القمة الإفريقية - الصينية الأخيرة كانت جرس إنذار لأوروبا
بروكسل / 14 أكتوبر / انجريد ميلاندر : أقنعت منافسة متزايدة من جانب الصين في إفريقيا معظم دول الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوة يرفضها منذ سنوات.. إلا وهي تعليق مقاطعة الاتحاد لزعيم زيمبابوي الذي يثور حوله جدل لضمان عقد قمة مع إفريقيا تأجلت كثيرا. وتعثرت جميع خطط عقد قمة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا بسبب دعوة رئيس زيمبابوي روبرت موجابي للمشاركة فيها. ورفض القادة الأفارقة المشاركة في القمة في حالة حرمان موجابي فيما رفضت بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية دعوته. لكن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي يرون ضرورة عقد أول قمة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا خلال سبعة أعوام في ديسمبر ولكنهم يصرون على ان ذلك لا يعني أي تغيير في السياسة تجاه موجابي الذي يتهمونه بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. ويقول اماديو التافاج المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون المعونة والتنمية "هل هناك تغيير في الموقف تجاه موجابي. بالطبع لا. ولكن بشأن إمكانية عقد قمة. نعم." ، وقال "كانت القمة الإفريقية-الصينية بصفة خاصة جرس إنذار للبعض." واستضافت الصين وسط ضجة كبيرة قمة شارك فيها نحو 50 زعيما إفريقيا في أواخر العام الماضي لتبرز اهتمامها بتوثيق العلاقات بالقارة الغنية بالمواد الخام. والاتحاد الأوروبي الذي يضم في عضويته 27 دولة أكبر شريك تجاري لإفريقيا وبلغ إجمالي حجم التجارة بين الجانبين أكثر من 200 مليار يورو (283.1 مليار دولار) في العام الماضي. غير ان الصين قفزت للمركز الثالث في العام الماضي وبلغ حجم التجارة بين الجانبين 43 مليار يورو كما عززت الاستثمار في القارة السمراء. وفي الأسبوع الماضي أعلنت الصين عن تقديم قرض قيمته خمسة مليارات دولار لجمهورية الكونجو الديمقراطية. ويقول الدبلوماسيون البرتغاليون ان تأجيل عقد حوار ملائم مع إفريقيا طويلا كلف أوروبا الكثير ليس اقله فقد فرص أعمال لصالح الصين. وتتولي البرتغال حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. ويقول خبراء اليوم انه مهما كان شعور مسئولي الاتحاد الأوروبي تجاه موجابي فلا يسعهم ان يفوتوا فرصة لقاء نظرائهم الأفارقة. وقال مسئول بالاتحاد الأوروبي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "يمثل (الأمر) أولوية كبرى للاتحاد الأوروبي ويجب إلا تعرقل قضية زيمبابوي - مهما كانت درجة تعقيدها - العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا أو تمنعها." ويتهم منتقدون غربيون موجابي بتزوير الانتخابات وقمع المعارضة بعنف وتقويض اقتصاد زيمبابوى الذي كان مزدهرا في فترة ما بسبب سوء الإدارة والمحاباة السياسية. غير ان القادة الأفارقة يرونه بطلا حقق الاستقلال. وهذه المرة تبدو بريطانيا التي كانت تستعمر زيمبابوي قبل استقلالها الصوت المعارض الوحيد في أوروبا حتى الآن إذ قال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون انه لن يحضر القمة إذا شارك موجابي فيها. ولم ترسل الدعوات بعد ولكن البرتغال تصر على أنها ستمضي قدما في خطط عقد القمة المزمعة في الثامن والتاسع من ديسمبر في لشبونة وان الدعوة ستوجه لجميع الزعماء. وقال مسؤولون ان أغلبية دول الاتحاد الأوروبي تدعم البرتغال إلا ان بعض دول شمال أوروبا وهولندا تتخذ موقفا متشددا تجاه موجابي. وقال مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي "لا يمكن إلا يعقد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري والسياسي والاقتصادي الرئيسي لإفريقيا.. قمة مع القارة." وقال جون كوتسوبولوس من مركز السياسة الأوروبية ان التركيز على زيمبابوي ومقاطعة موجابي قضية سياسية محلية في بريطانيا. وصرح "بالنسبة لمعظم دول الاتحاد الأوروبي هناك قضايا اكبر من القضية الثنائية الخاصة بزيمبابوي." وتابع "من المفارقة انه الأمر قد يؤول لحضور موجابي وليس براون (القمة)." وتعاني زيمبابوي من أعلى نسبة تضخم في العالم تتجاوز 6600 في المائة ونقص النقد الأجنبي والوقود والغذاء وارتفاع في نسبة البطالة عجز معه عدد كبير من المواطنين عن شراء مواد غذائية أساسية. ويتولي موجابي السلطة منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1980 ويتهم الغرب بتدمير اقتصاد بلاده لمعاقبته على الاستيلاء على مزارع يملكها البيض ومنحها لمواطنين سود لا يملكون أرضا. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على زيمبابوي عقب الاستيلاء على مزارع البيض وإعادة انتخاب موجابي في 2002 وهي الانتخابات التي أثارت جدلا. وتشمل العقوبات حظرا على بيع الأسلحة وحظر السفر وتجميد أصول خاصة بموجابي وأكثر من مئة من كبار المسئولين الآخرين. ويمكن رفع حظر السفر لاجتماعات دولية مثل القمة المزمعة. ويقول اندربران جيورجي المحلل في المجموعة الدولية للازمات ان العقوبات وإدانة موجابي جاءت بنتائج عكسية وساعدت في تشديد قبضته على السلطة. وذكر دبلوماسي بارز في الاتحاد الإفريقي ان عقد القمة ليس مؤكدا بعد ولكنه أضاف ان إلغاء القمة مرة أخرى سيضر بالاتحاد الأوروبي. وتساءل صالح النظيف ممثل الإتحاد الأفريقي لدي الإتحاد الأوروبي في بروكسل " ماذا يحدث في الاتحاد الأوروبي؟" وتابع "لا ينبغي ان تقوض قضية زيمبابوي أو أي دول أوروبية أو افريقية أخرى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا. نحن ننتظر الدعوات.. نري ان نكون متفائلين. نأمل ان تعقد القمة." ويقول دبلوماسيون برتغاليون أنهم لا يزالون يحاولون التوصل لاتفاق يضمن حضور الجميع. ولكن لم يتوصلوا للصيغة الملائمة خلال أشهر من الاتصالات الدبلوماسية. ويأمل بعض الدبلوماسيين ان تقنع الدول الإفريقية موجابي بعدم الحضور. وعلق مسئول أوروبي بارز قائلا "انه من قبيل التمني."