سيطر على مبان تبعد خمسمائة متر عن الموقع الذي يؤوي عناصر (فتح الإسلام)
بيروت / متابعات :توغلت قوات من الجيش اللبناني أمس بضع مئات من الأمتار داخل مخيم نهر البارد، حتى وصلت إلى تخوم المخيم القديم. وأحكم الجيش سيطرته على أربعة مبان وسط المخيم يعتقد أن قوات فتح الإسلام كانت تتحصن فيها، وتبعد المباني خمسمائة متر عن موقع التعاونية التي تؤوي عناصر فتح الإسلام، ويقصف الجيش اللبناني بعنف مناطق انتشار فتح الإسلام, مستخدما المدفعية الثقيلة وقذائف من عيار 155 ملم فيما ارتفعت سحب الدخان فوق المخيم وشوهدت عدة حرائق.في هذه الأثناء قصفت مروحية للجيش اللبناني ما قال إنها مواقع لمسلحي فتح الإسلام داخل المخيم. وقال الجيش اللبناني إن الاشتباكات التي تجددت بين الجانبين أسفرت أمس الأول وأمس عن مقتل نحو أربعة من جنوده. وكان الجيش اللبناني قد استأنف قصفه المدفعي صباح أمس لما يقول إنها مواقع للمسلحين. يأتي ذلك فيما جدد المتحدث باسم تنظيم فتح الإسلام رفض عناصره الاستسلام ومضيهم في القتال حتى النهاية. وقال أبو سليم طه "لن نستسلم وسنقاتل حتى آخر قطرة دم" مضيفا "لن يسقط المخيم على الرغم من القصف التدميري ولن يتمكن الجيش من دخوله". وقد حذر الجيش اللبناني في بيان له من مغبّة قيام عناصر فتح الإسلام باستخدام المساجد والمؤسسات الإنسانية في المخيم منطلقا لشن هجماتهم.وسيطرت القوات اللبنانية أمس الأول على ثلاثة مواقع رئيسية لعناصر فتح الإسلام ودمرت مواقع للقناصة على الحافتين الشمالية والشرقية للمخيم. وعلى صعيد الخسائر البشرية، أعلن متحدث عسكري امس مقتل نحو أربعة جنود لبنانيين في الاشتباكات مما يرفع قتلى الجيش اللبناني إلى 42 خلال أسبوعين.وأكد المصدر "أن المعارك مستمرة لحين إنهاء الحالة وأنه لا خيار أمامهم سوى الاستسلام والوقوف أمام العدالة".وبخصوص الوقت الذي ستستغرقه العمليات العسكرية قال المصدر إن الجيش يأمل القضاء سريعا على جماعة فتح الإسلام، متعهدا بعدم إلحاق ضرر بالمدنيين والمساعدة لاحقا في إعادة إعمار المخيم.وكان مسؤول بحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) داخل المخيم أعلن في وقت سابق أمس مقتل ثمانية عناصر من عناصر فتح الإسلام الجمعة في الاشتباكات.وأضاف أنه "لا إصابات بين المدنيين" في قصف الجيش اللبناني الجمعة للمخيم موضحا أنهم (المدنيين) "متجمعون في الجهة الجنوبية التي لا تتعرض للقصف".وقال عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج إن الاتصالات جارية بين فتح الإسلام والجيش اللبناني للتوصل إلى هدنة قصيرة لإخلاء الجرحى والتمكن من تزويد المدنيين بالمؤونة.من جانبه قال رئيس المفوضية الدولية للصليب الأحمر في لبنان جوردي رايك إن قوافل الإغاثة لم تتمكن من تأمين وصول المؤن للمخيم نتيجة تجدد الاشتباكات منذ أمس الأول، مؤكدا أن الأمور تزداد صعوبة للمدنيين خاصة أن المؤن التي أدخلت سابقا تكفي لأيام فقط حسب تعبيره. في ذات السياق أكدت الناطقة باسم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هدى سمرا أمس أن الأوضاع الإنسانية أصبحت متأزمة داخل مخيم نهر البارد، مشيرة إلى أن الأونروا لم تستطع إدخال مساعدات غذائية إلى المخيم في اليومين الأخيرين.وتشير الأونروا إلى أنه لا يزال يقيم في المخيم نحو خمسة آلاف مدني من أصل 31 ألفا نزح عدد كبير منهم لمخيم البداوي.وحذر الجيش من استخدام المدنيين دروعا بشرية في الاشتباكات العنيفة التي يسعى من خلالها الجيش تطبيق خطة لاستدراج مقاتلي التنظيم في مربع واحد وعزلهم عن المدنيين.كما طالب الفلسطينيين في المخيم بالتحلي بالصبر.. مؤكدا أنه حريص على حياة المدنيين. كما دعا في بيان الجمعة عناصر فتح الإسلام إلى الاستسلام.لكن التنظيم يرفض تسليم عناصره المتهمين بتصفية 27 عسكريا لبنانيا يوم 20 مايو عند مشارف نهر البارد، فيما تصر الحكومة اللبنانية والجيش على ذلك.وعلى الصعيد السياسي أشارت الأنباء إلى أن إخفاقات التسوية السياسية للمشكلة مازالت متواصلة، موضحة أن المسألة تتجاوز تقديم وساطات، وذلك في إشارة لما تم تداوله بشأن وساطة هيئة علماء فلسطين.وفي هذا الإطار أكد وزير الشباب اللبناني أحمد فتفت أن تنظيم فتح الإسلام لم يترك خيارا للجيش اللبناني، مشددا على ضرورة استسلام عناصر التنظيم.ومن جهته شدد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية بلبنان عباس زكي على ضرورة تعجيل الجيش اللبناني ببسط سيطرته على المخيم موضحا أن المنظمة تدعمه في ذلك. ورأى رفعت شناعة المسئول الإعلامي لفتح انه "لم يعد أمام المخيم إلا الحسم العسكري الذي بدأه الجيش الجمعة", لافتا الى تدهور وضع مقاتلي فتح الإسلام. ومن مخيم البداوي المجاور لنهر البارد قال شناعة ان "الجيش تمكن حتى الآن من السيطرة على مواقع أساسية لمجموعة فتح الإسلام, وأفرادها وفق المعلومات التي تصلنا من الداخل, يبحثون عن ملاجئ وضعهم مضطرب ويشعرون بالضياع"،وأكد ان فصائل منظمة التحرير داخل المخيم "لا تشارك الجيش في القتال إنما تقوم بالمراقبة لمنع تسلل المقاتلين الى مواقع المدنيين". واجمعت الصحف اللبنانية أمس السبت على ان الجيش يخوض معركة حاسمة. وكتبت صحيفة "النهار" الموالية للحكومة "الجيش بدأ معركة الحسم وفتح الإسلام تشارف على الانهيار" بينما عنونت صحيفة "المستقبل" أمس "فتح الإسلام تنهار تحت ضربات الجيش" . ورأت صحيفة "الديار" المعارضة ان "الجيش حسم أمره تجاه الاعتداءات المتكررة بعد استنفاذ كل الوسائل والاتصالات". أما صحيفة "السفير" المعارضة أيضا, فرأت ان ما حققه الجيش حتى الآن "أما يسرع الحل السياسي بشروط الجيش وأما يكون بداية الحل العسكري النهائي". ويحظى موقف الجيش اللبناني والسلطة اللبنانية بتأييد عربي ودولي ورد أخره من واشنطن حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية توم كايسي عن دعم الجيش والسلطة. وقال كايسي ان "الحكومة اللبنانية تقوم بما ينبغي القيام به لمحاربة مجموعة إرهابية بالغة الخطورة وفرض القانون والنظام في البلاد". يشار إلى إن تنظيم فتح الإسلام انشق عن تنظيم "فتح الانتفاضة" في نوفمبر 2006مويعتقد أن عدد عناصره يتراوح بين 150- 200 فردا مسلحا وتتمركز عناصر التنظيم في مخيم نهر البارد شمال طرابلس وينفي التنظيم صلته بتنظيم القاعدة لكنه يؤيد نهجه وقائد التنظيم هو شاكر العبسي.