لم يكن يوم الاثنين الأول من يونيو اعتياديا على سكان الحصبة بالعاصمة صنعاء حيث بدأت فيه الرصاصات الأولى لمعركة الأيام العشرة التي انتهت بهدنة..والتي قتلت الحياة في حي الحصبة وشلت ال حركة الاقتصادية والخدماتية في المنطقة الشمالية من العاصمة صنعاء وهدمت الكثير من المنشآت العامة والخاصة.في سماء بدت ملبدة بالسواد المتصاعد نتيجة لحرائق لم نكن نعلم مصدرها هدأت اصوات طلقات الرصاص المتواصل هدوءاً ما لبث أن تبدد على دوي مدافع وصواريخ وانفجارات استمرت صباح مساء..[c1]خسائرعامة وخاصة[/c]الكثير من الأضرار الجسيمة لحقت بالمنشآت العامة والخدماتية بخاصة تلك الواقعة في منطقة الحصبة مثل مبنى اليمنية المجاور لمنزل المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر الذي يقطن فيه حاليا ابنه الأكبر صادق الأحمر، مبنى شرطة النجدة ووزارة الداخلية وهيئة الأراضي والمساحة ومبنى وكالة الأنباء اليمنية سبأ ومبنى وزارة الصناعة و مبنى وزارة السياحة المتجاورة بالإضافة إلى ما تعرض له مقر هيئة كهرباء الريف ومخازنها بما تتضمنه من معدات وتجهيزات تقدر بملايين الدولارات من ضمنها محطة توليد كهربي بقدرة عشرين ميجا .ولا ننسى هنا الإلماح إلى ان الخسائر المادية للأفراد ومؤسسات القطاع الخاص في المنطقة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات وتقول مصادر اقتصادية ان الخسارة الكبرى تتمثل بما لحق بسوق الحصبة المركزي، الذي لايزال مغلقا حتى اللحظة، وفيه مئات المحلات التجارية وعشرات من المخازن والهناجر الكبرى التي كانت تغطي احتياجات سكان المنطقة الشمالية من العاصمة وتمد المحافظات القريبة بالسلع بالجملة والتجزئة.[c1]وكالة (سبأ)[/c]ولا يستطيع المسئولون في وكالة الأنباء اليمنية حتى الآن حصر الأضرار التي لحقت بالوكالة وتجهيزاتها. وحسب تقرير صادر عن الوكالة فإن الاعتداءات المتواصلة أسفرت عن تلف شبكتي إرسال واستقبال الإخبار وشبكة الرصد الإذاعي والتلفزيوني ، وإتلاف أجهزة الكمبيوتر التي يزيد عددها على 450 جهازاً وأكثر من 180 طابعة كلها من الأنواع الحديثة ، بالإضافة إلى إتلاف وتعطيل المولد الكهربائي والمحولات وشبكة الكهرباء وإلحاق أضرار جسيمة بالمطابع ، فضلا عن هدم جدران ونوافذ مبنى الوكالة.
سيارة أحد موظفي المكتب
[c1]الأراضي والمساحة[/c]حسب محمد عيسى سكرتير وكيل مصلحة أراضي وعقارات الدولة فإن الأضرار المادية يمكن حصرها إلا أن الأضرار غير المادية لا تقدر بمال حيث أتلفت بعض الوثائق ونهب البعض الآخر رغم أنها لن تفيد من نهبها إلا أنها ستخلف مشاكل سيظل المواطن يعاني منها لسنوات قادمة. وحتى الآن لا ندري ما هو حجم الفاقد من الوثائق التى يبدو انه من الصعب حصرها بسرعة على وجة الدقة. [c1]محكمة همدان[/c]يقول عبدالملك المطاع الموظف في سجل التوثيق بالمحكمة «ان الخسائر المادية مهما بلغت يمكن ان تعوض إلا خسائر الانفس والوثائق لا يمكن تعويضها فنهب سجل المحكمة بما يحويه من أصول وثائق وملفات المتخاصمين يشكل كارثة انسانية ..الله لا يسامح الجهل الله لا يسامح من يقتل من اجل لا شيء.. يقتل من اجل النهب».
مبنى اللجنة الدائمة
[c1]اللجنة الدائمة[/c] كما ان مبنى اللجنة الدائمة (مقر الحزب الحاكم) تعرض على مدى يومين لقصف مكثف لاجل احتلاله الا ان حراسة المبنى قاومت الاعتداءات بشدة . يقول (ع. ق) احد الجنود الذين شهدوا هذه المعارك : أنها أيام صعبة للغاية حيث انهمرت القذائف من قبل قبائل آل الأحمر على المبنى من كل مكان لغرض السيطرة عليه ..واستبسلنا جميعا استبسال الأبطال..ورغم ما لحق باللجنة من اضرار الا ان عصابة الأحمر ونهابتهم لم يستطيعوا السيطرة على اللجنة رغم كثافتهم العددية والتسليحية وتمركزهم في أماكن مطلة على اللجنة وكان ان صنعنا متارس ترابية غير ظاهرة لمباغتة من يدخل ليقتلنا او لينهب).. والصورة تتحدث.
القسم الصحفي بفرع المؤسسة بصنعاء
[c1]مكتب (14أكتوبر)[/c]وفي الطابق الثاني من العمارة المقابلة لمبنى اللجنة الدائمة يقع مقر مكتب مؤسسة 14اكتوبر - فرع صنعاء (الذي اعمل فيه) الذي شهد بدوره جزءاً من المأساة حيث طالته القذائف هو الآخر..يقول الأخ مدير مكتب صنعاء رمزي الحزمي .. إن المقر تعرض لأضرار كبيرة طالت الكثير من معدات وتجهيزات المكتب ويجرى حاليا العمل على تقرير حصر بالإضرار والخسائر. [c1]مؤسسات أخرى[/c] ومن المؤسسات الحكومية الواقعة في حي الحصبة التي طالتها يد الدمار مبنى وزارة الصناعة والتجارة الذي ناله نصيب وافر من الدمار .وكذلك مبنى وزارة الادارة المحلية. ومبنى طيران اليمنية الذي احرق تماما بفعل القصف وهو مبنى زجاجي شاهق يمثل معلماً من معالم صنعاء .[c1]الحصبة ..كثافة سكانية ضاعفت حجم المأساة[/c]التوتر الأمني غير المسبوق الذي شهدته منطقة الحصبة في العاصمة صنعاء المنطقة ذات الكثافة السكانية المركزة... طال بأذاه وشره مئات الأسر وآلاف الافراد..ونسرد تفاصيل حكايات بعض من نعرفهم.[c1]اسكندر..انكتبت له حياة جديدة[/c]الموظف اسكندر سعيد (حارس المكتب) من موظفي فرع مؤسسة اكتوبر، الذي دمرت سيارته الواقفة تحت المكتب، الذي حوصر أثناء القصف لمدة ثلاثة ايام متواصلة يروي هذه المأساة الحقيقية بقوله (( عشت لحظات من الظلام حيث حاصرتني الطلقات والقذائف التي كنت اشعر بقربها كل لحظة حيث انفجرت نوافذ المكتب وبدأ الرصاص يخترق جدرانه ومكثت ثلاثة أيام دون طعام إلا القليل من الماء المتوفر.. وعندما ساءت حالتي من شدة الجوع والرصاص لم يتوقف صبرت حتى المساء وقفزت من خلف العمارة إلى الأرض (دورين)..حيث ظللت ممددا على الأرض ما يقرب من نصف ساعة لا استطيع الحركة وزحفت بعدها الى مسجد الحي حيث انهارت قواي..وفي رابع يوم استطعت ان اهرب الى خارج المنطقة من جهة التحرير في رحلة كنت اموت كل لحظة فيها حيث كان يتم توقيفي كل بضعة امتار)).وقال وهو يستذكر تلك اللحظات الحزينة لم أكن افكر في شيء الا في النجاة بنفسي ولااتذكر شيئا الا انني مازالت اشعر بالخوف حتى اللحظة. [c1]عم أحمد .. رحمه الله[/c]رحمك الله يا عم احمد وانت الذي كنت تطل علينا بابتسامة وضحكة وكلمة حلوة تبعث فينا الفرحة كلما جلست تمضغ القات بعصارتك ..وبما عايشته من مواقف تذكرها لنا.. رغم آلام الحياة التي رسمت خطوطها على وجهك وساقطت بعض اسنانك ..الا انك كنت بلسم حياة، لم نعرف قدرك الا عند غيابك .. فليتغشاك الله بواسع الرحمة ويسكنك فسيح الجنان ويعين ذويك من بعدك.. آمين آمين ..ساظل أذكر انك حين كنت تلاقيني تقول لي : سلم على من لقيت ...الله يرحمك. [c1]ثلاث ساعات من نقل صناديق أسلحة تحت تهديد السلاح[/c]يقول عبدالرحيم الحبيشي ( صاحب محل العاب مقابل اللجنة الدائمة): أن حركة البيع والشراء ظلت راكدة في الأسابيع السابقة للأحداث رغم حرصي على فتح المحل الذي يمثل مصدر رزقي ورزق أولادي الوحيد.. إلا أن تفجر الأوضاع بتلك السرعة وذلك الخراب جعلني اعايش كارثة حيث اضطررت إلى نقل عائلتي من مكان لآخر بين المعارف والاقارب . وحيث اني اسكن خلف عمارة الصلاهم التي أصابها أذي كبير أنا وعشرة من شباب العائلات الساكنة في العمارة رحلنا عوائلنا وبقينا في العمارة لحراستها الا انه في الساعة الثانية عشرة ليلا تقريبا من ليلة الأربعاء اتى ثلاثة من أفراد قبائل الشيخ الاحمر وارادوا ان يدخلوا العمارة وهددونا بنسفنا والعمارة فاستسلمنا لهم وجعلونا تحت تهديد السلاح وعلى مدى ما يقرب من ثلاث ساعات ننقل لهم صناديق اسلحة من مبنى هيئة التامينات والمعاشات الى اعلى عمارتنا. [c1]مأساة (15) أسرة [/c]ويقول (م. السامعي) انه اضطر الى اغلاق المطعم وتشريد خمسة عشر عاملاً (كلهم من القرية ( سامع) ولا يعرفون أي مكان في صنعاء الا المطعم..جراء هذه الحرب والنجاة بنفسه وعائلته وحتى الآن لا يستطيع فتح مطعمه الذي تهدم جزء من العمارة الحاوية للمطعم).[c1]معركة تتمدد [/c]ظلت ساحة المعركة تتسع كل لحظة وتمتد حتى وصلت إلى حدود مؤسسة الكهرباء شرقا والى مجلس الشورى جنوبا والى حدود جولة سبأ بل وصلت قذيفة إلى مسجد قبة المتوكل بميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء وأخرى وصلت الى احد المنازل (منزل الماوري) الذي تضرر هو والمستأجر (احمد سراج) الموظف بشركة ام تي ان والذي مازال يرقد في المستشفى حتى الان.يروي عبدالعزيز الحرازي حارس ليلي ان مجموعات قبلية كانت تدخل الحارات وتطلق الرصاص جوا وعشوائيا فقط لتثير الرعب وتمدد ساحة المعركة. [c1] الحقيقة المؤلمة [/c]وقابل هذا التمدد لساحة المعركة نزوح مئات العائلات والأسر المقيمة في إحياء ونواحي منطقة الحصبة والمناطق المجاورة لها حيث أن منطقة الحصبة شبه خالية من السكان .. يروي المواطن إبراهيم الروني قصته حيث يقول «اضطررت أنا وعائلتي بعد أن شحت المواد التموينية وتناقصت إمدادات المياه إلى السفر إلى منطقتي في محافظة عمران، وقد عانيت كثيرا خلال انتقالي ولكن كل ذلك يهون أمام هدوء واستقرار اطفالي وعدم رعبهم من أيام وليالي القصف التي لا اريد أن اتذكرها» .[c1]ما زاد الطين بلة[/c]والحقيقة التي صعبت الحياة أو ما زاد الطين بلة كما يقال إلى جانب انقطاع الخدمات التي صاحبت ظروف الحرب ومنها الكهرباء، الذي سبب الكثير من الخسائر في إتلاف مخزونات الناس والتجار بل وكذلك اعطب ادوية الناس والصيدليات مثل الأدوية الخاصة بمرضى السكر(انسولين)، هو انعدام ماء المشروع في تلك الظروف ما جعل قيمة وايت الماء تصل إلى عشرة آلاف ريال كل هذا بالإضافة إلى ما سبق جعل الناس الراغب منهم وغير الراغب تنزح وتفر من العاصمة فراراً من الموت .[c1]خسائر غير منظورة[/c]إن الخسائر المعنوية غير المنظورة متمثلة بتعطيل حياة الناس واثارة الرعب في نفوس الأطفال وقلوب النساء فضلا عن إهدار الوقت وسيادة نمط من المعاناة والبؤس الذي يمكن رؤيته في سحنة كل مواطن وعلى كل مبنى حجر.[c1]لماذا؟ ومن أجل ماذا؟[/c]وفي الختام يتساءل كثير من المواطنين: لمصلحة من كل هذه الأعمال ومن المستفيد من ارتكاب هذه الجرائم التي الحقت بالوطن افدح الضرر؟!ولنا لقاء..