في ظل تنامي الاهتمام الوطني والعربي والدولي بحقوق الطفل أصبح من الأهمية بمكان أن تكتسب قضايا الطفولة في اليمن حقها من الرعاية والاهتمام لا سيما وان التركيب السكاني في المجتمع اليمني يشير إلى انه مجتمع فتي حيث يشكل الأطفال اقل من 15 عاماً من العمر نسبة 45.7 % من إجمالي عدد السكان ، وترتفع هذه النسبة إلى 46.9 % في الريف مقابل 41.6 % في الحضر ما يعني أن شريحة الأطفال تقارب نصف عدد السكان. وتؤكد جميع الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية أن للأطفال الحق في أن ينموا في بيئة تحميهم وتمنحهم الأمان فالحماية الناجحة تزيد فرص الأطفال في أن ينموا وينشؤوا أصحاء جسدياً ونفسياً واجتماعياً واثقين من أنفسهم محترمين لذواتهم وتقلل احتمالات قيامهم بالإساءة للآخرين وترتبط حماية الطفل ايضاً ارتباطاً وثيقاً بالأوجه الأخرى من حقوق الطفل ، فالحق بالصحة لا يتمتع به طفل غير محصن ضد الأمراض يتعرض للضرب باستمرار والطفل في المدرسة يتعرض للخوف والإساءة من زملائه أو مدرسيه لا يستفيد استفادة كاملة من حقه في التعليم ، والطفل الذي يدفع به إلى سوق العمل وتحمل مسؤولية إعالة نفسه والآخرين يحرم من حقه في التمتع بطفولته. أن من حق الطفل أن ينمو بشكل سليم ومعافى وهو ما يحتاج اولاً إلى بيئة صحية تتيح للطفل أن ينشأ نشأة خالية من العقبات والمنغصات الصحية، خاصة وأن أي خطأ صحي قد يكلف حياة الطفل غالباً أو قد يؤدي إلى عجز دائم لديه ، لاسيما وانه أكثر عرضة للأمراض من الشخص البالغ وقد نصت المادة 4 من اتفاقية حقوق الطفل على أن للطفل الحق في قدر كاف من الخدمات الطبية وانه يجب أن يتمتع بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلاً للنمو الصحي السليم كما نصت المادة 24 فقرة (1) من اتفاقية حقوق الطفل على أن تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي وتبذل الدول الأطراف جهدها لتضمن إلا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه فحق الحصول على الرعاية والخدمات الصحية من الحقوق التي كفلتها التشريعات والقوانين اليمنية لجميع المواطنين ، حيث نصت المادة (55) من الدستور على أن تكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية وينظم القانون مهنة الطب. ونص قانون حقوق الطفل بأنه على الدولة حق الرعاية الصحية للطفل من خلال توفير الخدمات الصحية الأساسية للام أثناء الحمل والولادة وما بعد الولادة ومجانية المعالجة للأطفال غير القادرين. ومع ذلك يمكن القول إن هذه التشريعات والنصوص القانونية لم يتم ترجمتها على ارض الواقع العملي فالملاحظ أن هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الأطفال في مجال الحصول على الرعاية الصحية الأولية ويظهر ذلك في عدم تلقي نسبة كبيرة من الأمهات للرعاية الصحية اللازمة سواء أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو ما بعد الولادة و ينتج عن ذلك تعرض العديد من الأطفال للكثير من المشاكل الصحية منها على سبيل المثال الشلل الدماغي الذي يحدث نتيجة لنقص الأوكسجين أثناء عملية الولادة التي هي من الإشكالات التي يمكن تجنبها. بالنسبة لوفيات الأطفال بالرغم من الجهد المبذول في هذا الجانب من قبل الحكومة فما زالت وفيات الأطفال في المجتمع اليمني عالية مقارنة بمستويات دول المنطقة والمستويات العالمية فوفقاً لتقرير اليونيسيف عن وضع الأطفال في العالم2006 م جاء ترتيب اليمن رقم 43 في معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة ( اليونسيف 2006م) ويبلغ معدل وفيات الأطفال دون الخامسة وفقاً للمسح اليمني لصحة الأسرة عام 2003م حوالي 100 وفاة في الألف إلا انه يزيد في الريف إلى نحو 105 وفاة في الألف مقارنة بحوالي 79 وفاة من كل ألف في الحضر ويعد هذا المعدل من أعلى المعدلات على مستوى العالم. وقد أشارت تقارير دولية إلى انتشار سوء التغذية في اليمن مما يؤدي إلى نقص في النمو والتقزم والهزال عند الأطفال وكذلك إلى ولادة أطفال قليلي الوزن ما يزيد من مخاطر تعرضهم للوفاة، كما أظهرت تلك التقارير أن التقزم يعد مشكلة كبيرة في اليمن حيث تعد من أعلى المعدلات في المنطقة تبلغ نسبة (44%) ( جامعة الدول العربية 2006م). والجدير بالذكر أن الازدحام داخل المساكن وكبر حجم الأسرة وعدم المباعدة بين الولادات وصغر سن الأم عند الزواج والفقر وعدم توافر الماء النقي والبيئة النظيفة كلها عوامل تؤثر بشكل سلبي على صحة الأطفال في مجتمعنا.
أطفال اليمن وحقهم في الرعاية الصحية
أخبار متعلقة