الحكومة استخدمت العنف لفترة من الوقت ولم تتمكن من تحقيق شيء
مظاهرات في باكستان لانهاء العنف
بيشاور (باكستان)/14 أكتوبر/ روبرت بيرسل: يرى الباكستانيون بشكل متزايد أن الحوار مع المتشددين هو الوسيلة الوحيدة لإنهاء مد متزايد للعنف لكن من غير المؤكد إلى حد بعيد أن المتشددين يريدون الإنصات. وسقط أكثر من 500 قتيل في أعمال عنف منذ بداية العام الحالي مما يثير مخاوف بشأن الاستقرار في الدولة النووية ويطرح مشكلة عويصة أمام حكومة جديدة يجري تشكيلها بعد الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي. وقال مسئول باكستاني مشارك في وضع السياسة في مناطق البشتون القبلية على الحدود الأفغانية حيث يتمركز متشددون يحاربون الحكومتين الباكستانية والأفغانية «الوسيلة الوحيدة هي أن يكون هناك حوار.» ودفعت باكستان بحوالي 100 ألف جندي للمناطق القبلية على الحدود بضغوط من الولايات المتحدة ودول أخرى تخوض حربا ضد طالبان في أفغانستان لكن ذلك لم يؤد إلا إلى اشتداد الهجمات. وشن المتشددون هجمات في كل المدن الباكستانية الكبرى في العام الماضي واغتالوا زعيمة المعارضة بينظير بوتو بعد أن غادرت مؤتمرا انتخابيا في 27 ديسمبر. وقال المسئول الحكومي الذي رفض الكشف عن هويته «استخدمنا العنف لفترة من الوقت ولم نتمكن من تحقيق شيء.» وقالت أحزاب المعارضة التي فازت في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي وتعكف الآن على تشكيل حكومة اتحادية وحكومات إقليمية إنها تريد أيضا إعطاء دفعة للمحادثات غير أن الجيش هو صاحب القرار في الحرب على الإرهاب. وقال متحدث باسم حركة طالبان الباكستانية في الأسبوع الماضي إن الحركة ستكون مستعدة لإجراء محادثات مع حكومة جديدة لكن الباكستانيين صدموا عندما هاجم انتحاري بعد أيام اجتماعا لأحد المجالس القبلية التقليدية التي تعرف باسم جيركا لمناقشة الوضع الأمني في منطقة دارا آدم خيل في شمال غرب البلاد ليقتل 22 من شيوخ القبائل. وقال دبلوماسي غربي «إنه (الهجوم) لا مثيل له. إنه إعلان عن غياب الاحترام لمتخذي القرار القبليين المحليين وللإطار الذي تتخذ فيه القرارات.»، واستطرد قائلا «يمكننا أن نرى مجموعة من الناس بعيدين ومنفصلين عن المعايير والعادات التقليدية يتمتعون بنفوذ يكفي لأن يعتقدوا أن في مقدورهم النجاة من النزاعات الدامية.» وتلوح في الأفق علامات استفهام بشأن السلطات التي قد تجرى محادثات معها. فالمتشددون مجموعة متباينة تمتد من البشتون الساخطين إلى متشددين طائفيين من أماكن أخرى في باكستان إلى أنصار القاعدة من وسط آسيا ومن العرب.، لكن مجالس القبائل (الجيركا) ستحتل موقعا رئيسيا في أي محاولة للتفاوض. فالمجلس القبلي هو المؤسسة الأكثر احتراما في المجتمع البشتوني حيث يتمتع شيوخ القبائل بالسلطة الأخلاقية لاتخاذ قرارات ملزمة في قضايا مثل السلام وطرد المتشددين الأجانب. وقال رحيم الله يوسف ضي وهو صحفي مخضرم وخبير في شؤون البشتون ويقيم في مدينة بيشاور شمال غرب باكستان «الجيركا (المجلس القبلي) هي المؤسسة الوحيدة التي قد تكون فعالة.. لا سبيل آخر.»، لكن الهجوم على المجلس القبلي استهدف على ما يبدو تقويض أي محاولة لإجراء محادثات. وقال يوسف ضي «عندما يتعرض الجيركا للهجوم فإن ذلك يعني أن الآخرين سيفكرون مرتين أو ثلاث مرات قبل أن يصبحوا مشاركين.»، كما سعت السلطات كذلك لإبرام اتفاقيات مع متشددين وقبائل البشتون لكن منتقدين ومن بينهم الولايات المتحدة يقولون إنه بينما قد تؤدي الاتفاقيات إلى تراجع في العنف لفترة قصيرة في منطقة إلا أنها تعطي للمتشددين أيضا مساحة لالتقاط أنفاسهم وإعادة تنظيم صفوفهم. وقال يوسف ضي «كل اتفاق للسلام كان في صالح المتشددين حيث تصبح لهم حرية في أن يفعلوا ما يشاؤون في وزيرستان وعبر الحدود.» ومع هذا أبرمت السلطات اتفاقا جديدا في إقليم وزيرستان الشمالي الشهر الماضي. وقال المسئول الباكستاني إن الاتفاق سيتيح فرصة لتوصيل مساعدات ولكسب تأييد الناس. ووعدت الولايات المتحدة بتقديم 750 مليون دولار للمناطق القبلية لكن المسئول الباكستاني قال إن ما يجري انجازه قليل.، واستطرد قائلا «لم نر أي أنشطة كبيرة ولم يطرأ اي تحسن على ظروف المعيشة أو الاستثمار في القطاعات الاجتماعية أو الاقتصادية.»، ومن غير المرجح أن يكون لدى الحكومة الجديدة شهر عسل طويل سواء مع المتشددين أو مع الولايات المتحدة. وقال يوسف ضي «الأوضاع في أفغانستان تزداد سخونة... إذا وقع المزيد من الهجمات وأدرك الأمريكيون أن هناك بعض التسلل من باكستان فإنهم سيمارسون ضغوطا على الجيش والحكومة.» ويحمل كثير من الباكستانيين بالفعل تحالف الرئيس برويز مشرف مع الولايات المتحدة المسؤولية عن العنف.، بل يرى البعض في بلد تنتشر فيه نظريات المؤامرة أن الولايات المتحدة تقف وراء العنف في محاولة لإيجاد حالة من الفوضى وتوفير مبرر لمصادرة أسلحة باكستان النووية. وقال محمد شاه وهو قائد سابق لقوات الأمن في منطقة القبائل «في مجتمع كهذا فإن التصورات أكثر أهمية من الواقع... القاعدة أوجدت الشك في عقول الناس. إنهم ناجحون في الدعاية.»