قصة قصيرة
نجاح حميد عقلان الشامي:“ييي..” “وييي..” “هيي..” “يا..” “لحظة..”حك رأسه بأطراف أصابعه بشكل دائري، ثم نفخ نفساً عميقاً بعد أن فشل في تهدئة تلاميذ الصف الذي دخله لأول مرة ليكون مدرساً لمادة اللغة الإنجليزية.كان الأمر أشبه بمشفى للأمراض النفسية، ضم عدداً من المجانين رقصوا حول طبيب يتيم ابتلاه الله فكاد أن يصبح واحداً منهم.لم يكن يجيد استخدام العصا ولم يفكر قط بالتقاط إحدى سيقان الأغصان اليابسة الملقية على جوانب الطريق أثناء مجيئه للمدرسة.صاح مرة أخرى وبأعلى صوته وقد أحمر وجهه:هدوءالتزم الجميع الصمت بعد أن أخذتهم الدهشة والذهول وكأنهم شاهدوا (طرزان) بشحمه ولحمه في صفهم، أخرج منديلاً من جيبه ومسح به العرق المتصبب من جبينه وهز كتفيه في ثقة ثم قال:ـ (أوف ناس ما تجيش إلا بالعين الحمراء..).ثم بدأ بالتعريف عن نفسه، فتحدث كثيراً عن شهاداته وخبراته والأشياء التي تعجبه ولا تعجبه عند دخوله الصف.وتفنن كثيراً في وضع اللوائح والقوانين التي ستضمن لهم استيعاب وفهم المادة، وبعد أن انتهى أشار بإبهامه نحو أحدهم قائلاً:“هاي أنت، شكلك زعيم العصابة، هل تسمح بأن تحضر لي الطباشير لنبدأ الدرس؟”.هز التلميذ رأسه بحركة، فهم منها المعلم عدم تلبية طلبه، فبحث بنفسه عن علبة الطباشير وقد انتفخت أنفه غضباً واحمرت عيناه.وأخيراً وجد علبة الطباشير، اختار واحداً ثم وضعه بين أصابعه وقبل أن يكتب شيئاً على السبورة، كان عليه أن يسألهم عن تاريخ اليوم باللغة الإنجليزية ليدونه عليها.اختار تلميذاً آخر وسأله عن التاريخ:وقف التلميذ وجلاً فأشار بيديه إشارات لم يفهمها المعلم وقال:ـ”بئي.. بأ.. بيء.. بؤ..”.غضب المعلم غضباً شديداً فرفع أصبعه إلى فمه ليعضها من شدة غيظه، فقضم أصبع الطباشير، ضحك التلاميذ، فصاح مغتاظاً:ـ “قليلو أدب.. وكمان أغبياء..؟!”.فكر المعلم أن يدون بنفسه التاريخ ثم يلقنهم إياه فكتب على السبورة بخط واضح:TH OF JUN 2003 ثم أشار إلى السبورة وقال بصوت جهور:ـ” نينث أوف جوف تو ثاوزند ثري”صالح التلاميذ:ـ”بئي... بأ.. بيء... بؤ”بحماس:ـ “ فور تينث أوف جون تو ثاوزند ثري”ـ”بئي... بأ.. بيء... بؤ”منكساً رأسه حاولوا معي:ـ “ فور تينث أوف جون تو ثاوزند ثري”ـ”بئي... بأ.. بيء... بؤ”في تلك اللحظة فتح مدير المدرسة الباب ونظر إلى المعلم والتلاميذ مستغرباً وقال:“أوه يا ابني، أنت هنا وإحنا ندور عليك من الصبح، وجالس تلعب مع الصم والبكم!!”.