إعداد / عبدا لله بخاش بالأمس كان لنا نجاح وإبهار في القضاء على أمراض الحصبة وشلل الأطفال الرخوي والدودة الغينية أو ما يعرف شعبياً ب(عروق الماء).كان النجاح رائعاً ومميزاً حصدنا من خلاله ثمرة الأمان والطمأنينة وراحة البال من المخاوف الخطيرة التي تهدد مصير ومستقبل أجيالنا القادمة .كان الانتصار رائعاً والفرحة كبيرة عمت كل الوطن ودخلت إلى كل الأسر... لا مخاوف بعد اليوم فقد تهاوت بالامس حصون الشلل أو الحصبة أمام تعاضد أبناء الشعب وتوحدهم في حملات التحصين الوطنية لاستئصال الأمراض البائدة من حياة الأجيال .اليوم... لقاؤنا يتجدد وتعاضدنا يترسخ في مواجهة عدو جديد اسمه البلهارسيا لكنه لن يكون أقوى من سابقيه، ولن يكون أيضا أعظم من إرادة وهمة الشعب العظيم .يعد داء البلهارسيا من أكثر الأمراض الطفيلية انتشارا في المناطق المدارية وشبة المدارية، حيث يتوطن المرض في ( 74) دولة في أفريقيا وآسيا وأمريكيا الجنوبية وجزر الكاريبي .كما تنتشر الديدان المنقولة بواسطة التربة انتشارا واسعاً في المناطق المدارية وشبة المدارية وخاصة في المجتمعات الفقيرة في المناطق الريفية.ويقدر عدد المصابين بالبلهارسيا والديدان المنقولة بواسطة التربة في العالم بحوالي بليوني شخص ( ثلث سكان العالم تقريباً) ما يشكل أكثر من 50% منهم أطفال في سن المدرسة ( 6- 15سنة). وتختلف البيئة المفضلة لانتشار الديدان المنقولة بواسطة التربة عن البلهارسيا حيث تنتشر في المناطق ذات التربة الرطبة بينما البلهارسيا تحتاج إلى مياه عذبة وتربة رطبة.
وتعتبر البلهارسيا واحدة من المشاكل المرضية ذات الأولوية ، حيث تتوطن في معظم محافظات الجمهورية باستثناء بعض المناطق في المحافظات الواقعة على ساحل البحر الأحمر غرباً والبحر العربي جنوباً والمناطق الشمال - شرقية ( صحراء الربع الخالي ). ويقدر عد المصابين بمرض البلهارسيا في الجمهورية اليمنية بأكثر من 3 ملايين شخص حيث يتوطن في الجمهورية نوعان من البلهارسيا هما: البلهارسيا البولية والبلهارسيا المعوية فيما يقدر (80%) من المصابين في العالم تحت سن الـ 18، فأن أكثر من( 50% ) من المصابين بالبلهارسيا والديدان المنقولة بالتربة هم الأطفال في سن الدراسة من 6 - 18 سنة بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية 1998م .[c1]البلهارسيا والفقر[/c]وعادة توصف البلهارسيا والديدان المنقولة بالتربة بأنها أمراض الفقر والفاقة، إذ تسبب هذه الأمراض الكثيرمن المضاعفات والوفيات بالإضافة إلى مساهمتها في تفاقم الفقر والفاقة من خلال إضعاف الأداء الإدراكي ( التبلد وضعف الذكاء) والحد من نمو الأطفال ،وخفض القدرة على العمل وبالتالي انخفاض معدل إنتاج البالغين أما من ناحية المضاعفات وعبء المرض على الأطفال في سن المدرسة في الدول النامية، فتصنف الديدان المعوية على أنها العدوى الأولى بين مسببات الأمراض المستوطنة وغير المستوطنة ( المعدية وغير المعدية).وتنتقل البلهارسيا والديدان المنقولة بالتربة بواسطة بيض الديدان الذي يفرز مع البراز الآدمي أو البول ملوثاً التربة أو مصادر المياه في المناطق التي تفتقر إلى التصريف الصحي المناسب والمجاري.
حيث يصاب الناس من خلال ابتلاع البيض المعدي او اليرقات الموجودة في الأكل أو الأيادي الملوثة بها او من خلال.اختراق الجلد من قبل اليرقات المعدية التي تلوث التربة ( انكلستوما) أو الماء ( البلهارسيا schisto) ويعتبر برنامج مكافحة البلهارسيا والديدان المنقولة بواسطة التربة بين الأطفال في سن المدرسة من أفضل طرق المكافحة للتخلص من البلهارسيا والديدان المنقولة بالتربة، وذلك لسهولة تنفيذه والتغطية الواسعة بتكاليف قليلة، وقد حقق هذا البرنامج نجاحاً كبيراً في الكثير من دول العالم.[c1]المستهدفون من الحملة [/c]المستهدفون للمعالجة هُم الأطفال في سن المدرسة والذين تتراوح أعمارهم بين (6 - 18 ) سنة وينقسمون إلى قسمين :الأطفال في سن المدرسة الملحقون بالمدارس والوصول إليهم لا يمثل مشكلة كبيرة.الأطفال في سن المدرسة غير الملتحقين بالمدارس والوصول إليهم يعتبر تحدياً كبيراً لأي برنامج مكافحة..أما لماذا في سن المدرسة ؟فتكمن الإجابة في أن شدة الإصابة بالبلهارسيا والديدان مرتفعة عادة بين الأطفال في الفئة العمرية 6 - 18 سنة أكثر منها في أي فئة عمرية أخرى فضلا عن الآثار التي تتركها الإصابة بالبلهارسيا والديدان المنقولة بالتربة على المستوى الصحي والتعليمي . أما السؤال الأبرز في الموضوع فهو: كيف يمكن الوصول إلى الأطفال غير الملتحقين بالمدارس ؟ففي بعض المناطق تكون نسبة الأطفال في سن المدرسة الذين لا يذهبون إلى المدارس مرتفعة ، وإذا اقتصرت برامج المكافحة على طلاب المدارس فمن المتوقع أن نحرم من هم ضمن الفئة العمرية الأكثر حاجة للمعالجة ،وهناك طريقة واحدة للوصول إلى هذه المجموعة وهي الطلب من الأطفال المسجلين ( الطلاب) إخبار إخوانهم وأخواتهم وأقربائهم وأصدقائهم عن يوم المعالجة في المدرسة وطلب حضورهم لتلقي العلاج مجاناً في المدرسة .كما يمكن من خلال التثقيف الصحي الوصول إلى تطبيق مبادرات محلية لتغيير السلوك نحو تأمين الظروف المؤدية إلى الحالة الصحية من خلال تدريب وتحفيز التلاميذ على ممارسة الأنماط الحياتية الصحية من خلال الاهتمام بصحتهم وصحة أفراد عائلاتهم ومجتمعاتهم المحلية التي يعيشون فيها .وإن التعاون الوثيق بين موظفي الصحة والتربية والتعليم ضروري لتمييز السلوك الذي يجب أن يمارسه المجتمع نحو تعزيز صحة أفراده.وتعزيز المعايير الأساسية للنظافة من خلال توافر الصرف الصحي والمراحيض النظيفة في المدارس، إلى جانب المياه النقية. كما يجب أن يعرف الناس السلوك المحتمل الذي يؤدي إلى الإصابة بالديدان ( الطفيليات ) لكي يتم تجنب هذا السلوك .وتشجيع الطلاب على ممارسة السلوك الصحي السليم .وعموما فان في تكاتف وتعاضد أبناء المجتمع مع الحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا خلال (11-14) مارس القادم تحقيق لنجاح آخر يصب في تعزيز الصحة العامة في ارض السعيدة العربية.