في إحدى الحدائق الصغيرة جلست وحدي، أسندت ظهري المنحني على أحد المقاعد محاولة تسويته، ومددت ثلاث أرجل إحداهن كان عكازاً لم يفارقني منذ أعوام، ثم رفعت نظري المثقل باحثة في الفضاء الرحب عن شيء لست أذكره، لم أفكر أن ثمة شيئاً يجبرني على خفض بصري قليلاً، لأحلق بعيني في كل ركن من الحديقة وإلا لما رفعتهما نحو السماء مطلقاً، هو أيضاً كان تاركاً العنان لعينيه أن تحلقا في السماء الواسعة، كان واقفاً أمامي وظهره مواجهاً لي، فوددت حينها لو ناديته، التفت نحوي وبهدوء واثق ابتسم لي ثم مشى خطوات بطيئة ثابتة، تلفت يميناً ويساراً أماماً وخلفاً، أأنا المقصودة بذلك؟! ما كل هذا الكرم؟! وما الذي حدث لتبتسم لي السماء بهذا القدر؟!.قلبي الذي كان مرهقاً ومتعباً قبل الآن كانت دقاته بطيئة كآلة قديمة صدئت مفاتيحها، لكنه الحين، دق ودق، ودق، دق كثيراً وسريعاً، في شرعنا ممنوع أن يضرب طبل في قلبي فرحاً بالحب.كنت صغيرة جداً حينما ناداني لأول مرة، فتمنيت أن ألبي نداءه، لم يعرف قلبي الصغير إيقاعاً غير إيقاعه لكنه كان جباناً فبقيت وحدي.