أضواء
في الأسبوع الماضي انطلق صندوق خليفة لتمكين التوطين “تمكين” بقرار من صاحب السمو رئيس الدولة والمخصص لدعم توظيف المواطنين في القطاع الخاص بدعم حكومي من خلال تحمل الدولة لجزء من المتطلبات المالية لتوظيف المواطنين في منشآت القطاع الخاص. ويعتبر ذلك نقلة نوعية في برامج التوظيف الخليجية ومساهمة فعالة في حل المسائل المتعلقة بتوفير فرص العمل، مما ستكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية مهمة، وخصوصاً أن توفير فرص العمل للمواطنين أخذ يحتل حيزاً كبيراً من الاهتمام الخليجي.لقد حدث خلال العقدين الماضيين الكثير من التغيرات في البنية الاقتصادية لدول مجلس التعاون، فالكفة الاقتصادية بدأت تميل من جديد للقطاع الخاص الذي نما بصورة سريعة في العقود القليلة الماضية، وذلك بعد أن هيمن القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية بعد تدفق عائدات النفط. وفي المقابل استفاد القطاع الخاص من الاستثمارات الحكومية الهائلة في البنى التحتية التي أتاحت تنمية استثماراته بسرعة كبيرة وبأسعار خدمات متدنية ومدعومة في كثير من الأحيان، مما يتطلب أن يتجاوب هذا القطاع مع التوجهات الرسمية، على اعتبار أن القطاع العام أصبح مشبعاً، بل ويعاني من فائض في التوظيف في العديد من القطاعات.وتختلف التوجهات الحالية عن سياسة التوطين السابقة التي اعتمدت على عملية إحلال الأيدي العاملة الخليجية محل الوافدة التي حققت نتائج محدودة بسبب اختلاف طبيعة المهن والوظائف المناسبة للخليجيين عن تلك التي يشغلها الوافدون، إذ إن التوجهات الحالية ترمي إلى إيجاد فرص العمل التي تناسب ثقافة العمل الخليجي، حيث إن زيادة أعداد العاملين المواطنين في القطاع الخاص لا تتم بالضرورة من خلال عملية الإحلال للأجانب، وإنما من خلال استحداث وظائف جديدة تفرزها عملية النمو المتواصلة لأنشطة القطاع الخاص.والحال أن توفير المزيد من الوظائف يرتبط أساساً بحجم النمو والتوسع الاقتصادي، ففي دولة قطر التي حقق الاقتصاد المحلي فيها نسبة نمو كبيرة في العام الماضي 2010 قدرت بـ16 في المئة تم خلال شهري يناير وفبراير الماضيين توظيف 784 مواطناً قطرياً، منهم 557 بنسبة 71 في المئة في القطاع الخاص و227 بنسبة 29 في المئة في القطاع الحكومي.أما في دولة الإمارات، فإن النتائج الإيجابية لصندوق خليفة لتمكين التوطين ستبرز بصورة سريعة لتساهم في حل العديد من القضايا الخاصة بسوق العمل في الدولة، كتأهيل المواطنين وتوفير آلاف فرص العمل لهم في القطاع الخاص، ما سينعكس على مشاركة أكبر للمواطنين في العملية الإنتاجية ويكسبهم خبرات متنوعة بعد أن كانت معظم خبراتهم تتم في القطاع العام.لقد وضع برنامج خليفة للتمكين الأسس الضرورية لإحداث هذه النقلة النوعية في سوق العمل المحلية، إلا أن هذا التوجه المهم بحاجة إلى تعاون القطاع الخاص المحلي والأجنبي الذي توفر له الدولة كل سبل النجاح من بنى تحتية وخدمات متطورة، مما يلزمه بالتعاون لإنجاح هذا التوجه، كما أن تجاوب المواطنين وتحمل الصعوبات في بداية عملهم بالقطاع الخاص يعتبر أمراً مطلوباً، وخصوصاً أنهم سوف يجنون ثمار هذا التوجه من خلال اكتسابهم خبرات نادرة ومتنوعة متاحة في أنشطة القطاع الخاص، ما سيوفر لهم فرصاً مثالية لتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية.ونظراً للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لصندوق خليفة للتمكين، فإنه يمكن تعميم هذه التجربة لتشمل كافة دول مجلس التعاون الخليجي من خلال التنسيق بين وزارات العمل وتبادل الخبرات في هذا الشأن، وذلك للمساهمة في حل بعض معضلات سوق العمل والتركيبة السكانية، تلك القضايا التي تواجهها كافة دول مجلس التعاون الخليجي والمتشابهة إلى حد بعيد.------------------------------[c1]*عن/ جريدة (الاتحاد) الإماراتية [/c]