وقع تحت سكين النقد “الذابح” في ليلة سقوط الفراعنة
القاهرة / متابعات :لا ينكر أحد الإنجازات الكثيرة التي حققها المعلم حسن شحاتة للكرة المصرية مديرا فنيا لمنتخب الفراعنة على مدار 5 سنوات متتالية، وفي مقدمة ذلك كله الثلاثية التاريخية على عرش القارة الأفريقية (مصر 2006 وغانا 2008 وأنغولا 2010)، غير أن “المعلم” وصل على ما يبدو إلى طريق مسدود، فلا هو قادر على إيجاد الأداء المعروف من الناحية الفنية، ولا هو قادر على إقناع ملايين الجماهير بجدوى إستمراره ولو لساعة إضافية. ولم تصل الحال بشحاتة إلى هذا السوء عن طريق الصدفة، بل إن الكثير من المعطيات الفنية قادت منتخب الفراعنة تحت قيادة مدربه العنيد إلى نقطة اللاعودة، حيث أصبح من المستحيل أن يتمكن المنتخب المصري من التأهل إلى بطولة أفريقيا التي يحمل لقبها برصيد نقطة واحدة من 3 مباريات. ولكن لماذا تراجع أبطال أفريقيا حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، خصوصا وأن اللاعب المصري كان وما يزال علامة فارقة في القارة السمراء، فلا شك أن المدرب يتحمل كامل المسؤولية خصوصا من خلال السرد التالي والذي يكشف عن 7 خطايا ارتكبها شحاتة على مدار السنوات الماضية وتراكمت حتى بات وزنها فوق احتمال الجميع. [c1]1 - الخلافات الشخصية مع النجوم[/c]ساهم الانتصار المبهر للمنتخب المصري في بطولة أفريقيا في القاهرة في إرتفاع نجم حسن شحاتة، وأصبح هذا الرجل من مشاهير الرياضة المصرية وعمالقتها، بل أنه ارتقى سريعا ليصبح في مقارنة مباشرة مع محمود الجوهري الذي حفر في الصخر حتى يصنع اسمه الرنان، بل أن هناك من بدأ الحديث عن تفوق شحاتة على الجوهري خصوصا بعد الفوز بلقب أفريقيا في غانا. وخلال عامي 2006 - 2008 دفعت النجومية المفرطة شحاتة لاعتبار نفسه النجم الأول للمنتخب، فبدأ بمعاداة النجوم ورفض الغفران لكل من يخطئ بغض النظر عن مرور المدة أو درجة الإعتذار، وبقي ميدو (أحمد حسام) حبيسا “للتشفير” بعد الحادثة المعروفة رغم أنه تنقل بين أفضل دوريات أوروبا، وتكرر ذات الأمر من محمد زيدان الذي خرج وعاد مرارا وتكرارا، وشيكابالا (محمود عبد الرازق) بقي تحت “الحجر الفني” إلى أجل مسمى. [c1]2 - رفض التجديد .. والتعامل بفوقية[/c]واستنادا إلى واقع الحال ومرور السنوات أبدى شحاتة قليلا من المرونة في عمليات الإحلال والتبديل، وتعامل باستعلاء كبير مع وسائل الإعلام التي كانت تطالبه يوميا بتغيير الفكر الفني، وعدم الاستمرار على ذات التشكيلة، غير أن الانتصارات كانت تدفع شحاتة لمزيد من العناد، خصوصا في ظل الدعم الكبير الذي كان يتلقاه ومساعده شوقي غريب من رئيس الاتحاد سمير زاهر. ولم يجد شحاتة أي شخصية قوية في جهازه الفني تحظى برأي مخالف فكانت قراراته دائما محل تنفيذ بغض النظر عن صحتها، حتى أن وسائل الإعلام كانت تنقل تصريحات متطابقة من كافة العاملين تحت إدارة المعلم، وكثيرا ما منع اللاعبين من التصريح ومنعت وسائل الإعلام من تغطية تدريبات المنتخب. [c1]3 - ضعف الأداء الفني أمام الجزائر[/c]وحاول شحاتة كثيرا الاعتماد على الدعم المعنوي من المسؤولين والجماهير ووسائل الإعلام، خصوصا عندما يكون في ورطة، وقد واجه أصعب مهماته الفنية بمواجهة المنتخب الجزائري في تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم في جنوب أفريقيا 2010، وسقط المنتخب المصري ذهابا 1 - 3 في العاصمة الجزائر، وهبت لاحقا عاصفة إعلامية بين البلدين لحجز آخر بطاقات القارة السمراء. وعندما جاء الموعد في القارة تلقى المعلم ورجاله أكبر دعم معنوي يمكن أن يتلقاه أي منتخب في التاريخ وفاز الفراعنة بثنائية نظيفة واحتفل الجميع دون أن يتذكر أحد أن عمرو زكي سجل الهدف الأول في بداية اللقاء، وبقي الفريق عاجزا حتى الدقائق الأخيرة قبل أن يسجل البديل عماد متعب هدفا ثانيا، وينسى الجهاز الفني ضياع فرصة الفوز بثلاثية لأن كل التركيز كان منصبا على خوض مباراة فاصلة وليس حسم الصراع. [c1]4 - تبخر الآمال في أم درمان[/c]وجاءت المباراة الفاصلة في السودان، وقال الجميع حينها أن إقامة المباراة في أم درمان في الخرطوم أفضلية تحسب أساسا للمنتخب المصري وليس الجزائري، وقد علق المصريون آمالا عريضة على مشاهدة منتخب الوطن من جديد بين كبار العالم، بعد آخر مرة تكحلت فيها العيون برفاق حسام حسن تحت راية الجوهري في أيطاليا 1990. شحاتة لم يكن على الموعد، وفقد كل خياراته الفنية، واستسلم لضربة “عنتر”، عائدا إلى القاهرة ومختبئا تحت غطاء الحرب الإعلامية التي بقيت مستمرة بين البلدين الشقيقين استنادا لروايات وأحداث وقعت خارج المستطيل الأخضر، والمعلوم أن المدير الفني يسأل فقط عنما يحدث داخل الملعب، ولا يجوز له التعذر بغير ذلك. [c1]5 - بحث دائم عن إنجازات وهمية[/c]واستعاد شحاتة ثقة المسؤولين بسرعة بعدما قاد الفراعنة للقب أفريقي ثالث في أنغولا، وثأر لكرامته وكرامة لاعبيه في مواجهة إستثنائية مع الجزائر في الدور نصف النهائي، وانتصر الفراعنة وأبهروا الجميع، وكثر الذين قالوا أن إرادة اللاعبين هي التي صنعت ما صنعت وليس الغطاء الفني للمدرب، ولكن على كل الأحوال عاد شحاتة إلى مكانه واسترجع قوته. ولم يستغل المدرب العنيد حظه السعيد وحسن الطالع الذي رافقه وظل يفكر فقط في إرضاء المسؤولين عبر المشاركة في بطولات لا قيمة لها ومنها حوض النيل التي شهدت انتصارات بالثلاثة والأربعة والخمسة وأكثر، على منتخبات من الصنف الثالث، وكانت الحرب قد اشتعلت مع الإعلام على خلفية تجديد دماء التشكيلة الدولية وارتدى شيكابالا أفضل لاعب في الدوري المحلي أخيرا قميص المنتخب. [c1]6 - ثمن باهظ للبداية المغرورة[/c]ودفع شحاتة ومعه المنتخب ثمنا باهظا لسوء التحضير الفني لتصفيات أمم أفريقيا، ظنا من المدرب أن المهمة في بدايتها ستكون سهلة مع سيراليون في القاهرة والنيجر في النيجر، ولم يفلح جيش شحاتة في جمع سوى نقطة واحدة من تعادل مخيب للآمال مع سيراليون وسقوط مخجل أمام النيجر، وكأن المنتخب ليس هو نفسه بطل القارة السمرا لثلاث دورات متتالية. وتحدث شحاتة بغروره المعهود عن العودة سريعا “للفورمة” المطلوبة وأن ما حصل ليس إلا كبوة جواد فورا سيعود لسكة السباق ويقفز إلى الصدارة، وبدلا من الإنشغال بوضع الخطط الفنية الكفيلة بعودة الروح للفريق، دخل المدرب في حرب سياسية خاسرة، ونجح بامتياز في التحول من حبيب الشعب إلى غريم الحرية. [c1]7 - ضعيف يفوز على أضعف[/c]وكل من شاهد مباراة السبت بين جنوب أفريقيا ومصر، يلاحظ من غير عناء يذكر أن المستوى الفني للمباراة كان ضعيفا جدا، وأن المنتخب المصري لم يقدم ما يشفع له طوال 90 دقيقة، فاستحق الخسارة من منتخب لا يرقى أساسا للمستوى الفني الذي يليق بفريق جدير بالفوز على مصر. وأظهرت المباراة أكثر ما أظهرت عجز حسن شحاتة عن إيجاد الحلول الفنية المناسبة للتعامل من الواقع وفقا لمجريات الأحداث، وهو ما أفقد اللاعبين (الذين لم تتح لهم فرصة خوض مباريات حقيقية تحضيراً للقاء) قدرتهم على فرض الإيقاع المناسب، ليأتي الهدف المتأخر ويضرب “المعلم” في مقتل.