مع الأحداث
يجري حديث منذ وقت يزيد على الشهرين ـ قبل موعد القمة العربية المنتظر انعقادها في العاصمة دمشق في التاسع والعشرين من شهر مارس الجاري ـ عن من سيحضر القمة، ومن سيتغيب عنها. طبعاً من الرؤساء، والملوك، والأمراء العرب، ونسمع أن فلاناً لن يحضر، وفلان سيرسل وفد بلاده من مستوى متدنٍ، وفلان سيكتفي بسفيره، ونسمع من يشترط لحضوره حل مشكلة لبنان، وانتخاب رئيس للبنان، ونسمع من يقول إن غياب الرئيس اللبناني، سيضعف القمة وسيجعلها غير ناجحة. في الحقيقة نسمع الكثير من التصريحات لمسؤولين عرب لا تخدم القمة العربية،ولا تخدم الوحدة العربية، ولا علاقة لها بلبنان ولا بغير لبنان، ولكنها ـ حسب المثل القائل ـ “لغرض في نفس يعقوب”!المواطن العربي لم يعد ساذجاً حتى يقبل بهذه الحجج والأعذار من هذا أو ذاك، وهذا ما لا يعترف به أولوا الأمر منا ولا نعرف إلى متى؟ وحينها من الذي سيدفع الثمن؟ المواطن العربي ينتظر القمة بفارغ الصبر لأنه يدرك أن القمة العربية مطلوب منها في هذا الوقت بالذات مواقف ذات أهمية كبيرة وكبيرة جداً، والتاريخ سيسجل موقف هذه الدولة أو تلك من القضايا المطروحة.. نظراً لخصوصية المرحلة.وبداية يجب أن نتفق على أن انعقاد القمة في دمشق هو بحد ذاته قضية هامة، كون دمشق تتعرض لتهديدات متواصلة من الإدارة الأمريكية، ومن إسرائيل، وكون دمشق لها أراضٍ محتلة ودولة مواجهة، هذا يحتم علينا دعم دمشق والحضور العربي الرسمي على المستوى الأول هو دعم لصمود دمشق وهو دعم للصمود العربي، هو دعم للموقف الوطني العربي، أما الأمر الآخر، والذي يتعلق بلبنان - والذي نسعى جميعاً من أجل وحدته ـ، يتطلب حضور الجميع، والبحث في أمره، ومساعدة لبنان واللبنانيين لا الاصطفاف إلى جانب هذا الطرف أو ذاك منهم، فهو الذي يقسم لبنان فعلاً، ويعيق التوصل إلى حل.ثم تعالوا لنجتمع حول قضية فلسطين، حول غزة المحاصرة والمدمرة، حول الانقسام في الساحة الفلسطينية، حول دعم المبادرة المباركة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح وتبنيها من القمة العربية، حول بناء المستوطنات، حول الجدار العنصري، حول مبادرة السلام العربية التي لم تعترف بها إسرائيل ولم تحترمها، وضربت بها عرض الحائط، حول القتل والاغتيال للأطفال في كل يوم، حول اجتياحات الجيش الصهيوني لمدن وقرى فلسطين صباح مساء.هذا وحده أيها الأشقاء السادة يحتاج إلى قمة عربية وعلى أعلى المستويات، ودون تردد.أنا لست دبلوماسياً حتى آخذ بعين الاعتبار، هذه الجملة أو غيرها من الجمل وهذه الكلمة أو غيرها من الكلمات، أنا مواطن عربي، أتحدث بما أحس به، وبما ألمسه، وبما أفهمه، وبما أسمعه من تصريحات على لسان (س) و (ص) من المسؤولين العرب، وكل ما نسعى إليه وحدة الصف في لبنان وفي فلسطين، وحدة الصف العربي، وحدة الصف العراقي.لا أبالغ إن قلت إننا نواجه ـ نحن العرب ـ تحديات كبيرة، أكثر من أي وقت مضى، لم تعد فلسطين وحدها محتلة، ولم تعد سوريا ولبنان وحدهما مهددتان، تعالوا نحمي بعضنا البعض وهذا لن يكون إلا بالاعتراف بحجم هذه المخاطر، والتي لن تستثني أحداً من العرب، تعالوا قبل فوات الأوان لنصنع الموقف اللائق بأمتنا العربية والإسلامية، تعالوا لنحمي ديننا وإسلامنا وعروبتنا.. تعالوا لنحضر القمة على أعلى مستوى لا لنصغرها.