مراحل الحركة النسوية العالمية
عرض / أماني العسيري :تعود بدايات صراع المرأة للحصول على حقوقها والدفاع عنها في ظل السيطرة المفروضة عليها من الرجل إلى منتصف القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين بعد قيام النهضة الأوربية حيث تشكلت تحت مسمى الحركات النسوية أو المذهب النسوي الذي قادته عدد من النساء المفكرات في مختلف الدول الأوروبية وأمريكا ، وقد مرت بمراحل عديدة حتى وصلت إلى الصورة التي نراها اليوم ، وبدأت هذه المراحل من المطالبة بالحرية والعدل والمساواة ، والحصول على حق الاقتراع ، حتى وصلت إلى المرحلة الثالثة التي سميت ما بعد الحداثة .فبعد أربعة قرون من قيام النهضة الأوروبية تمخض المشروع الحداثي عن ميلاد المذهب النسوي ، وهو مصطلح يشير إلى وجود جماعات متغايرة ومترابطة من النساء والرجال في مختلف الدول الأوربية وأمريكا ، ترفع صوتها دفاعا عن المرأة وحقوقها ، وقد تطورت هذه الحركة النسوية في عدد من المستويات وفي ثلاث مراحل أساسية، أما بالنسبة للمستويات فهي حركات اجتماعية وسياسية واقتصادية و أخلاقية وحقوقية وحركات فكرية فلسفية ثقافية وعلمية وبحسب الجنس . المرحلة الأولى تعود المرحلة الأولى لانطلاق الحركة النسوية من منتصف القرن الثامن عشر حتى بداية القرن العشرين ، وعرفت هذه المرحلة بالحركة النسوية الليبرالية ، تقوم مطالبها على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة على يد مفكرات أمثال اولمب ذي جوج من مفكرات الثورة الفرنسية ومعاصرتها البريطانية ماري ولستو نكرفت وهاريت تايلور ، وفلاسفة أمثال ستوارت مل وكوندر سيه . وقد تم صياغة الحركة النسوية لأول مرة في العام 1895م لتعبر عن تيار ترفده اتجاهات عدة ، ويتشعب إلى فروع عدة . المرحلة الثانيةوبدأت ملامح المرحلة الثانية بالظهور منذ حصول المرأة على حق الاقتراع في بريطانيا عام 1918م وقد اشتهرت في ذلك البريطانية اليانور راثبون التي كانت تترأس الاتحاد القومي للجمعيات من اجل مواطنة متساوية 1919 م ــ 1929 م ، إذ قالت في خطبتها المعنونة بالتغيرات في الحياة : ( نحن مواطنات كما أننا نساء .. ما طبيعة ذلك العمل الذي ما يزال خارج نطاق فعالية البريطانيات ما تلك المساهمة الخاصة التي يجب أن تنتظر من النساء كنساء بخلاف الرجال ... ) . كما قامت الانجليزية اوجليفي جوردن رئيسة المنظمة القومية للمواطنات عام 1936 م بكتابة تصور عن « المواطنات إخواننا في الإنسانية» قائلة : إن المواطنة الحقيقية لا تعني القتال في ميدان المعركة ولا عظمة الامبراطوية التي تكسبها في ميادين القتال عن طريق جيشها أو أسطولها .. المواطنة تتأسس على مراعاة جارك وهي مستوى الراحة في الأكواخ التي يعيش فيها الناس » . وقد امتدت هذه الحركة حتى السبعينات وزخرت بعدد من المفكرات أمثال الفيلسوفة الوجودية الفرنسية سيمون دوبوفوار التي استلهمت هذه الموجة بكتابها العمدة ( الجنس الثاني 1949 م ) وإعلان أن المرأة لاتولد امرأة إشارة إلى الدور الكبير الذي يقوم به المجتمع في صياغة وضع الأنثى . الفيلسوفة الانجليزية سولاميت مايرستون في كتابها جدل الجنس 1974 م . المرحلة الثالثة أما المرحلة الثالثة لصعود الحركة النسوية فقد كانت منذ سبعينيات القرن العشرين ، وفي هذه المرحلة أطبقت الثورة الجنوسية بمعناها المعاصر ، مرحلة ما بعد الحداثة ، منذ ما بعد السبعينيات حتى اليوم وتضم اتجاهات متعددة منها نسوية إنسانية ونسوية تفكيكية ونسوية ممركزة للمرأة وقد برزت في هذه المرحلة عدد كبير من الفيلسوفات أمثال الفرنسية لوس ايريغاراي التي نشرت عام 1972م نظرة تأملية للمرأة الأخرى . و يعد ما قامت به كل من ميشال الودوف أستاذ الفلسفة في دار المعلمين العليا بفرنسا عبر كتابها « المخيال الفلسفي « والانجليزية كارول باتمان ، التي نشرت عام 1972 م كتاب المشاركة والنظرية الديمقراطية من أهم ما تميزت به النسوية منذ أواخر القرن الماضي ، وزاد من ذلك ظهور خطاب نسوي نقدي راديكالي .اتجاهات الحركة النسوية وقد تنوعت الحركة النسوية في اتجاهاتها الفكرية الليبرالية والماركسية والراديكالية والاشتراكية والوجودية وما بعد الحداثة ، و تعزز نضال المرأة بصدور عدد واسع من التشريعات الدولية والمحلية بشان حقوق الإنسان والمرأة والطفل ، ابتداء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ثم مرورا باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 18 ديسمبر 1979 م .