بيروت/14 أكتوبر/ أليستير ليون: تعهد الزعيم اللبناني السني سعد الحريري أمس الثلاثاء بألا يكون هناك استسلام سياسي لما وصفه بمحاولة من جماعة حزب الله ومؤيديها لفرض إرادتهم على البلاد بالقوة. وأضاف في مؤتمر صحفي في أول ظهور علني له منذ اجتاح حزب الله المناطق التي يسيطر عليها السنة في العاصمة الأسبوع الماضي أن حزب الله يطلب ببساطة استسلام الائتلاف الحكومي ويريد أن ترفع بيروت الرايات البيضاء. وقال إن هذا مستحيل.، وتابع «لن يتمكنوا من الحصول على توقيع سعد الحريري أو وليد جنبلاط أو أي من قيادات 14 آذار على صك الاستسلام....» واستأنف تلفزيون المستقبل التابع للحريري إرساله قبل قليل من المؤتمر الصحفي بعدما كان أرغم على قطع البث أثناء المعارك. وكثف الجيش اللبناني في وقت سابق دورياته في إطار حملة لاستعادة النظام بعد أسبوع من القتال بين مقاتلي حزب الله ومسلحين موالين للحريري وحلفائه. وخوفا من حدوث انقسامات بين صفوفه بقي الجيش اللبناني محايدا في الصراع الذي قتل 81 شخصا وجرح 250 شخصا وأثار مخاوف عربية ودولية على مصير لبنان. وقالت الشرطة اللبنانية انه تأكد مقتل 62 لكن مصادر بالشرطة قالوا إنهم يعتقدون أن العدد الحقيقي للقتلى أكبر من ذلك. وشهد لبنان أمس بشكل عام أهدأ أيامه منذ أن اندلع القتال في السابع من مايو بعد ان أصدرت حكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة التي تدعمها الولايات المتحدة قراري تفكيك شبكة اتصالات حزب الله وإقالة مدير جهاز امن المطار اللذين أديا إلى رد فعل قوي من حزب الله. واعتبر حزب الله ذلك بمثابة إعلان حرب وشن سلسلة هجمات مؤثرة سيطر خلالها على أجزاء كبيرة من بيروت وهزم مسلحين سنة موالين للحكومة قبل أن يسلم المواقع التي سيطر عليها للجيش.
الجيش يتولى زمام الامور
وبدأ الجيش خطته لإبعاد المسلحين من الشوارع الساعة السادسة صباحا (0300 بتوقيت جرينتش). ولم تعتبر المبادرة تحديا لحزب الله الذي تجنب أي احتكاك مع الجيش.. حيث كثف الجيش اللبناني أمس الثلاثاء دورياته في إطار حملة لإنهاء الوجود المسلح واتخاذ خطوات لمنع المسلحين والجماعات من حمل السلاح بطريقة غير مشروعة مع استخدام القوة إذا اقتضت الضرورة لوقف أسبوع من القتال بين مقاتلي حزب الله ومسلحين موالين للحكومة. كما وسع الجيش اللبناني أيضا وجوده في مدينة طرابلس الشمالية التي شهدت خلال الليل اشتباكات محدودة بين مسلحين سنة وعلويين موالين لحزب الله، ومازالت أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية بيروت مصابة بالشلل من جراء هذه الحواجز كما ظل مطار وميناء بيروت مغلقين. وسدد نجاح حزب الله ضربة قوية للتحالف الحاكم الذي يقوده السنة ولمصداقية حكومة السنيورة التي تدعمها الولايات المتحدة مما أبرز لبنان كديمقراطية هشة تهددها طموحات حزب الله بمساندة إيران. وقالت السعودية اليوم إن تبني إيران لتصرفات حزب الله سيلحق الضرر بعلاقات الجمهورية الإسلامية بالدول العربية. وقال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي «طبعا أن تدعم إيران ما يحدث في لبنان من انقلاب وأن تؤيده فإن هذا سوف يؤثر على علاقاتها مع كل الدول العربية.» وفي طهران رفض الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد اتهامات بأن بلاده تتدخل في شؤون لبنان. وقال أحمدي نجاد في مؤتمر صحفي «إن إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تتدخل في لبنان.»كما وسع الجيش اللبناني أيضا وجوده في مدينة طرابلس الشمالية التي شهدت خلال الليل اشتباكات محدودة بين مسلحين سنة وعلويين موالين لحزب الله. وحتى لو نجحت خطة الجيش لإنهاء كل القتال فليست لديه خطط لإزالة حواجز الشوارع التي إقامتها المعارضة بقيادة حزب الله لشل ميناء ومطار بيروت لزيادة الضغط على الحكومة للاستجابة للمطالب السياسية للمعارضة. وقال الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس الاثنين إنه سيناقش مسألتي لبنان وإيران أثناء زيارة إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع. وتعهد بتقديم مزيد من العون للجيش اللبناني في دفاعه عن الحكومة. ولا يعتقد أحد في لبنان أن للجيش القدرة أو الرغبة في التصدي لحزب الله أو الوقوف صراحة إلى جانب الحكومة المدعومة من واشنطن في مجتمع سني شيعي مسيحي انقسمت طوائفه بالتساوي بين طرفي الصراع. وسافر بوش أمس إلى إسرائيل للمشاركة في الذكرى الستين لقيام الدولة اليهودية ثم يسافر إلى السعودية ومصر ويعتزم لقاء السنيورة في مصر يوم الأحد القادم. وعلى الجبهة السياسية ترفض الحكومة منذ 18 شهرا مطلب المعارضة منحها حق نقض القرارات داخل مجلس الوزراء لكن حزب الله اظهر الآن أن لديه القوة العسكرية التي تمكنه من نقض القرارات التي لا يريدها.، ولم يعد بالفعل قرار الحكومة بتفكيك شبكة اتصالات حزب الله وإقالة مدير امن المطار نافذ المفعول. وشلت الأزمة السياسية المؤسسات الحكومية وتركت البلاد بلا رئيس منذ نوفمبر. وأجل نبيه بري رئيس مجلس النواب جلسة انتخاب رئيس جديد للمرة التاسعة عشر مرجئا التصويت الذي كان مقررا أمس إلى العاشر من يونيو. ومن ناحية آخر أدانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول رئيسية في أوروبا والشرق الأوسط تصاعد العنف في لبنان ودعوا جميع الأطراف إلي إنهاء القتال. وبيان ما يسمى بأصدقاء لبنان أصدره وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا واسبانيا ومصر والأردن والكويت وقطر والسعودية والأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون وآخرون. وقال البيان «مازلنا نشعر بقلق عميق للوضع في لبنان الذي يهدد استقرار البلد والمنطقة.»، «ندعو إلى الوقف الفوري للقتال وانسحاب المسلحين من الشوارع وإزالة الحواجز على الطرق وإعادة فتح مطار بيروت الدولي.» وأعرب البيان أيضا عن التأييد للحكومة والقوات المسلحة في لبنان. وكان الأمين العام للأمم المتحدة اصدر بيانا باسمه يوم الاثنين صيغ بعبارات أشدة قوة بعض الشيء. وقال ذلك البيان الذي أعلنته ميشيل مونتا المتحدثة باسم بان «يدين الأمين العام بشدة المسئولين عن العنف في لبنان على مدى الأسبوع المنصرم ويحث على التزام الهدوء وضبط النفس ووقف أعمال العنف على الفور.»، وأضاف قائلا إن الأمين العام «يدعو كل الأطراف إلى استئناف الحوار الوطني.»،