الأحداث التي يشهدها إقليم العرب بامتداده الافريقي والآسيوي منذ الايام الاولى لهذا العام هي بداية مخاضات بلا شك غيرت وتغير وستغير الكثير في مجالات تأثر وحفز الأحداث في مختلف الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتداخل وانفصال حلقاتها المحلية والاقليمية والدولية على مستوى العالم والمنطقة.وبداية علينا كشباب ان ندرك الديمقراطية كفكرة إنسانية جاءت حلاً لمشاكل كثيرة عانت منها المجتمعات البشرية قرونا من الزمن ودفعت تكاليف باهظة لتصل إلى إجابات على التساؤلات الكبرى التى ظلت تؤرق الاجيال وظلت محاولات الاجابات على تلك الاسئلة تتفاعل مع بعضها البعض بطريقة (ديالكتية) الى ان انبثقت افكار ادت الى التعرف على الديمقراطية بصيغها المعروفة الآن.ولنا ان نعرف أيضا أيها الأعزاء أن من اهم ما قدمته الديمقراطية هو سعيها لتقييد صلاحيات الحكام وجعلهم مساءلين أمام شعوبهم بشكل غير من الثقافات التي كانت سائدة بان الحكم هو سلطة بلا حساب بل أكدت أن الحاكم هو موظف عند الشعب .. والأخرى أنها أجابت على تساؤلات تتعلق بكيفية تداول السلطة بعيدا عن سفك الدم وبأقل التكاليف.وفي حالتنا اليمنية تعتبر الديمقراطية مكسباً وطنياً مهماً نستطيع من خلاله التعبير والاختيار بل والمشاركة الفعالة في كل ما يعتمل في الساحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبالتالي فإن أي التفاف أو تذاك من قبل الأحزاب أيا كانت على إرادة الأغلبية المعبر عنها بالطرق الدستورية تحت أي حجة أو مبرر هو انقلاب على الديمقراطية و إرادة الأغلبية واستدعاء للفوضى واستجلاب للمشاكل التي جاءت الديمقراطية أصلا لحلها وفي الوقت عينه فان عملية الاحتيال على الديمقراطية تمثل دعوة تفتح الباب أمام كل من هب ودب لرفض مخرجات الديمقراطية عندما لا تتوافق مع ما يريده وهذه نقطة يجب التوقف عندها لأنها تمكننا من التنبؤ بمدى التأزم والفوضوية واللااستقرار الذي يمكن أن تصل إليه الأوضاع في البلاد بخاصة في ظل ما تتميز به من كثافة سكانية واتساع في الرقعة الجغرافية وتنوع وصعوبة تضاريسية بالإضافة الى وجود القوى التقليدية بشقيها الوطني والمصلحي .. ولنا أن نتخيل ما ستؤول إليه الأوضاع من احتقانات قد تتسبب لا قدر الله بإنهاء اليمن الذي نعرفه . كما يجب علينا كشباب ألا نجعل حماستنا لإصلاح الأوضاع تدفعنا للتصرف بما يخالف إيماننا العميق أن الولاء المطلق هو لله تعالى وبعده للوطن فالوطن فوق الجميع وهو كما قال أحدهم(( ليس حزباً او فكراً ينتمي اليه أو أي شيء من مغريات الحياه الفانية فكل شيء زائل فيما هو باق حتى يرث الله الأرض ومن عليها)) ..وعلينا ان نسعى لتحقيق مطالبنا بالطريقة السلمية والأقل كلفة والتى نحافظ بها على الوطن ونكون فيها متحررين من أي قناعات ضيقة أو ارتباطات حزبية تخول لأي طرف تجيير مطالبنا لحسابه .أيها الإخوة الأعزاء إني والله لمتفائل وأرى في ما يدور في الشارع خيراً كثيراً حيث أن التجمعات الاحتجاجية المطلبية في الشارع بقدر ما تخلق من توتر وشد أعصاب بقدر ما تولد من ضغط على النظام للشروع السريع في تنفيذ إصلاحات تصب في صالح المواطن حيث أن الحكومة كانت أشبه بالمصاب بالتخمة وكانت تعاني الكسل... ولهذه الاحتجاجات الفضل الرئيسي في الكثير من التفاعلات وردات الفعل الايجابية التي سيلمسها المواطن.أيها الشباب أطلب من كل فرد فينا أن يفكر ولنقف مع أنفسنا للحظة ولنسألها بعيدا عن أي تأثيرات: ماذا نريد بالضبط ؟ ولننظر إلى أين نتجه؟ وهل نحن فعلا نسير في الطريق الذي نريد؟ ولنبذل جهداً لفهم ما يدور حولنا ونعبر عن قناعاتنا بدون أي املاءات ولنفكر فيما نريد ولا ندع أحداً يفكر لنا ويجب علينا أن نسعى للمعرفة فالمعرفة قوة والجهل عدو الإنسان.. لنتفكر فيما يدور حولنا ونحاول فهم دوافع تصرفات الأطراف السياسية بما يمكننا من التنبؤ بما يمكن أن يحدث.. ولنصرخ بالصوت العالي إننا وان كنا اصحاب مظالم وموجوعين فإننا نسلك الطريق الذي يحل لنا مشاكلنا ايا كان لا الطريق الذي ينقلنا إلى المجهول السحيق... فالحوار مادام سيصل بنا الى تحقيق أهدافنا فهو السبيل الأفضل... ولنسأل أنفسنا بصراحة : لماذا لا نتحاور ولماذا يحاول اللقاء المشترك الذي يرفض الحوار وهذا حقه أن يفرض قناعاته علينا بجعلنا نردد خلفه (لاحوار مهما صار) يجب علينا أن ندرك اننا نتحدث عن وطن يضم خمسة وعشرين مليون انسان.. خمسة وعشرين مليون عقل وطريقة تفكير ولسنا نتحدث عن مؤسسة أوشركة ولذا فإن أي خسارة لاتعوض. كان سلوك أحزاب اللقاء المشترك الرافض لخوض أي جولة انتخابية هو خوفهم من أنهم ربما لن يحصلوا على الأغلبية.. بل أن تناقص عدد مقاعد نوابهم في كل جولة انتخابية خاضوها يجعلهم يرون في الانتخابات مشكلة وليست حلاً... فرأيناهم دعوا لتأجيل إجراء الانتخابات النيابية لسنتين بداعي الحوار والتحاور وكنا نساند طرحهم وتبريراتهم المتعلقة بشروط ضمان نزاهة الانتخابات... وها هم اليوم برفضهم للحوار وبرفع سقف طلباتهم غير المحسوبة يلعبون لعبة صفرية يحاولون منها ليس تعظيم مكاسبهم على حساب الآخر بل الاستئثار والسيطرة على كل شيء وهنا يكمن الشيطان . فدعوتهم لرئيس الجمهورية في أن يقدم هو خطة لتسليمهم السلطة بشكل تدريجي وسلس بموعد أقصاه نهاية العام الحالي تكشف قصر وانتهازية وشيطانية تفكيرهم في استغلال الأحداث للوصول للسلطة خارج إطار الشرعية و إرادة الشعب معتبرين وصولهم حلاً للازمة الراهنة بينما هو في نظر الكثيرين مشكلة أكبر. وأنا هنا أؤكد أننا وان كنا نعاني من مشاكل فإن سيناريو وصول اللقاء المشترك أو أي طرف آخر للسلطة دون توافق هو عملية اغتصاب ستتسبب في مشاكل أكبر حجماً واخطر اثراً تؤدي إلى كارثة حقيقة تقضي على وحدة الصف اليمني مجزئة للأرض وفاتكة بالإنسان.والحل الحقيقي لانتقال السلطة يكمن في أن يتم هذا الانتقال في ظل وضع دستوري و واقعي طبيعي بل وتوافقي يتم بتراضي كل الأطراف. وعلينا التنبه أن ما يحدث في الشارع يقوده ولم ينشئه ابتداء اللقاء المشترك وهو الحاصل تقريبا على نسبة لا تتجاوز الخمسة والثلاثين بالمئة من أصوات الناخبين في انتخابات الرئاسة الأخيرة... فما بالك إذا ما استفزت المجاميع الساكنة والتي تمثل الأغلبية للتحرك للشارع للدفاع عن اختيارها وعن حقها في الاختيار معبرة عن رفضها لعمليات القرصنة والتحايل أو التهميش لأصواتها .الحقيقة لمن أراد أن يعرف مطالبنا أننا كشباب نريد وطناً ومواطنة بغض النظر عن الأشخاص ما نريدة هو دولة مستقرة ذات سيادة توفر لنا الأمن أولا، دوله خدمات تحقق للفرد ومن يعول الأمان الرفاهية الاقتصادية .. ما نريده هو دولة مؤسسات تلبي تطلعات وأحلام الكل في ظل مبادئ العدالة والمساواة وحقوق المواطنة.والحقيقة التي يجب ان نتوحد حولها كشباب هي ان أي محاولات من قبل أي كان للتصرف بالسلطة او المطالبة بها بعيدا عن الشعب وأهداف ثورة الشباب في اصلاح نظام الحكم بما يحقق قيم المواطنة ويحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأفراد المنتمين لهذا الوطن الغالي هو انقلاب وخداع ومصادرة لأعظم مكسب للشعب اليمني وهو حق الشعب في الاختيار. فالكثير يرون أن عجز النظام القائم عن تلبية طموحات الشباب هو سبب في زيادة الاحتقان في الشارع وان الجموع الشبابية اذا رأت من هذا النظام انه بدأ فعلا عملية إصلاحات (ملموسة في الواقع) تحقق أهداف الشباب وتشركهم في عملية البناء والتحديث دون اي تمييز فإن هذا كفيل وبشكل تدريجي وسلس وقبل نهاية العام بأن يزيل مظاهر احتقان الشارع الشبابي الذي يسعى أولا وأخيرا لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية واجتماعية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي وفتح المجال السياسي أمام الجميع بعدالة. أيها الأعزاء من ابناء اليمن علينا ان ندرك ان الفوضى الناتجة من رفض الحوار ومن الاحتكام للشارع يمكن تأطيرها.. لكن الفوضى التي ستنتج عن أي تغييرات راديكالية يراد احداثها باسم الشباب ستصب لحساب اطراف تتهيأ للسيطرة على السلطة كما سيطرت اليوم على كل منابر التعبير في ميدان الجامعة.. هي أزمة ستشمل الكل فلن تبقي ولن تذر!.وللشباب أن يدركوا أن من سيطر على الميكرفونات وعلى اللجان وعلى توجهات الشباب في ميدان الجامعة وعلى حق الشباب في عرض مطالبهم على صناع القرار الحكومي (زيارة رئيس الوزراء) هو من يريد السيطرة على السلطة باسم الشباب بعيدا عن الصندوق دون وجه حق. فاللقاء المشترك بقياداته يدركون أن في الحوار حلا للمشكلة التي يمر بها الوطن وقد قالوها صراحة (لا نريد حواراً ينقذ النظام) وهذا ما لا يريدونه فما يريدونه هو استفحال المشكلة لان هذا كما يعتقدون يقربهم من هدف السيطرة على السلطة. فهم يعتقدون أن سيناريو رحيل النظام هو من سيوصلهم للسلطة و قد يكون ذلك صحيحاً الا ان هذا الوصول في ظل وضع مضطرب وغير توافقي قد يكون على حساب اليمن الذي قد ينقسم الى يمنين و ربما الى يمنات !.والخوف أن يذكر التاريخ في صفحاته أن علي عبدالله صالح كان آخر رئيس لليمن الواحد واننا الجيل الذي ضيع الوحدة... وان السكوت أمام ما كان يحاك ضده من خطط للانقلاب عليه كان في الحقيقة سكوتاً على انقلاب ليس على رئيس شرعي فقط بل كان أيضا على مكتسبات البلد الديمقراطية وعلى وحدته... وعندها لن تفيد الآهات ولا زفرات التندم وعبارات الأسف .[c1] وليحفظ الله اليمن.. وخير اليمن[/c]
|
تقارير
في ظلال الأحـداث.. رسالة إلى الشباب
أخبار متعلقة