فيما اعتبر البعض تعيينها رئيسة لتحرير صحيفة (الأهالي) المصرية خطوة متأخرة
القاهرة / متابعاتوُصفت الكاتبة المصرية فريدة النقاش طوال عقود عديدة, بأنها واحدة من أكثر اليساريين المصريين راديكالية، لكن كيف ستكون مواقفها بعد أن تولت مؤخراً, رئاسة تحرير جريدة "الأهالي" التي يصدرها حزب "التجمع" اليساري الذي يضم في صفوفه أعضاء معارضين بدرجات متفاوتة لنظام الحكم وآخرين يتبنون مواقف ضد جماعات "الإسلام السياسي" أشد من مواقفهم ضد الحكومة؟قالت فريدة النقاش التي تعد أول امرأة تتولى رئاسة تحرير جريدة يسارية في مصر إنها لم تتغير لكن الظروف هي التي تغيرت فـ"أنا لم أصبح أقل رديكالية إنما أكثر واقعية", موضحة أن الاشتراكية أصبحت بعيدة وأن الطريق أصبح أكثر طولاً وتعرجاً والظروف أصبحت معقدة لكن لا بديل عن الاشتراكية.وعن تعيينها رئيساً للتحرير في خطوة اعتبرها البعض متأخرة من جانب اليسار المصري تجاه المرأة, ذكرت فريدة النقاش أن الخطوة جاءت في وقتها في ظل ملابسات عديدة بعضها متعلق بالجريدة والبعض الآخر بالظروف السياسية العامة وموقف المجتمع من المرأة والضغوط التي يشكلها "الإسلام السياسي" على دور المرأة.ورداً على سؤال وجهه موقع "العربية.نت" بشأن استجابة اليسار لضغوط المجتمع قالت إن كل القوى تتأثر بضغوط المجتمع سلباً وإيجاباً و"الإسلام السياسي" ضمن هذه الضغوط, وإنه رغم ذلك فقد كانت "الأهالي" أول جريدة معارضة يتولى رئاسة تحريرها صحفي مسيحي هو فيليب جلاب أواخر عام 1989 واستمر رئيساً للتحرير حتى وفاته.وأضافت أن المرأة اليسارية بدأت النضال منذ عشرات السنين وأن اللجنة العليا للعمال والطلبة التي تشكلت عام 1946 لمقاومة الاحتلال الانجليزي كانت تضم قائدتين هما الكاتبة والأديبة لطيفة الزيات وفاطمة زكي, كما برزت نقابيات كثيرات مشهود لهن بالكفاءة والمقدرة ولكن بالنسبة لتولي مناصب قيادية في الصحافة فإن الأمر مرتبط بملابسات اجتماعية وبوجود قاعدة واسعة من المتعلمات بينما لم تدخل الإناث التعليم بشكل واسع إلا بعد عام 1952.وأكدت أن الظروف الراهنة "تفرض علينا ان نحارب مجدداً من أجل كل القضايا التي كسبناها في القرن الماضي, ووجودي في هذا الموقع خطوة على كسب المعركة", مشيرة إلى أن الهجوم على النساء فظيع ويوجد تشكيك في قدراتهن وأن هناك من يردد باستمرار إنهن ناقصات عقل ودين.وعن التحديات التي تواجهها في منصبها الجديد, ذكرت فريدة النقاش، أنها المنافسة الشديدة في ظل زيادة عدد الصحف وانخفاض مستويات المعيشة التي تجعل من الصعب على المواطن أن يشتري أكثر من صحيفة في اليوم الواحد, بالاضافة إلى كون "الأهالي" جريدة أسبوعية وبالتالي تواجه منافسة مع الصحف اليومية في "الانفراد الصحفي" ومحدودية الموارد بينما تحتاج الصحافة إلى انفاق كبير لتطوير نفسها والمنافسة مع الفضائيات ومواقع الانترنت التي جعلت كثيراً من الناس يستغنون عن الصحافة المطبوعة.وأضافت أن الجمهور السياسي أصبح يستجيب بشكل كبير للصوت العالي الذي يراهن على الإحباط ووجود حالة من "اللطم والصراخ" بينما تستهدف الأهالي مخاطبة العقل "فنحن جريدة معارضة راديكالية لكن نخاطب عقول الجماهير لكي يصنع الشعب مستقبلاً آخر ولسنا وسيلة لإفراغ طاقة الغضب وترسيخ حالة الإحباط لدى القراء".واستدركت "أنا مع الصوت العالي العقلاني الذي يصنع أملاً في المستقبل ولا يراهن على إحباط الناس".وحول موقفها السياسي قالت إن "الاشتراكية هي المستقبل لكن علينا البحث عن القوى الاجتماعية التي تعمل من أجلها, ليس في صفوف العمال والفلاحين فقط وإنما في قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى".وأوضحت أنها مقتنعة بالاشتراكية العلمية وأنها ترى أن ما حدث لانهيار المنظومة الاشتراكية بأنه "فشل لأول بروفة لبناء الاشتراكية في العالم ومن الطبيعي أن تفشل البروفة الأولى وأن "أول درس نتعلمه من ذلك هو الديمقراطية وقدرة الشعب على السيطرة على مصيره لا أن ينوب عنه أحد حتى لو كان حزباً شيوعياً, وأن مراقبة الناس الفعالة لكل الأداء السياسي هو نقطة أساسية".وأشارت إلى أن الرأسمالية نشأت قبل 5 قرون ومازالت تبني نفسها وواجهت صعوبات حتى الآن, وبالتالي عندما تسقط التجربة الاشتراكية الأولى لا ينبغي أن نقول إن هذا هو حكم التاريخ على الاشتراكية وإلا كان الأولى القول خلال الحربين العالميتين أن هذا هو حكم التاريخ على التطور الرأسمالي.