أزمة اليمن تدخل كل يوم في دهاليز مظلمة منذرة بكوارث اجتماعية مزلزلة إذا تفلت العقل من عقاله، وتسيدت الموقف قوى الجهالة، وتضرست أنياب الارتزاق والعمالة للفتك المريع بالجسم اليماني المتهالك.. تلك الجهات المرتبطة بقوى إقليمية ومسارات خارجية أصبح جل جهدها، وكل نبل أهدافها وأسمى جهادها المدنس.. هو تجزيء اليمن، وتفتيته إلى أجزاء صغيرة متناثرة وإدخاله في دوامة حرب مستعرة.. مبيدة للحرث والنسل.وبالنظر إلى تعقيدات مشاهد الأزمة.. يتوضح أن جناح السلطة، وجناح المعارضة.. كل منهما له ثقله وأنصاره وداعموه ولا يستطيع أن يحسم الصراع لصالحه، وما دام الحال كذلك.. لابد من الاحتكام إلى العقل وإغلاق سماع التوصيات والإملاءات الخارجية، والجلوس على طاولة الحوار والانتصار للوطن والوحدة وثوابت الثورة اليمنية الواحدة.. مفوتين الفرصة على الأعداء الذين يرومون ويعشقون الإيقاع بين الإخوة بغية الإجهاز على تجربة وحدوية ديمقراطية جديدة ووليدة في جنوب غربي شبه الجزيرة العربية، الآن الحوار دون اشتراطات ولا شطحات، ولا تبريرات سخيفة، وكل شيء يطرح على المائدة التي فيها غذاء وفائدة وتحريك للمياه الراكدة، وخلخلة للأفكار الجامدة.. الحوار في صنعاء، ويتم البدء بالقواسم المشتركة وتدرج المناقشات وصولاً إلى الأصعب وليس هناك صعب أمام صدق النوايا وقوة الإرادة وصلابة التصميم، ويقظة الانتماء الوطني العظيم، وتغليب مصالح الوطن على المنافع الفردية أو المكاسب الحزبية الرخيصة.الشعب لن يغفر لزعماء وقادة المشترك الذين جرعوه آلاماً قاهرة، ومواجع أليمة ويعرف الصغير قبل الكبير، والأمي قبل المتعلم، والتلميذ قبل الأستاذ غزارة ارتباطاتهم الخارجية وسوء تصرفاتهم السلطوية وارتضاءهم التحرك بالريموت كنترول مقابل تدفق ملايين المليارات إلى جيوبهم وأرصدتهم.. بجانب سجودهم غير الحميد أمام حميد طمعاً في المزيد من المال المفيد والحظ السعيد واللبس الجديد والمأكل اللذيذ، وبالذات المندي والحنيذ.الغريب أنهم يعتقدون أنهم يضحكون عليه، ويستغلون طموحه الفردي وتطلعه الزعامي ونهمه الرئاسي وهو شاب ذكي استطاع تجيير قوى التحديث والمشاريع الوطنية والحداثية الداعية إلى التخلص من سلطات المشايخ، وحكم العمائم، ووضعها حميد في جيبه ورهن إشارته بعد تخلصها من مكونات ماضيها الحداثي كما تزعم لأكثر من أربعين عاماً، فلماذا الآن الاستكانة المذلة والسير من قبل الزعامات التنويرية التقليدية خلفه، والرضى والاقتناع بدور الأتباع وأتباع الأتباع وكل شيء صار يبتاع حتى الضمائر التي غادرت جدران الأضلاع.حميد يضغط عليهم، ويمشيهم كما يريد من جانب، ومن جانب آخر تشوطهم توكل كرمان، ولا أحد منهم يستطيع الاعتراض، أو ينبس ببنت شفة، وكيف يستطيعون، وهم يعيشون في جلباب حميد الذي لن يسمح لهم بالخروج منه، الله يفتح عليهم.. غارقون في الدسم - كما نسمع - ملايين تنطح ملايين والمواطن المسكين هو المذبوح بأكثر من سكين: الفقر، الخوف ، القهر ، العجز، الإبادة، رهاب الشائعات ، والأباطيل، وانعدام القوت ، وفقدان الخدمات، والتهديدات المستمرة الظاهرة والمبطنة. متى سيرتقي وعي المواطن، ويعرف أين توجد مصالحه؟ متى يدرك ويفرق بين من يريد له الخير ويصنعه، ومن يضمر له الشر ويوقعه فيه؟ ومن يصنع من عرقه ودمه وآهاته جسراً يصل عبره إلى السلطة فينسى من أوصلوه، وعانوا في سبيل إنجاحه ورفعه. ومن المعارضين .. صنف من مدعي الشرف والوطنية ونظافة اليد والنزاهة، واستقامة السيرة .. يثيرون السخرية والضحك حد الهستيريا لأن جموعاً كبيرة من الشعب تعرفهم، وتعلم كل العلم بظلمهم المتجبر ، وبطشهم الشديد، وتخلف المحافظات والمناطق التي حكموها بالإرهاب وبالحديد والنار، وكيف قتلوا أبناءها الأحرار، وشردوا منها الأخيار ليخلو الجو للأشرار .. في تاريخ ليس ببعيد، الشعب لا ينسى، والتاريخ لايرحم، وبلاش تفكر ترجم، وأولى بمن يزايد على الوطن، ويشرعن لضرب الوحدة، وشق عصا الطاعة، والتحريض على قتال أولي الأمر.. أولى به أن يتوب إلى الله عز وجل ليغفر له ذنوبه البسيطة أو الجسيمة، ويعوض عن ماضيه النضالي الأسود.. بأعمال وطنية أو خيرية شريفة، وطالما أنه ليس هناك ضرورة لفتح الملفات الحافلة بأشنع المآسي، وأعنف أعمال العنف والتصفيات والإبادة الجماعية.. على المسؤولين الكبار أن يعيشوا اللحظة الحاضرة، وأن يطردوا وساوس الانتقام منهم لتدخل قلوبهم النسمات العليلة مصحوبة بأريج المحبة والوئام، وأن يتركوا لهم بصمات إيجابية في المعترك الراهن، وتداعيات الوضع الساخن، وأن يعلوا من قيمة الوطن أولاً ، وفي هذا الإعلاء .. ارتقاء بمكانتهم، وتقدير لكل جهودهم، ونسيان ما اقترفته أيديهم في أزمة البطش والشتات، وهذا أفضل من تحدي ثوابت الوطن، أو الاستقواء بالخارج واستفزاز المواطنين بظهورهم بمظاهر الملائكة الأطهار، والناس الأخيار، وهم أشر الأشرار، وأساتذة الخراب والدمار، والمواطن اليمني حر وبسيط وشامخ وأبي ممكن أن يتسامح معك إذا صدقت معه لكنه لن يغفر لك إذا تماديت في استفزازه بشعارات كاذبة، ووطنية مضروبة، ومقولات زائفة ذاق بسببها، أقسى أنواع المرارة والإهانة والجراح. [c1]لحى الليل.. وركام التضليل[/c]ما بين لحية ماركس ولحية الزنداني، وانقضاض الرجعيين، وتآمرات الماركسيين، والخطط السرية للإخوان المسلمين، وتكدس الشيوعيين العرب المنبوذين في عدن التي أسموها - حينها - قلعة التقدميين، وجلبوا لها الفقر والعزلة والخسران المبين، وأصبحوا فيها مرفهين.. مميزين على سكان عدن المهذبين، وكل أبناء الجنوب والشمال الطيبين.. مابين تلك اللحظات.. فواصل متقاطعة من القهر والدم والتناقضات، والتضليل المبرمج للوعي.[c1]آزال.. ليست طرابلس[/c]مجلس انتقالي : تشديد وتصعيد المطالبة به.. ينطويان على إسراع بتفجير الوضع بشكل رسمي، وإن كان جزء منه قد تفجر لكن الأمل لم يزل في حضور العقل والعقلاء لإخماد الفتنة، أو اتفاق تسوية معينة.. المهم أن نجنب البلد مهاوي الانحدار السريع، ولعن الله المال الحرام المدنس، وقبله أصحاب النفوس المريضة والقلوب المغيظة.واليمن ليست ليبيا، وعدن لا يمكن أن تكون تورا بورا.[c1] من يأكل أولاً ؟![/c]اليمن وضعه الحالي شبيه بكعكة شهية، ومن حولها كثير من الأغراب يزحفون ببطء لالتهامها بتغاضي بعض أبنائها، ويا ترى من سعيد الحظ الذي سيبدأ بأول قضمة؟![c1]مشهد نأمل يختفي[/c]مناظر الجثامين، ومسيرات النعوش، والترديد الغاضب المتوعد.. يومياً.. مشاهد لم نألفها في بلادنا إلا منذ أربعة أشهر وقليل، وكنا نشاهدها في قنوات الآخرين.. ماذا جرى؟ وهل أصبحنا نقتدي فقط بالسيئ والأسوأ؟! خففوا من هذه الأزمة اليومية المزعجة.. لوجه الله![c1]آخر الكلامفإذا سكت تضجروا، وإذا نطقت تذمـروا مـن فكرتـي وشـعـوريآهٍ مـن النــاس الذيـن بلوتهـم فقلوتهـم في وحشتي وحبوريما فـيـهـــم إلا خبـيـث مــاكـــر متربـص بالنــاس شـر مصيــرِويــود لو مـلـك الوجــود كلـــه ورمى الورى في جاحم مسجورِ[/c]ِ- أبو القاسم الشابي -
أخبار متعلقة