مع الأحداث
من غير المقبول إجراء مفاضلة بين بقاء القوات الأمريكية في العراق، إلى أزمنة غير محددة، أو تدخل إيراني غير منظور، سواء عن طريق فئات تؤيده وتتحالف معه أو ما قيل عن تصدير إيرانيين لحمل جنسيات عراقية مدربين في التنظيم الأيدلوجي والعسكري يتم توطينهم من خلال استغلال فوضى الأنظمة، كمواطنين بهويات عراقية. الطرفان متداخلان مع واقع العراق الراهن وليس هناك من خيارات تؤدي إلى إبعادهما، إلا بتقوية الدولة وتلاحم الفئات المتصارعة، غير أن الأمر الواقع قد يدفع بالحكومة كخيار لا بد منه، أن توقع وثيقة تعاون أمني مع أمريكا، وهي إخلال تام باستقلال العراق، لكن إذا ما عرفنا أن الغزو جاء بهدف البقاء وليس الرحيل وأن مخزون العراق النفطي هو الاستراتيجية التي خططت لها بريطانيا قديماً من خلال حلف بغداد لها ثم أمريكا قبل وبعد إسقاط صدام حسين، وطالما السائل السحري هو محور القضية وكل ترتيباتها، فإن إيران لا تخفي أهدافاً مماثلة، وقد سعت زمن الشاه أن تكون القوة الإقليمية المطلقة بين جناحيء الخليج، وآسيا الوسطى بدعم ورعاية من الغرب وأمريكا تحديداً، وقد سقطت هذه الأهداف زمن الشاه لاعتبارات لا يجوز شرحها هنا، ولكنها ظلت جزءاً من تطلع إيراني ثابت في سياسة أي حكومة علمانية أو دينية. يبقى الشعب العراقي هو المعادلة، وإذا كانت الظروف الراهنة تفرض وجود ائتلاف شعبي بين الفصائل المتنازعة، لتقوية هيبة الحكومة، وابتعادها عن حالات الاستقطاب الإقليمي، أو حتى العربي الذي لا يقل مساهمةً في تفتيت العراق من خلال بعض الأنظمة، فإن هذا التوجه لا يعالج بالصدمات أو حسن النوايا، ولكن بتحليل تام للظرف الراهن وقواعد اللعبة المستمرة التي بدأت منذ الغزو ولم تنته مع حالات فقدان الأمن ورحيل ما يزيد على ثلث الشعب إلى منافي العالم. في السويد ينعقد مؤتمر للسلام والدعم المادي، وفق خطط تستهدف رفع المعاناة عن العراق وبناء أسسٍ لاستقراره، لكن مثل هذه المؤتمرات جرت للبنان، وفلسطين والسودان لكنها ظلت جزءاً من مناورات تحاول أن تخفي غاياتها الأساسية بظلال أهدافٍ غير منظورة، ومع ذلك يمكن كشف هذه الحقائق من سياق الطروحات والاجتماعات وتنفيذ القرارات، ونعتقد أن العراقيين، هم من يستطيع بلورة الحلول، وفتح المنافذ للمعونات وغيرها، بشرط أن تتحد إرادتهم، وأن لا تبقى كل فئة منهم تمثل بلداً خارجياً، أو نزعة متطرفة تريد كل الأشياء دفعة واحدة وهي التي غالباً ما تُسقط الأفكار التي تخلفها صيغ الحلول. العراق جذرٌ مهم في الأمن العربي، وطاقة مخزونه من النفط هائلة، وموقعٌ يقع على أطراف مناطق وأقاليم متجاذبة، وقد جرّب الحكم الملكي شبه الدستوري، وغرق في مذابح الأيدلوجيات الشرقية والغربية، وهناك من حاول إلى الآن، وضعه في قاطرة بعيدة عن فضائه العربي، لكن في النهاية يبقى العراق هو الوطن لكل العراقيين بمختلف انتماءاتهم الدينية، والمذهبية والقومية.. *عن / صحيفة (الرياض) السعودية