لقد غاب عن العرب أن إسرائيل تمثل جزءاً رئيسياً من استراتيجية المصالح الغربية والامريكية وإنها أداة طيعة في تنفيذ أي مؤامرة دولية تكلفها بها الإدارة الامريكية ولو على حساب جثث الابرياء من المدنيين .. ولهذا لم يكن هناك مبرر منطقي للحرب الشرسة التي تشنها إسرائيل على لبنان حتى اللحظة وبحجة اختطاف جنديين لها من قبل مقاتلي (حزب الله) والذي كان يمكن تسوية المسألة بتبادل الاسرى بين الطرفين كما جرت العادة من سابق ، ولكن إسرائيل المتغطرسة سعت الى تغيير أساليب لعبتها السياسية لأنها كانت تبيت نوايا خبيثة للانقضاض على لبنان وزعزعة أمنه واستقراره .سلال السيد محمد فعلى مدى أربعة أسابيع وأكثر ولبنان يتعرض لقصف جوي وبحري وبري مستهدفاً بنيتها التحتية الاساسية ومعالمها الاثرية والثقافية ومبانيها السكنية في أنحاء متفرقة من ضواحيها الجنوبية الذي راح ضحيتها مئات الابرياء من المدنيين ، وإصابة آخرين بجروح بليغة ، واعاقات مستديمة !!كما لم تتورع إسرائيل المعتدية عن اقتراف أكبر مجزرة شنيعة يندى لها الجبين في منطقة (قانا) اللبنانية استهدفت قتل أكثر من ستين طفلاً كانوا يحتمون ليلاً في مخبأ آمن ولكن طائراتهاالغاشمة لم تجد هدفاً عسكرياً لها إلاّ قصف هذا المخبأ وضربه بمئات القذائف الصاروخية حتى تحول المبنى بطوابقه الثلاثة بما في ذلك الملجأ الارضي الى أنقاض ، والجثث الى أشلاء ممزقة !!ولكن بالرغم من كل أعمال العدوان والقصف المتواصل الذي تشنها عليها الطائرات الاسرائيلية ، وظل الصمت العربي المهين والتواطؤ الدولي المشين ، أثبتت لبنان الصامدة ، الابية ، إنها فوق كل الجراح فوجدت قواها الوطنية من كل ألوان الطيف السياسي والطائفي والمذهبي ووقفت صفاً واحداً لمواجهة هذا العدوان الصهيوني الغاشم ، فساندت مقاومتها الوطنية والاسلامية بقيادة ( حزب الله) الذي تولى الدفاع عن كل شبر من أراضي السيادة اللبنانية .لقد ضربت المقاومة الوطنية الاسلامية بقيادة ( حزب الله) أروع ملاحم البطولة والاستشهاد والتصدي في مواجهة الغزو البري للقوات الاسرائيلية ومحاولة توغلها في مناطق متفرقة من الضاحية الجنوبية للبنان وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وعدم تمكينها من الاستيلاء على مواقع ثابتة لها على أرض الواقع الميداني بالرغم من الغطاء الجوي لمشاة المدفعية .وبما أن قيادة المقاومة الاسلامية ومقاتليها قد صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، واعدوا للعدو الاسرائيلي الباغي ما استطاعوا من عدة وعتاد وفق رؤية استراتيجية سليمة لمتطلبات المعركة القتالية بكل ظروفها وتكتيكاتها الميدانية ، فقد تمكنوا من قصف المدن الاسرائيلية بالصواريخ ومن ضمنها مدينة حيفا ثاني أكبر المدن الاسرائيلية واوقعوا فيها دماراً شاملاً ، وخسائر جسيمة في الارواح وإصابة أهداف عسكرية محددة ، مما أثار في نفوس سكانها الرعب والهلع الشديد لأول مرة في تاريخ هذه المدن الاسرائيلية ولم يكن ذلك إلا كرد فعل لما تقوم به اسرائيل من قصف جوي على ضواحي لبنان الجنوبية .إننا نحيي صمود لبنان الباسلة ، ومقاتلي المقاومة الوطنية الاسلامية وما يحرزونه من انتصارات متلاحقة في مواجهة القوات الاسرائيلية المتغطرسة وإلحاق الهزائم المتكررة بها وكسر شوكتها العدوانية .وأخيراً نقول إنه مهما كانت التضحيات التي تتجرعها لبنان فإنها تهون في سبيل الدفاع عن حريتها وصيانة استقلالها وكرامتها الوطنية وسيادة أراضيها دون الخضوع لمنطق القوة والعدوان الاسرائيلي وعنجهيته البربرية التي لا تعرف ذرة من السلوك الحضاري الانساني ولعل من نعمة هذا الألم هو أنه قد ساعد لبنان على توحيد قواها الوطنية وعرفوا عدوهم الحقيقي المتربص بهم ، وكيف يفتحون أفقاً جديداً في تخفيف هذه الآلام ، فربما " يأتي الخير من باطن الشر " كما يقولون .
لبنان أرض الصمود والتحدي
أخبار متعلقة