القطاع السمكي .. مستقبل واعد وتحولات كبيرة في عهد الثورة والوحدة
صنعاء / سبأ :يعد القطاع السمكي من أبرز القطاعات الإنتاجية الواعدة في اليمن، حيث يعول عليه في استقطاب المزيد من الاستثمارات سواء في عملية الاصطياد أو التصنيع،ومن ثم الإسهام في زيادة معدل النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل.ويكتسب هذا القطاع أهميته ليس لأن اليمن تمتلك شريطا ساحليا يمتد لأكثر من 2500 كيلومتر فحسب، وإنما لأن هذه الثروة متجددة وغير قابلة للنضوب إذا ما تم استغلالها بالشكل المناسب، فضلا عن أن هذا القطاع يحتل المركز الثاني من حيث نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بعد القطاع النفطي.ومن هذا المنطلق؛ جاء اهتمام الدولة منذ فجر الثورة اليمنية المباركة بهذا القطاع بعد أن عانى الإهمال في فترة ما قبل الثورة من قبل النظام الإمامي الكهنوتي، والاستعمار، الأمر الذي لم يمكن البلد من الاستفادة من الثروة السمكية الهائلة التي تزخر بها الشواطئ اليمنية، والمياه الإقليمية في البحرين الأحمر والعربي، كما لم يستفد البلد من الموارد الطبيعية الأخرى التي تزخر بها الأرض اليمنية.وظل قطاع الأسماك قبل الثورة عديم الجدوى لعدم توافر إمكانات ووسائل الاصطياد الحديثة، والمنشآت الخدمية للصيادين بشكل عام، بما في ذلك ثلاجات حفظ الأسماك .. فضلا عن صعوبة تسويق المنتجات السمكية داخليا لغياب الطرق المسفلتة والعزلة التي كانت تعانى منها اليمن مع العالم الخارجي في تلك الفترة. وقد حظي هذا القطاع باهتمام الحكومات المتعاقبة في عهد الثورة، خصوصاً منذ مطلع الثمانينيات، لكن الاهتمام الأكبر كان عقب إعادة تحقيق وحدة الوطن وإعلان الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م من خلال توفير مقومات النهوض لهذا القطاع، المتمثلة في توفير البنى التحتية وإصدار التشريعات القانونية المنظمة للاصطياد في المياه الإقليمية، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال الأمر الذي أسهم في تطوير وزيادة الإنتاج السمكي، ووفر المقومات المناسبة لإقامة عدد من المشاريع الاستثمارية لصناعة المنتجات السمكية. وقد بلغ إجمالي ما تم إنفاقه لتطوير هذا القطاع خلال الأعوام الستة عشر الماضية نحو 11 مليار ريال.. وارتبطت القفزة الحقيقية لهذا القطاع بتنفيذ مكونات مشروع الأسماك الرابع، الذي تبنته الحكومة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال الفترة98 /2001 والبالغ تكلفته 39.5 مليون دولار، كونه واحدا من أهم واكبر مشاريع الاستثمار الحكومي في القطاع السمكي، الذي ساهم في تحسين طرق الاصطياد ودعم مراكز الأبحاث السمكية وحماية البيئة البحرية. كما أن إنشاء صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي في السنوات الأولى لإعلان الوحدة المباركة أسهم هو الآخر في تنمية الاستثمارات في القطاع السمكي خلال الفترة من 96 /2005، من خلال دعم تنفيذ مشروعات كبيرة تجاوزت كلفتها 6 مليارات ريال. وقد أسهمت الجهود المبذولة من قبل الدولة لتحديث هذا القطاع واستغلال هذه الثروة التي حبا الله بها اليمن، سواء من خلال الخطط والبرامج الممولة ذاتيا أو بدعم من الاتحاد الأوروبي والمانحين، أسهمت إلى حد ما في زيادة إنتاجية القطاع وحجم الصادرات، حيث وصلت قيمة الصادرات السمكية العام الماضي إلى 280 مليون دولار مقارنة بـ 27 مليون دولار في عام 1990. كما حقق الإنتاج السمكي العام الماضي معدل نمو متوسط بلغ 20.3، بزيادة عما استهدفته الخطة الخمسية الثانية للتنمية 2001/2005 بنحو 41 ألفا و548 طنا، ليصل الإنتاج في عام 2005 إلى 290 ألف طن، بقيمة 50.7 مليار ريال وبزيادة 82 ألف طن عن العام السابق له. في حين وصل إجمالي عدد الصيادين العاملين في هذا القطاع إلى 65 ألفا، بالإضافة إلى ما وفره القطاع السمكي من فرص عمل بصورة غير مباشرة، بدءا من العاملين في مجالات الإنزال والنقل والتسويق السمكي ومعامل التحضير، وانتهاء بالعاملين في الأنشطة والخدمات المرافقة الأخرى، كصناعة الثلج والقوارب والتجارة بوسائل الاصطياد مثل الشباك وغيرها. وعلاوة على ذلك؛ فقد بلغ إجمالي المشاريع الاستثمارية المرخصة في هذا القطاع خلال الفترة من 92 - 2005م 145 مشروعا، بتكلفة تربو عن 30 مليار ريال، توفر نحو سبعة آلاف فرصة عمل، وذلك إلى جانب المشاريع القائمة في مختلف المحافظات والمتمثلة بوجود 40 مركزا لإعداد الأسماك للتصدير، و3 مصانع لتعليب الأسماك، وأكثر من خمسة مصانع لتصنيع القوارب وعشرات المصانع للثلج. وتعمل الحكومة حاليا على تنفيذ مشروع ترويجي لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمارات في مشروع الاستزراع السمكي، وذلك في حوالي35 موقعا صالحا للاستزراع على الشريط الساحلي. وأفاد م. محمود إبراهيم صغيري، وزير الثروة السمكية، بأن الحكومة ستبدأ هذا العام بإنشاء مزرعة نموذجية للجمبري في منطقة اللحية على البحر الأحمر، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1000 طن من الجمبري، في الوقت الذي تقدمت فيه شركات ألمانية بعرض لإنشاء مزرعة للأسماك في محافظة حضرموت، بطاقة إنتاجية تقدر بنحو 500 طن سنويا. كما يجرى حاليا دراسة طلبات أجنبية للاستثمار في مزارع بحرية لتسمين التونة، وإنشاء مزارع بحرية مغلقة. وفيما أشار إلى الجهود التي بذلت لتكريس المشاركة المجتمعية الواسعة في الإنتاج السمكي من خلال دعم الجمعيات السمكية التي ارتفع عددها من20 جمعية عام 1990م الى121 جمعية حاليا.. تطرق إلى الدعم والتشجيع الذي تقدمه الحكومة لتحفيز أنشطة الجمعيات السمكية والصيادين التقليديين من خلال التمويل الكافي لأنشطتها بمنح الإقراض الميسرة من صندوق التشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي في مجال استكمال مراكز الإنزال، وساحات الحراج ومصانع الثلج، ووسائل النقل المبردة، إلى جانب ما يقدم للصيادين من قروض ميسرة من قبل بنك التسليف التعاوني الزراعي. ولفت بهذا الصدد إلى أنه سيتم هذا العام توزيع نحو 1000 قارب حديث مزودة بالمحركات البحرية، ومدعومة من الحكومة بواقع 50 من التكلفة الإجمالية، والنسبة الباقية قروض ميسرة بفوائد مخفضة، وذلك بهدف إيجاد فرص عمل للصيادين التقليدين. واعتبر م. محمود إبراهيم صغيري مشروع إدارة المصائد السمكية والحفاظ عليها مشروع الأسماك الخامس أنه يمثل أحد مجالات الاستثمار الحكومي في القطاع السمكي خلال الخطة الخمسية الثالثة للتنمية والتخفيف من الفقر. ويتوقع البدء بتنفيذه أواخر العام الحالي ويستمر أربع سنوات، بتكلفة إجمالية تصل إلى 35 مليون دولار، وبدعم من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والحكومة. ويأتي مشروع الأسماك الخامس في إطار البرامج الاستثمارية لتنمية القطاع السمكي في اليمن ضمن الخطة الخمسية الجديدة، الذي رصدت له الحكومة 120 مليون دولار، حيث سيركز المشروع بشكل أساسي على تطوير البنية التحتية للثروة السمكية الهائلة في اليمن وتدعيم عملية مراقبة الجودة بما يرقى إلى المستوى المطلوب، وكذا إنشاء محطات بحثية على طول الشريط الساحلي لليمن، الممتد من ميدي على البحر الأحمر مرورا بخليج عدن وانتهاء بمنطقة شحن المحاذية لسلطنة عمان على بحر العرب، فضلا عن إنشاء موانئ سمكية وكواسر أمواج وساحات حراج جديدة في مدن المحافظات الساحلية وإعادة تأهيل وتوسعة العديد من موانئ الاصطياد السمكي.. كما انه سيعمل على خلق مراكز لتربية الأحياء المائية، بحيث تكون نواة للاستزراع السمكي في الجمهورية اليمنية. وتشمل مكونات مشروع الأسماك الخامس دعم إعادة هيكلة وزارة الثروة السمكية في اتجاه اللامركزية على مستوى أنشطتها، وتفعيل النظام الإحصائي وشبكة المعلومات، وكذا دعم الجمعيات والتعاونيات السمكية وتفعيل دور الرقابة والتفتيش البحري. ولفت الوزير صغيري إلى أن الحكومة ممثلة بوزارة الثروة السمكية تسعى جديا خلال سنوات الخطة الخمسية الثالثة للتنمية والتخفيف من الفقر 2006 / 2010 إلى رفع معدلات الإنتاج السمكي السنوي إلى 700 ألف طن بنهاية عام 2010، وإعادة هيكلة الصادرات السمكية، وتحقيق معدلات نمو سنوية في الناتج الإجمالي السمكي لتصل في المتوسط إلى 6. وتستهدف الخطة تحسين جودة الأسماك وتسويقها وزيادة الصادرات السمكية بمعدل نمو سنوي 5,8 لتصل إلى 124 ألف طن بنهاية 2010، ورفع قيمة الصادرات السمكية سنويا لتبلغ 500 مليون دولار بنهاية 2010، إلى جانب تحسين البنية الأساسية والإنتاجية الساحلية لمصايد الأسماك، وتحسين وسائل ومستلزمات الإنتاج السمكي وتنمية وتطوير التعاونيات السمكية. وتشير الدراسات والبحوث السمكية العلمية، ونتائج المسوحات التي نفذت من قبل البعثات والمنظمات الدولية ومركز أبحاث علوم البحار بعدن، بالتعاون مع المعاهد العلمية البحثية والسمكية الروسية إلى أن المياه الإقليمية اليمنية غنية بأكثر من 450 نوعا من الأسماك والأحياء البحرية، يتم استغلال واصطياد ما بين 60 إلى 70 نوعا منها. كما تشير إلى أن أكثر من 500 ألف فرد يستفيدون مباشرة من القطاع السمكي، إذ يوفر أكثر من100 ألف فرصة عمل، بينها 700 ألف فرصة عمل في الاصطياد، و30 ألفا في الصناعات السمكية والأنشطة الأخرى المرتبطة بها في القطاع.