ملامح رمضانية
القاهرة /14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية : التمور هي تلك الثمرات التي يشق بها المسلمون في جميع الدول العربية صيامهم فور رفع المؤذن أذان صلاة المغرب ، فضلاً عن أنها رمز الشموخ العربي والكرم والأصالة وفي شهر رمضان تمتلىء الأسواق العربية بأنواع التمور المتعددة ، والتي تختلف أسماؤها من بلد إلي آخر ، والنخلة شجرة مباركة دون سواها من الأشجار ، وقد فضلها الله تعالي وذكرها في آيات متعددة في كتابه العزيز .. ويعد تناول التمور سنة عن رسولنا الكريم ( وعن عائشة رضي الله عنه قالت : قال رسول الله > “ بيت ليس فيه تمرجياع أهله) ومن هنا لا تخلو موائد الافطار أو السحور وما بينهما من حضور التمر ، فهو من المواد الغذائية المتكاملة ، والتي يحرص الصائمون علي الإقبال عليها ، وشرائها خلال أيام الشهر الفضيل .والتمر فاكهة مباركة أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبدأ بها فطورنا في رمضان ، فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة ، فإن لم يجد تمرا فالماء ، فإنه طهور “ رواه أبو داود والترمذي .وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر قبل أن يصلي علي رطبات ، فإن لم تكن رطبات فتميرات ، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من الماء “ رواه أبو داود والترمذي .ولا شك أن وراء هذه السنة النبوية المطهرة إرشاداً طبياً وفوائد صحية وحكما رشيد . فقد اختار رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجمة وليس فقط لتوافرها في بيئته الصحراوية ، فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله وخصوصا المعدة التي تريد التلطف بها ، ومحاولة إيقاظها باللين ، والصائم في تلك الحال بحاجة إلي مصدر سكري سريع ، يدفع عنه الجوع مثلما يكون في حاجة إلي الماء ، وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلي الدم هي المواد السكرية ، وخاصة تلك التي تحتوي علي السكريات الأحادية أو الثنائية (الجلوكوز أو السكروز) لأن الجسم يستطيع امتصاصها بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة ، ولا سيما إذا كانت المعدة والأمعاء خالية كما هي عليه الحال في الصائم ، ولو بحثت عن أفضل ما يحقق هذين الهدفين معا (القضاء علي الجوع والعطش ) فلن تجد أفضل من السنة المطهرة ، حينما تحث الصائمين على أن يفتتحوا إفطارهم بمادة سكرية حلوى غنية بالماء مثل الرطب ، أو منقوع التمر في الماء .ويقول المؤرخون بالعثور على ( نوي ) البلح في مصر منذ العصر الحجري ، كما دلت الحفريات التي أجريت في مقابر الفراعنة علي معرفتهم به ، حيث كتب المصريون القدماء على جدران معابدهم عن فوائده الغذائية ، كما كان التمر طعاما للسيدة مريم العذراء أثناء حملها بالسيد المسيح عليه السلام ، إذ يقول الله تعالي في كتابه العزيز : “ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا “ .. وقد جاء في إحدي المخطوطات القديمة أن النخلة سيدة الشجر مخلوقة من طين آدم عليه السلام ، وقال رسول الله > : “ أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام “.[c1]فوائد التمور [/c]ومن الأشياء المتعارف عليها لدي المصريين أن التمر يبعث علي السكينة والهدوء ، ويقلل إلي حد كبير من التوترات التي تصاحب الصائم أثناء وقت الصوم . وهو الغذاء الذى تجده حاضرا على كافة الموائد سواء كانت للفقراء أو الأغنياء .. وينصح الأطباء بتناوله لما يحتويه من مواد نشوية وبروتينية ودهنية وألياف ، وعلي فيتامينات (أ) و( ب) ، وعلى معظم العناصر المعدنية التي يحتاجها الجسم مثل الصوديوم والماغنسيوم والمنجنيز والحديد والنحاس والفوسفور والكبريت وأن كل مائة جرام من البلح تعطي أكثر من مائتين وخمسين سعرا حراريا .وبذلك فإن قيمة البلح الغذائية لا تقل عن اللحوم والأسماك .وجري العرف أن يصعد المؤذن لآذان المغرب ، ثم يشق صيامه بتمرة أو تمرتين ويتجرع رشفة ماء ، وقد يحدث أن ينطلق مدفع الإفطار وبعض الناس لم يصلوا إلى منازلهم بعد ، وعادة ما تمتد إليهم الأيادي بحفنات من التمر كما يحرص من يقوم بإعداد موائد الرحمن أن يكون التمر أحد الأصناف المميزة علي مائدة الافطار.[c1]أسواق التمور[/c]وهكذا عرف المصريون التمور منذ عهود بعيدة ، وتوارثت الأجيال الاهتمام بها ، خاصة في أيام شهر رمضان ، ومن أشهر الأسواق لبيع التمور هي السوق الكائن بمنطقة الساحل بالقاهرة ، والتي تتجاوز الأنواع المعروضة فيه العشرين صنفا مثل البلح السكوتي ( الفاخر) ، والبلح الشامي ( الشعبي ) .وتتباين أسعار التمر طبقا لجودته ، وإن كانت جميعا غنية بالسعرات الحرارية والمواد السكرية ، ويقبل عليها الصائمون لاستخدامها في عمل (الخشاف) سواء كان بالماء أو الحليب ، أو تناولها دون (نقع ) .ونظرا للإقبال الكبير علي شراء التمور) ، فقد خصصت لها الأسواق ، أو ما جر تسميته بأسواق (الجملة) ، وعليها يقبل الراغبون في الشراء من تجار ( التجزئة ) أو الأفراد لانخفاض الأسعار .. ولا يقتصر بيع ( التمور) علي أسواق ( الجملة ) فقط ، فقبل أيام من حلول شهر رمضان ، تطرح كميات وفيرة في المجمعات الاستهلاكية ، والتي تنافس الأسواق الأخري من حيث الجودة وإنخفاض الأسعار .وتجتذب هذه التجارة بعض الشباب خلال شهر رمضان ، فيقومون بشراء كميات كبيرة ، وافتراشها الأرصفة ، لما تحققه لهم من هامش ربح ، يتيح لهم أن يعاودوا الكرَّة أثناء أيام العيد .. وقد تؤثر العوامل الجوية في العائد المحصولي من عام لآخر ، حيث تندر في بعض الأحيان الأنواع الجيدة ، مما يضطر التجار إلي بيعها بأسعار مرتفعة ، ورغم ذلك فإن التمور ( المستوردة ) تفد إلي مصر على استحياء ، نظرا لانتشار النخيل في معظم أرجائها ، خاصة علي ضفاف النيل وفي مناطق سيناء وأسوان ورشيد ومن هناك يتم تجفيف البلح ويعبأ في أجولة ، أو يعبأ داخل أكياس من ( النايلون ) ، لتتراوح العبوة بين كيلو جرام وخمسة كيلو جرامات .وقد تزايد إهتمام مصانع الأغذية في الاقبال علي شراء البلح ، لتقوم بتجفيفه وطرحه في الأسواق داخل عبوات جاهزة مكتوب عليها السعر والصلاحية ، وعادة ما يقبل علي هذه العبوات أهالي المدن ، بينما يفضل أهالي الريف شراء (التمور) من الأسواق التي تقام في قراهم .[c1]مظاهر طريفة [/c]ومن المظاهر الطريفة التي تتكرر كل عام هي الإقبال المتزايد على شراء التمر قبل حلول شهر رمضان بأيام قليلة ، بعدها تتعرض حركة البيع والشراء إلي ركود تام ، حتي يقارب الشهر على الانتهاء ، وتنخفض الأسعار بشكل ملحوظ ، فيتزايد من جديد الإقبال على الشراء بكميات كبيرة ، ليحتل التمر أطباق الحلوى خلال أيام عيد الفطر المبارك ، حيث تتزاور العلائلات ويتجاذب أفرادها الحديث والمسامرة ، وهم يلتقطون حباته من الأطباق ، كما تمتلئ جيوب الأطفال به وهم يلهون ويمرحون في الشوارع والحدائق العامة.