تحقيق/ وردة العواضي اختلف الازواج حول ضرب الزوج لزوجته ورأى البعض أنه أسلوب تأديب يتخذه الزوج عند تقصير الزوجة في واجباتها تجاهه ، ويعززون كلامهم بآية من القرآن الكريم تشير بأن الضرب حل يتخذه الزوج بعد عدة مراحل يحاول فيها الزوج إعادة الزوجة عن خطئها او تقصيرها ومن جهة أخرى يستنكر بعض الازواج أسلوب ضرب الزوجة ويصفونه بالاسلوب الهمجي والضعيف من قبل الزوج الذي يتخذ هذه الطريقة ويؤكدون أن الآية القرآنية لم تدعُ الى ضرب الزوجة .. وبين إختلاف رأي الفريقين يفصل رأيهم حول الآية القرآنية الفتاوى التي إجتهد بها أحد علماء الدين من أمريكا لنعرف ما إذا كان ضرب الزوجة الذي ذكر في القرآن الكريم يعني بالضرب كلمة أم أن الضرب لم يعن به الضرب المفهوم باللفظ إنما شيء آخر ؟! وقبل أن تدخل في معنى الآية القرآنية التي تقول " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن...".نعرف أولاً رأي الازواج حول الموضوع وهل من حقهم أن يتخذوا هذه الطريقة في تأديب الزوجة ومتى وكيف ؟!!يقول الزوج ( أبوبكر أحمد) أنه يتخذ أسلوب الضرب مع زوجته في حال استفزازها له وتفعيل المشاكل فهو يرى أن هذا حق للزوج يتخذه مع زوجته في حال عدم رجوعها عن الخطأ ونوع الضرب الذي يلقنه لزوجته ضرب في الوجه حيث يرى أنه ضرب خفيف عليها .ونفس الشيء مع الزوج (عبدالله) .. الذي يصف نفسه زوجاً متحضراً ويستخدم أخف الطرق لضرب الزوجة وهي إعطاءها " كفين " في وجهها واصفاً ذلك أنه ضرب غير مبرح وهذه الطريقة مسموحة له ولا يعتبر شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة ومضيفاً في ذلك ومستنكراً لبعض الازواج الذين يضربون زوجاتهم بقساوة وتصنف من أشكال العنف ضد المرأة بينما أسلوبه حضاري والدين أجاز له ذلك !!ويؤكدالزوج ( سمير علي) أن من حق الزوج ضرب زوجته في حال تقصيرها في حقوقها تجاهه ويتخذ أي أسلوب للضرب واصفاً أن الزوجة يجب ألاّ تصر وإلاّ تعاقب وتضرب .أما الفئة الاخرى من الازواج فهم يستنكرون تماماً أسلوب الضرب مع الزوجة ويصفونه بأسلوب همجي صادر من إنسان ضعيف يريد أن يمارس القوة على من أضعف منه .. يقول الزوج ( فكري محمد) أنه أبداً ما رفع يده على زوجته طيلة سنوات زواجهما العشرين فهما متفاهمان وإذا أختلافا في أمر فأنه يحاول الانسحاب وتهدئة الموقف حتى لاتكبر المشكلة ، واصفاً في ذلك ان الزوج العاقل هو الذي يتخذ هذا الاسلوب مع زوجته في تهدئة الامور والتنازل في حال تمسكها برأىها ويضيف أن الازواج الذين يتخذون اسلوب الضرب انه ينبع من ثقافة الزوج نفسه من غير المثقفين وغير المدركين بالطريقة الصحيحة في التعامل مع الزوجة ويؤكد أن عدم التفاهم والتوافق الفكري بين الزوجين تنشأ عنه الخلافات والشجار والضرب وكل اشكال العنف ضد المرأة لذا يرى (فكري) أن التوافق الفكري بين الزوجين يساعد على تجنب وقوع أي مشاكل بينهما و أخذها بالتفاهم .ويستنكر الزوج ( فهمي عبدالله ) ؤن الدين أجاز للزوج ضرب زوجته فهو يرى أن معنى الاية أن يهجر الزوج زوجته ولايمكن أن يدعو الدين الى عنف ضد المرأة ..ونفس الشيء مع الزوج (عبدالله عمارة) الذي يرى أن ضرب الزوج لزوجته إهانه لها وأذى حيث يقول : أن هذات الشيء يعتبر " حرام وعيب" في قريتهم أن يضرب الزوج زوجته فالطريقةالمناسبة لحل النزاع بينهما هو تدخل الاهل في حالة عجزه عن حل المشكلة ..ويوضح ( محمد مثنى عمارة) وهو طالب علم على يد شيخ أن الزوج يلجأ الى الضرب بعد عدة مراحل كحالة أخيرة حددها القرآن وهي أولاً حل المشكلة بالتفاهم والود ثم الهجر وبعد ذلك كحالة أخيرة يأتي الضرب ولكن ضرباً مبرحاً وإنما يقصد إشعارها بالذنب وفيها يتجنب ضرب الوجه والمناطق التي تأتي بالضرر .. ويختم كلامه قائلاً :لايمكن أن يهين الدين المرأة فهي مكرمة ذكرت في سورتين من القرآن الكريم وهي سورة ( النساء) وسورة ( الطلاق) التي تسمى سورة ( النساء الصغرى) .وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " لايهينها إلاّ لئيم ولا يكرمها إلاّ كريم..موقف الشريعة من ضرب الزوجة الدراسة التي أعدها الاستاذ / زايد محمد حسن صابر بعنوان " الاسلام ومناهضة العنف ضد المرأة" فصل فيها موقف الشريعة من ضرب الزوجة مستعيناً بفتاوى الفقهاء السابقين والحديثين ومفسراً الآية الكريمة التي تقول :" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن".بقوله :" إن الزوجة التي تمردت على زوجها ونشزت يتدرج الزوج في طريق إصلاحها وإعادتها للصواب فيبدأ في الوعظ الذي يرى أنه يؤثر في نفسها والوعظ يختلف بإختلاف حال المرأة والرجل العاقل لايخفى عليه الوعظ الذي يؤثر على قلب امرأته وإذا لم يؤثر هذا الوعظ من الزوجة ينتقل الزوج الى المرتبة الثانية وهي الهجر في المضاجع والذي لايتحقق كما يقول الإمام ( محمد عبده) ( إلاّ بهجر المضجع نفسه وهو الفراش وليس في الحجرة فإذا هجر الرجل المرأة في الفراش واعرض عنها في هذه الحالة رجي أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي الى سؤالها عن السبب وتتراجع عن مخالفتها ونشوزها ).أما المرتبة الثالثة من التأديب وهي لمن لم ينفع معها الوعظ ولا الهجر فهي الضرب وهو ما أساء كثير من المسلمين فهمه وتأويله وتوسعوا في معناه حتى أعتبر بعضهم أن الرجل لا يسأل فيم ضرب امراته ؟والحق أن فهم خير القرون للضرب لم يكن يتعدى مجرد التعبير عن عدم الرضا حيث روي عن ابن عباس (رضي الله عنهما) تفسيره بالضرب والتنفير عنه ، منها حيث ( عبدالله بن زمعة) في الصحيحين وغيرهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لايجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم ) وفي رواية عن عائشة - رضي الله عنها:"أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته ضرب العبد يضربها أول النهار ويجامعها آخر اليوم " ويقول الإمام محمد عبده . ويفهم من هذا أن الرجل الكريم الذي تسيء زوجته معاملته ولم ترجع عن نشوزها بالوعظ والهجران يفارقها بمعروف او يسرحها بإحسان إلاّ أن يرجى صلاحها بالتحكيم الذي أرشدت إليه الآية ولايضرب فإن الاخيار لايضربون النساء وإن أتيح لهم ذلك بالضرورة فقد روى البيهقي من حديث أم كلثوم بنت الصديق - رضي الله عنهما- قالت :" كان الرجال قد نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهن تمردن وعتين في النشوز والجرأة فخلى بينهم وبين ضربهن ثم قال ( لن يضرب خياركم) فما أشبه هذه الرخصة بالحظر وجملة القول أن الضرب علاج مر ، قد يستغني عنه الخير الحر !!تفسير جديد لمعنى ضرب الزوجة كما ورد في القرآن الكريم لعل تأويل ابن عباس - رضي الله عنهما - والذي جعل الضرب بالسواك او نحوه هو التأويل الاقرب الى حفظ كرامة المرأة وإنسانيتها إذ أن الضرب بالسواك او ما شابهه لايعدو عن كونه تعبيراً عن الجدية وعدم الرضا عن الغضب والاعراض عن الزوجة وليس فيه موضع للضرب بمعنى الآذى والآلم والاهانة والقهر على عكس ما قال به بعض الفقهاء ، ولكن بالرغم من هذا التأويل اللطيف الذي لايمس كرامة المرأة وانسانيتها إلاّ أنه في رأي د. عبدالحميد أبو سليمان - رئيس المعهد العالمي للفكر الاسلامي بواشنطن :يظل يترك ظلالاً وإشارات وتعلات وثغرات سمحت في الماضي ولن يتورع كثير من الناس مستقبلاً كما في الماضي - من استغلالها وإساءة فهمها إتخاذها ذريعة الى الأذى والضرر واللجوء بإسم الدين وفتاوي بعض المفتين الى الضرب واللطم والصفع والجلد وماشابه ذلك من وسائل الاذى والاهانة ، ولهذا يجب ألاّ يكون الفهم والحل مما لايترك مجالاً يساعد على إساءة الحق ولايترك الباب موارباً لسوء التصرف وسوء التقدير ، فإن ذلك أولى وأجدر بمقاصد الشريعة في بناء الاسرة على قواعد المودة والرحمة والكرامة .وعلى هذا الاساس جاء إجتهاد د . عبدالحميد في قضية ضرب المرأة الذي ورد في القرآن الكريم وخلص الى نتيجة لم يسبقه إليها - حسب علمي - أحد من العملاء قديماً أو حديثاً ، حيث بدأ بإحصاء وجوه المعاني الذي جاء فيها لفظ ( الضرب) ومشتقاته في القرآن الكريم والتي وجدها كما قال : على سبعة عشر وجهاً تحوي جملة معان للفعل ( ضرب) بصيغته المتعدية المباشرة وغير المتعدية وهي استخدامات مجازية فيها معنى العزل والمفارقة والابعاد والترك وحول المعنى المناسب لكلمة الضرب في سياق معنى النزاع بين الزوجين واستعادة روح المودة والتواصل بينهما في قوله تعالى :"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلاتبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً".ويرى د. عبدالحميد أبو سليمان أننا ( إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة السياق وطبيعة الحال ، والغاية من الترتيبات في الاصلاح والتوفيق وإذا أخذنا في الاعتبار قيم الاسلام في تكريم الانسان وحفظ كرامته وحقه في تقرير مصيره إذا أخذنا في الاعتبار العلاقة الزوجية الاختيارية وإمكان طرفي العلاقة الزوجية في إنهائها إذا لم يقتنعا بها ، وإنه لا مجال لإرغام أي طرف منهما او قهره عليها ، أدركنا أن المعنى المقصود من الضرب لايمكن أن يكون الإيلام والمهانة ، وأن الاولى هو المعنى الاعم الذي أنتظم عامة في معاني في كلمة .الضرب) في السياق القرآني وهو البعد والترك والمفارقة وذلك إن بعد الزوج عن الزوجة وهجرها وهجر دارها كلياً من طبيعة الترتيبات المطلوبة لترشيد العلاقة الزوجية ولأن ذلك هو خطوة أبعد من مجرد الهجر في المضجع لأن مفارقة الزوج وترك منزل الزوجة والبعد الكامل عنها ودارها يجعل المرأة تعود من تمردها وتعيد زوجها قبل فوات الآوان وقوى د. عبدالحميد أبو سليمان حجية اجتهاده هنا بالسنة النبوية الفعلية حيث استند الى ماذكرته كتب الحديث والسيرة النبوية من مفارقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بيوت زوجاته حيث نشب بينه وبينهن الخلاف ولم يتعظن وأصرين علي عصيانهن وتمردهن رغبة في شيء من رغد العيش فلجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى المشربة شهراً كاملاً تاركاً ومفارقاً لزوجاته ومنازلهن مخبراً إياهن بعدها بين طاعته والرضى بالعيش معه علي مايرتضيه من العيش إلاّ أنصرف عنهن وطلقهن من إحسان ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن) .ولأن أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوة للمسلمين تدل على هذه القصة وأن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لم يتعرض لأي واحدة من زوجاته بأي لون من ألوان الاذى الجسدي او اللطم او المهانة بأي صورة من الصور ولو كان الضرب بمعنى الاذى الجسدي والنفسي أمراً إلاهياً ودواءً ناجعاً لكان - صلى الله عليه وسلم - أول من يبادر إليه ويفعل ويطيع ..الخلاصة أن كلمة ( الضرب) تعني مفارقة الزوج زوجته وترك دارها لردع الزوجة او الفراق والطلاق بالمعروف !!ولعل مناقشة هذه القضية وتعرض المرأة اليمنية لضرب زوجها سيكون له أثراً إيجابياً في الحد من هذا السلوك الذي يصيب المرأة في كرامتها وإنسانيتها خصوصاً وإنها قد بلغت في اليمن شأناً كبيراً فهي وزيرة وقاضية ومديرة ومعلمة ..إلخوقد ضمنت لها القوانين حقوقها المدنية غير أن الموقف السلبي لمنظمات المجتمع المدني حول قضية ضرب الزوج لزوجته لايساعد المرأة على فهم وإستيعاب حقها في عدم التعرض للضرب والسؤال الآن بعد أن صارت المرأة في اليمن وزيرة فهل يحق للمرأة التى تتعرض للضرب من زوجها أن تطلقة وأن تخلعه ..؟!
|
الناس
حتى بعد ان صرن وزيرات النساء لازلن يتعرضن لضرب الازواج
أخبار متعلقة