في خطبتي (جمعة الاعتصام بحبل الله).. الشيخ كمال باهرمز :
صنعاء / سبأ :أدى ملايين اليمنيين يوم أمس الجمعة صلاة « جمعة الاعتصام بحبل الله «في الساحات والميادين العامة بأمانة العاصمة صنعاء وعموم محافظات الجمهورية.وفي خطبتي صلاة الجمعة بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء حث الخطيب فضيلة الشيخ كمال باهرمز كافة أبناء اليمن على التقوى والاعتصام بحبل الله عملا بقوله تعالى « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم ْبِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّار ِفَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»، وقال تعالى « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا».وقال: «بعد أيام قليلة نستقبل ضيفا عزيزا على قلوبنا هو شهر رمضان المبارك، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل شهر رجب الكريم «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».وأشار إلى فضائل شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، شهر أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، الشهر الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم « أنه من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى فيه سبعين فريضة فيما سواه» .وأضاف: «إن رمضان هو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة ، وهو شهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا لرقبته من النار، قال الصحابة رضوان الله عليهم أجمعون يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم قال عليه الصلاة والسلام : يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على شربة ماء أو وجبة تمر ومضغة لبن».وتضرع خطيب الجمعة إلى المولى عز وجل أن يهل رمضان على الأمة وقد رفع عنها البلاء والضر والفتنة الذي تعيشه، وفرج عنها ما تعانيه من كروب قال تعالى « إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شيئًا أن يقولَ لَهُ كُنْ فَيَكون».. مبتهلا إلى الله العلي القدير أن يحفظ اليمن وسائر بلاد المسلمين من كل مكروه .
وتابع :«نحمد الله عز وجل على ما أصابنا من بلاء ونحمده على ما يصيبنا من فرج بإذنه سبحانه وتعالى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له».كما حمد الله سبحانه وتعالى على سلامة رئيس الجمهورية حفظه الله وسدد على طريق الخير خطاه الذي تعرض ومعه كبار رجال الدولة لمحاولة اغتيال في أول جمعة من شهر رجب الحرام في بيت من بيوت الله، حيث لم يراعوا حرمة بيت الله ولا يوم الجمعة ولا الشهر الحرام.ولفت خطيب الجمعة إلى ما تضمنته كلمة رئيس الجمهورية في السابع عشر من يوليو الجاري بمناسبة ذكرى توليه قيادة الوطن ودعوته بعد كل ما جرى له إلى الحوار وإصراره على الحوار باعتباره المخرج الحقيقي من الأزمة.وقال الخطيب باهرمز :«حقيقة إن الحوار هو الطريق الصحيح للخروج بالوطن من الأزمة التي يعاني منها وإذا رجعنا إلى كتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام فإننا سنرى أن الله تعالى تحاور مع بعض خلقه ، حاور آدم عليه السلام والملائكة والشيطان وخاطب الله تعالى بعض أنبيائه ورسله عليهم صلوات الله وسلامه».وأضاف: «لو لم يكن هناك حوار فإن الدمار سيحل بدلا عنه والعياذ بالله وقد ظهرت آثار الدمار في بعض المحافظات ، وسمعتم أن محافظة أبين المنكوبة هدمت الكثير من بيوتها وبعض مساجدها وقتل فيها الكثير من الناس بل العشرات والمئات سواء من الجيش أو من (القاعدة) أو المواطنين الذين لا ذنب لهم لكنها الفتنة والبلاء الذي عم الجميع، وشردت آلاف الأسر عن أوطانهما التي ترعرعت فيه بسبب الفتنة».ودعا الخطيب كافة أبناء اليمن إلى التوبة والاستغفار واستقبال شهر رمضان الكريم بقلوب نظيفة وطاهرة خالية من الحقد والكراهية فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة في حديثه قائلا «دب عليكم داء الأمم من قبلكم البغضاء والحسد ، لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين»، وقال عليه الصلاة والسلام «والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابوا ألا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم».وتابع:«إن من معاني السلام العظيمة، الأمان، فافشوا السلام بينكم وانشروا الأمان، فلا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له .. مخاطبا أحزاب (اللقاء المشترك) والمعارضة بالقول : «نحن أمة واحدة وكلنا مسلمون ومؤمنون ولنا رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة، فتعالوا إلى الحوار والجلوس مع أصحاب القرار على طاولة واحدة وعلى الجميع التنازل من أجل اليمن، فلو تمسك كل طرف برأيه ومطالبه لا يمكن أن تحل المشكلة».
وقال:«لقد سمعنا رئيس الجمهورية يقول تخاطبوا وتحاوروا مع نائب الرئيس المعروف بمواقفه المبدئية التي لا تتغير ولا تتبدل مهما كانت التحديات والأخطار ، فهو أهل للثقة والمسؤولية، ورئيس الجمهورية يقدر دور نائبه وإسهامه في إخراج الوطن من الأزمة الراهنة، لكن البلاء لا يزول إلا بالأسباب ولا بد من العمل بالأسباب ، فإذا اجتمعت الأسباب مع الدعاء رفع الله البلاء وآثار الدمار والفتن عن الجميع».ولفت إلى الآثار التي لحقت بالوطن جراء الفتنة والأزمة من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وزيادة أسعار المشتقات النفطية، بل انعدامها في أغلب الأحيان التي تسببت في التخاصم والتشاجر بين الناس وأزهقت إثرها النفوس .وتساءل خطيب الجمعة : من المسؤول عن الدماء التي سالت خلال الأشهر الستة الماضية؟ وقد حرم الله تعالى على لسان نبيه في حجة الوداع الدماء والأعراض والأموال عندما قال:«إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، وهو يرفع يده إلى السماء وينكثها إلى الناس ألا هل بلغت اللهم فشهد، ثم قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».وقال: «على كل واحد منا إذا أراد السلام في دينه ودنياه أن يحفظ لسانه من الذم ويده من الدم حتى يوفقه الله تعالى إلى الخير، فحفظ اللسان عن الذم واليد من الدم هي دعوة النبي عليه الصلاة والسلام لما سئل أي المسلمين أفضل، فقال : من سلم المسلمون من لسانه ويده، بل إذا أردت الجنة يا عبدالله بضمانة الرسول فاحفظ ما بين لحييك وفخذيك قال صلى الله عليه وسلم « من ضمن لي ما بين لحييه وفخذيه ضمنت له الجنة».وأضاف: «تمر الأمة بمراحل الاستعمار والاستهتار والاستكبار ، مراحل عدة وجميعها هي نتاج لفتن أخبر عن وقوعها النبي عليه الصلاة والسلام «فتنة السراء أو فتنة الأحلاس أولا ثم فتنة السراء ثم فتنة الدهيماء والفتنة الرابعة الصماء والعمياء والبكماء التي يؤول فيها أمر الأمة إلى الكافر والعياذ بالله التي حذر منها المصطفى عليه الصلاة والسلام بأنه لا ينجو منها إلا من دعاؤه كدعاء الغريق وهي الفتنة التي تعيشها الأمة حاليا كما يقول العلماء، لأنك تخاطب الكثير من الناس فلا يستجيبون لك لأنهم بالفتنة الصماء والعمياء والبكماء». وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم بين في فقه التحولات كل شيء يمر في حياة الأمة من خير وشر ، فقال عليه الصلاة والسلام «تركتكم على المحجة البيضاء الطاهرة النقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك».. معبرا عن الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا على رعايتهم الكريمة لرئيس الجمهورية وكبار مسؤولي الدولة وموقفهم الثابت الداعي إلى جمع الكلمة ووحدة الصف ونبذ الفرقة والاختلاف بين أبناء اليمن الموحد.وتابع:«إذا أردنا الرحمة والفرج من الله تعالى علينا أن نعمل بتعاليم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولن يأتي الفرج مما نحن فيه إلا بالتوبة الصادقة والإخلاص والدعاء والحوار».. داعيا العلماء العقلاء إلى أن يتقوا الله في هذه الأمة ويقولوا كلمة الحق ليجمعوا شمل الأمة باعتبارها أمة واحدة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».ووجه رسالة إلى الشباب قائلا : «أنظروا إلى إخواننا في تونس ومصر ماذا جنوا ، هل انتهت المشاكل التي يعيشونها أو التي كانوا يعيشونها ، هل تغيرت الأحوال إلى الأحسن أم إلى الأسوأ وهل تحسنت أوضاعهم المعيشية أم ازدادت سوءا، فالواقع يثبت أن كل شيء حصل صار إلى العكس، حيث تعقدت الأمور وارتفعت الأسعار وكثر البلاء».. داعيا إياهم إلى العظة والعبرة مما حدث في تونس ومصر.وقال:«إن الناس صنفان، إما أن يكونوا من أتباع النبي عليه الصلاة والسلام الداعي إلى الرحمة والمحبة والأخوة بين أبناء الأمة بقوله صلى الله عليه وسلم «الراحمون يرحمهم الرحمن، ومن لا يرحم لا يرحم»، وإما أن يكونوا من أتباع الشيطان الذي يريد العداوة للأمة والفساد والإفساد قال عليه الصلاة والسلام «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم».وتساءل فضيلة الشيخ باهرمز قائلا «أليس من يدعو إلى المحارشة يدعو إلى الشيطان ويثبت منهجه الذي حذرنا الله تعالى منه بقوله «إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدو إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير»، فهل اتخذناه عدواً كما أمرنا الله أم اتبعناه في دعوته ويوم القيامة يتخلى الشيطان عن أتباعه وأصحابه».ولخص خطيب الجمعة علاج الفتنة التي تعيشها اليمن في ثلاثة أمور: الأول الحوار فالحوار يقابله الدمار والعياذ بالله، والأمر الثاني الدعاء قال عليه الصلاة والسلام «إن الدعاء والبلاء يعتلجان في السماء يتصارعان في السماء فينتصر الدعاء على البلاء فيرفع الله البلاء ببركة الدعاء، قال تعالى «وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين».وأردف قائلا:«أما الأمر الثالث فهو الصبر فالرسول عليه الصلاة والسلام قال «إنكم ستلقون بعدي أثرة ومعنى أثرة أي استئثار بالدنيا والمال من قبل الولاة أو من قبل أعوانهم أو من قبل أيا كان استأثر ، قالوا: ماذا نفعل يا رسول الله ، قال : عليكم بالصبر» ، ولم يقل عليكم بالخروج وإثارة الفتنة والقتل ولكن قال عليكم بالصبر حتى تلقوني على الحوض».ودعا خطيب الجمعة إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة ولي الأمر امتثالا لقوله عز وجل «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر».