غضون
- لا وزارة الشؤون الاجتماعية ولا وزارة التربية والتعليم ولا وزارة الأوقاف والإرشاد.. كل هذه لم تنظر بعد بجدية إلى هذا المرض العضال الذي يزداد انتشاراً، رغم أن الأمر في غاية الخطورة.. تنشأ جمعية خيرية لغرض محدد وهو تقديم العون والإغاثة للفقراء والمنكوبين، وهو عون مصدره أموال المتبرعين في الداخل والخارج الذين يقدمون تلك التبرعات من باب فعل الخير.. فإذاً جمعية هذا هو هدفها وشغلها يصير لها مراكز تعليمية ومعلمون ومنهج دراسي خاص ومسجد وكلية.. كثير من الجمعيات الخيرية أصبحت مؤسسات تربوية وتعليمية لديها نظام تعليمي خاص مواز للتعليم العام الحكومي.. لماذا يتم القبول بهذا الانحراف، ولماذا يتم السكوت عن هذا الوضع المختل؟ في الوقت الذي يدعو فيه كل الناصحين والمستشعرين للخطر إلى إصلاح النظام التعليمي وإلى إغلاق المدارس والمراكز الدينية التي يترعرع فيها الغلو والتطرف والإرهاب.- الجمعيات الخيرية مرحب بها، ومجتمعنا الفقير يحتاج إلى مثل هذه الجمعيات التي ينحصر دورها في الوساطة بين الممول والفقير.. (دورها) هو جمع الأموال من المتبرعين أكان التبرع في الداخل أو الخارج، ولا يهم أن يكون المتبرع فرداً أو مؤسسة، فلا يهم من هو مصدر التمويل، المهم أن يذهب هذا التمويل للناس الذين جمع باسمهم، أو أن تبقى الجمعية الخيرية جمعية خيرية وتحصر نشاطها في الوظيفة التي حددت لها بموجب القانون.. لا يعقل أن تتحول من جمعية خيرية إلى هيئة تعليمية لها مدارس ومراكز ومناهج ومساجد وطلاب ومعلمون وموجهون.. هذه لم تعد جمعية خيرية بل شيء آخر كما هو واضح.- الوزارات الثلاث الأساسية التي ذكرتها في السطر الأول معنية بإصلاح هذا العوج ورد الأمور إلى نصابها.. المشكلة ليست في انحراف الجمعية برسالتها فحسب، بل إن هذا الانحراف في رسالتها القانونية أفضى إلى انحراف أخطر منه، ويتمثل في وجود نظام تعليمي مواز لنظام التعليم العام، وهذا النظام الموازي أفضى إلى حالة من الفوضى التربوية والثقافية، فالمناهج التي تدرس في تلك المراكز هي وافدة وتضرب الولاء الوطني فضلاً عن أنها حوامل للغلو والتطرف والإرهاب، وفوق هذا المناهج الخطرة هناك المنهج الرديف المتمثل بالمربين والمعلمين الذين يحملون ثقافة وتوجهات معينة ما يجعل الغلو والتطرف والإرهاب يسقى من منابع متعددة.. وللقضية مزيد من التفصيل في وقت لاحق.