قصة قصيرة
صورة متكررة لعشرات الشابات الماجدات اللاتي ينتظرن فرصة تثبيت أسمائهن في وظيفة جديدة اسم تحاصره ( ميم) المعاناة في أوله و ( ميم) المكايدة في آخره وما بينهما ( راء) الربيع وبشائر الرباب و (ياء) الياسمين الشاذي .. يمامة تقبع في خانة المتعاقدات منذ ثماني سنوات في اكبر مكاتب السلطة المسؤولة في المدينة. كانت خلال تلك السنوات كلما قابلت مسؤولاً أو مستشاراً تروي له مشكلتها و ( ميم) المشقة والمآسي يلاحقها في كل لحظة تمر عليها بصعوبة بالغة يخنق أنفاسها ويحرمها من ابتسامة الصباح وهجيع الليل بانتظار حلم الوظيفة ، ولكن ( ميم) المحسوبية والمجاملات كان يسهل لغيرها الحصول على الوظيفة في مدة اقل من ربع ما قضتها هي حتى الآن. وفي بورصة بيع الوظائف كان المال هو ما يلزم لشراء الوظيفة التي غدت تجارة رائجة ومربحة جداً لذوي النفوذ وأسهل من الاستثمار في إنتاج الاسمنت وصناعته ولكن أمام من لا تملك المال الحفاظ على ماهو أغلى من المال واتقاء الله الخالق عز وجل. قادها يوماً ( ميم) المعاناة أن تعجز عن الإجابة على سؤال وأبت أن تقايض وظيفتها الآتية بما لا تستطيع التفريط به ولو بمزحة أو ملاطفة ليس أكثر مع هذا المسؤول أو ذلك المتنفذ القادر على توفير المال لشراء الوظيفة لها!.كانت إرادتها وعفتها أقوى من منزل أسرتها الذي انهار بسبب الأمطار التي هطلت في العام الماضي وقررت اللجنة تعويضها مالياً ولكن أعاقها عن استلام المبلغ التعويضي السؤال الذي تكرر أمامها مرة أخرى من ذئب فاسق متخف بلحية الواعظ كانت تدرك ماذا يعني السؤال وماذا وراءه من ذل ومهانة وخزي وانكسار في أخلاقيات مجتمعها وقيمه.وعجزت عن الكذب أو الخضوع لغرائز الحيوان وأبت أن تقول كلمة أولها (نون) النزاهة وأوسطها (عين) العفة وآخرها ( ميم) المروءة وقالت : « لا » للجميع .. لا لضياع القيم.