي أمر لكل مواطنة لأن الحياة لا تسير بالتبعية بل بتأهيل الفرد سواء أنثى أو ذكر ليعتمد على نفسه ونبذ أن يكون عالة على الآخرين، الأنثى (مهما بلغت من المكانة والعمر والتحصيل العلمي) حبيسة أنوثتها.أفرد لهذا التحليل مساحة بعد ملاحظة حالة من التذمر سادت أثناء تبادل عنوان صحفي على مواقع التواصل الاجتماعي.. (وزير التربية والتعليم: لقائي بالطالبات ليس مخالفة شرعية.. ويجب أن نترفع عن مزالق الشك..!) عندما يبرر موقف عادي مختلف عليه في المجتمع ويحدث في الأسواق والمهرجانات والمطارات وغيرها.. فهذا يعني أن الالتفات لرأي أحادي تكرر في العديد من القضايا التي تقترب من الأنثى مزايدة على طابع مجتمعنا المحافظ ومؤشر إلى وجود ما يستحق معالجته ولا يمكن تفكيك بنيته المتزمتة بدون إرادة وبرامج تحمي الأجيال من تطرف سلطة العزل...لا يوجد أحد فوق النقد، في المقابل لا أحد من حقه أن يفرض رؤيته على أنه يمثل رأي المجتمع المحافظ.مزالق الشك تجتث من خلال التعليم والمناهج وتنمية مهارات التعامل مع الناس والاختلاف معهم وبالتالي تصنع من الإنسان فردا يحترم نفسه ويراعي الآخرين وخياراتهم.. هذا مشروع دولة ونخب وجانب مهم منه يقع على عواتق التربويين والقادة ويحتاج نهضة فكرية وثقافية يتحمل مسؤوليتها الجميع.[c1]*عن صحيفة ( عكاظ ) السعودية [/c]