الرياض / متابعات : دخلت المرأة في المملكة العربية السعودية ميدان العمل، وبرزت من خلاله الطبيبة والمعلمة والموظفة، بل واستطاعت أن تثبت جدارتها كصاحبة مؤسسة أو شركة؛ إذ برزت سيدات الأعمال اللواتي ساهمن بأفكارهن في تطوير الكثير من الخدمات العامة والخاصة. وإذا كانت المرأة فتاة أو زوجة أو أُماً لم توفق في الحصول على وظيفة بالقطاع الحكومي أو الخاص، فإنها برزت عبر ما يعرف ببرنامج «الأسر المنتجة»، الذي استطاع خلال فترة وجيزة أن ينمي مهارات الكثيرات، فأصبحن يعملن في مجال التغذية والملابس والهدايا وهن قابعات في منازلهن. من الناحية الإعلامية تناولت وسائل الإعلام المختلفة الحديث عن قدرة الفتاة على إثبات جدارتها، إذ برزت الكابتن طيار «هنادي الهندي»، كما أن «د.ثريا عبيد» كمساعدة للأمين العام، ومن خلال مركزها بهيئة الأمم المتحدة أوضحت للعالم أن المملكة ليست من الدول النامية أو دول العالم الثالث، وفي جامعة أكسفورد برزت الباحثة «حياة سندي» كواحدة من أفضل الباحثات في العالم في التقنية الحيوية. لكن حديثنا لن يكون عن هؤلاء، حيث استطعن الخروج إلى العالم الخارجي بعلم وخبرات مكتسبة، لكن الحديث سينحصر حول الفتيات العاملات في القطاع الخاص، ومدى إصرارهن على البقاء، حتى وإن وجدن مرتبات أفضل في جهات أخرى، وسنتجه كذلك إلى العاملات في الفترات المؤقتة بمكة المكرمة وفي موسم الحج. قلبنا في صفحات موسم حج عام 1431هـ فاستوقفنا أكثر من موقف، لمسنا فيه مدى إصرار الفتاة على إثبات جدارتها في العمل، خاصةً فيما يتعلق بخدمات الحجاج، وان كانت الخدمات من بدايتها تتمثل في الاستقبال، فقد رأينا نماذج مشرفة لـ«نتاج» مواطنات، قدمن هدايا تذكارية للحجاج لحظة وصولهم إلى مكة المكرمة، وجاءت هذه الهدايا عبر قطع من الحلوى بشكل جيد، وبيعت لـ«مجموعات الخدمات الميدانية» بسعر مناسب جداً، ومن المنظور الاقتصادي فان الفتاة في مثل هذا العمل ترى أن بروز إنتاجها أفضل من الحصول على الربح المادي، لذلك لا تفكر فيه كثيراً. وفي جهة أخرى تبرز الفتاة في مجال خدمات الحجاج من خلال برامج التوعية والإرشاد، إذ قامت مؤسسات الطوافة بتشكيل فرق عمل ميدانية لتوعية الحاجات، وأخرى لزيارة المريضات منهن، وكانت مكافآت هؤلاء العاملات دراهم معدودات لا تفي بالجهد الذي يبذلنه. وإن استشهدنا بموقفين فإننا نرى تنافساً آخر أحدثته الفتاة المواطنة خلال موسم الحج الماضي، ففي الوقت الذي أنشأت إحدى المؤسسات «حاضنات» للأطفال بمشعر منى، حتى يتمكن أفراد عائلة الطفل من أداء «فريضة الرجم» بيسر وسهولة، فإن مؤسسة أخرى عينت مرشدات للحاجات التائهات، لا لإيصالهن لمقار سكنهن فقط، بل للتخفيف عنهن من حالة الهلع والتوتر التي تصيبهن نتيجة ضياعهن عن مقر السكن. تلك رؤية مضت خلال موسم الحج الماضي، لكن ماذا عن الفترة الحالية ونحن نتحدث عن الفتاة المواطنة ودورها في خدمة المجتمع، هنا نتوقف أمام حدثين بارزين شهدتهما مكة المكرمة مؤخراً في وقت واحد، الأول تمثل في «البازار» الذي أقامته جمعية أم القرى الخيرية النسائية، والآخر تمثل في «البازار» الذي أقامته جمعية الأطفال المعاقين بمكة المكرمة، فقد أبدت الكثير من المشاركات قلقهن على تنظيم «البازارين» في توقيت واحد، ولم يكن هدفهن هو الربح المادي بقدر ما كان المشاركة واثبات الوجود. وان كان إثبات الوجود غاية وهدفاً للكثيرين، فإن الفتاة أثبتت تواجدها خاصة في القطاع الصحي الأهلي، سواء كانت موظفة أو ممرضة أو مسؤولة مختبر أو غير ذلك، فأمام خبراتها المكتسبة تصر على البقاء في موقعها دون الانتقال إلى موقع آخر، بحثاً عن زيادة في المرتب حتى وإن وصل إلى الضعف، وهو ما يخالف نظرة الشاب الذي ينتقل من جهة إلى أخرى كلما وجد زيادة في مرتبة ولو كانت ب 100 ريال. وبعيداً عن العلم الذي وصلت إليه الفتاة ونتاجها المهاري ودورها الوظيفي، نتوقف أمام حدث آخر وهام تمثل في دور الفتاة في خدمة المجتمع «طواعيةً»، من خلال برنامج: «أمننا في تواصلنا» الذي نظمته جمعية أم القرى الخيرية النسائية بمكة المكرمة، وتوج برعاية كريمة من الأميرة عادلة بن عبدالله بن عبدالعزيز، فمن خلال هذا البرنامج والجهود المبذولة فيه تم استقطاب نماذج من كافة شرائح المجتمع للخروج برؤية موحدة عما يريده المواطن من المسؤول، والذي لا يستهدف المطالبة برصف شارع أو إنشاء حديقة أو إقامة مدرسة أو مستوصف، لكنه تمثل في الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق مثل هذه المطالب برؤية فكرية وحاجة واقعية. ومن أبرز ما سجل عن دور المرأة في مثل هذه البرامج الخدمية كثرة أو طول الوقت الذي تقضيه من أجل البرنامج، حتى بلغ نحو (18) ساعة عمل يومياً، دون أن نرى أو نسمع أن هناك من طالبت بمكافأة مالية لقاء ما قدمت، إذ اعتبرت كل واحدة منهن أن هذا العمل خدمة لمجتمعها ولن تتوانى عنه مطلقاً. خلاصة القول: إن الفتاة أكثر إنتاجاً وأكثر تحمساً والتزاماً بفترات العمل، إضافةً إلى استغلالها لأوقات الفراغ حتى داخل المنزل من خلال الأشغال اليدوية والمنسوجات، إلى جانب بعض المأكولات التي تقدم كهدايا من قبلهن لضيوف المناسبات، ومن تابع خلال الفترة الأخيرة نمو الحركة الاقتصادية الخاصة يرى أن المرأة في المملكة سجلت أعلى معدل لها من خلال إنتاجها الذي تشارك فيه ب«البازارات» المقامة أو عبر ما تبيعه بالمحلات التجارية. ولو أن رجال أو سيدات الأعمال تبنوا في كل مدينة نخبة من الفتيات العاملات، لأمكننا الاستغناء عن نسبة كبيرة من المواد المستوردة سواء كانت غذائية أو كمالية، ومثل هذا المطلب وإن طُرح أكثر من مرة، فإن للغرف التجارية وخاصةً اللجان النسائية بها، دوراً في ذلك، شريطةَ أن تخرج مثل هذه المشروعات إلى الوجود، بعيداً عن «البيروقراطية» الإدارية، والتي قضت على الكثير من المشروعات الصغيرة.
المرأة السعودية تتفوق على الرجل في عملية الإنتاج
أخبار متعلقة