بكين / 14 أكتوبر / سايمون ايفانز :تناغمت أبرز لقطات منافسات دورة بكين الاولمبية مع الشعار الشهير لدورة الألعاب وهو “أسرع.. أعلى.. أقوى” ولا يوجد ما يدل على ذلك أبرز من اداء السباح الامريكي مايكل فيلبس والعداء الجاميكي يوسين بولت. وأظهر بولت الذي احتفل بفوزه بسباق 100 متر وتسجيل رقم قياسي قبل أن يصل حتى لخط النهاية المثال الأوضح لكن حصول فيلبس على ثماني ميداليات ذهبية في السباحة سيمثل على الأرجح اللقطة الأهم في دورة الألعاب. وتغلب الامريكي فيلبس على انجاز مواطنه مارك سبيتز الفائز بسبع ذهبيات في دورة ألعاب واحدة وهو الرقم الذي لم يتمكن أحد من تحطيمه منذ 1972. وحطم فيلبس أربعة أرقام قياسية فردية وساهم في تحطيم ثلاثة أرقام أخرى في منافسات التتابع لكن هدفه باجتياز رقم سبيتز تعرض لخطر الضياع مرتين فقط. واحتاج فيلبس من مواطنه جيسون ليزاك التغلب على الفرنسي الان برنار في نهائي سباق اربعة في 100 متر تتابع حرة قبل أن يفوز بنفسه على الصربي ميلوراد كافيتش بفارق 0.01 ثانية باستخدام ذراعه الطويل لاحتلال المركز الأول في سباق 100 متر فراشة. واختار سبيتز مواطنه ليحصل على لقب “أفضل رياضي في تاريخ الاولمبياد” بعدما تصدر فيلبس قائمة أصحاب الميداليات الذهبية برصيد 14 ميدالية في الوقت الذي ستكون أمام السباح البالغ عمره 23 عاما إضافة المزيد في لندن بعد أربع سنوات. وكان بولت يحمل الرقم القياسي العالمي في سباق 100 متر لكنه حطم هذا الرقم أمام 91 ألف متفرج في استاد عش الطائر عندما حقق زمنا قدره 9.69 ثانية. وكان بإمكان بولت إنهاء السباق في وقت أقل لو انه لم يحتفل بيديه وذراعيه قبل الوصول لخط النهاية. وأصر بولت دائما على أنه عداء متخصص في سباق 200 متر قبل أن يعلن مشاركته في سباق 100 متر بعد وصوله إلى الصين. وعند التحدث عن سباق 200 متر فان بولت حطم الرقم القياسي السابق لمايكل جونسون الذي صمد 12 عاما وأنهى السباق في 19.30 ثانية. ووصف جونسون العداء بولت بأنه “سوبر مان” الثاني. وقاد بولت العروض الرائعة لجاميكا في ألعاب القوى إذ نجحت هذه البلاد في الفوز بست ذهبيات وفازت بكافة ميداليات سباق 100 متر للسيدات بقيادة الفائزة شيلي ان فريزر.
وكان الإبداع واضحا على مدار 16 يوما من الميداليات الذهبية والسعادة والدموع قبل أن ينتهي الحفل الكبير أمس الأحد. ونجحت الروسية ايلينا ايسنباييفا بطلة القفز بالزانة في تحقيق أمر نادرا ما يحققه الرياضيون إذ دخلت المنافسات وفازت بالذهبية قبل أن تسجل في محاولة أخرى رقما قياسيا عالميا لتحطم الرقم الذي كان يحمل اسمها أيضا. وقفزت ايسنباييفا بالزانة مسافة 5.05 متر في المحاولة الأخيرة بعدما قضت معظم وقت المنافسات في راحة كبيرة. وفازت الاثيوبية تيرونيش ديبابا بلقبي سباقي خمسة الاف متر وعشرة الاف متر لتصبح أول سيدة تحقق هذه الثنائية في الوقت الذي نجح مواطنها كنينيسا بيكيلي في تحقيق الانجاز ذاته في منافسات الرجال. وكان أصحاب الملايين في الألعاب الأكثر شهرة مثل منتخب كرة السلة الامريكي والاسباني رفائيل نادال المصنف الأول عالميا في التنس عند مستوى التوقعات بعدما احتل كل منهم المركز الأول في لعبته. وأظهر آخرون أن التفوق يمكن أن يمتد للدول التي تعاني من مشاكل كبيرة وأزمات وذلك بنجاح الافغانستاني روح الله نيكباي في الفوز باول ميدالية اولمبية في تاريخ بلاده بحصوله على برونزية منافسات 58 كيلوجراما في رياضة التايكوندو. لكن الاحباطات أيضا كان لها مكان ببكين... فاضطر العداء الصيني ليو شيانج المرشح للفوز بسباق 110 امتار حواجز للانسحاب بعد تعرضه للاصابة في وتر العرقوب ليصيب جماهير بلاده بخيبة أمل كبيرة في الوقت الذي فشل فيه الامريكي تايسون جاي الذي كان يعتبره البعض المرشح الأول لمنافسة بولت في الوصول للمرحلة النهائية من سباق 100 متر كما أنه أسقط العصا في سباق التتابع. ونالت الصين منظمة الاولمبياد شرفا كبيرا ليس فقط بسبب العروض المبهرة التي حققتها لكن بالنتائج النهائية التي حدثت إذ تصدرت جدول الميداليات للمرة الأولى في تاريخها. ورغم أن الصين لم تحقق أي نجاح في ألعاب القوى فانها هيمنت على الميداليات الذهبية في منافسات التجديف والشراع ورفع الأثقال. واحتاجت الصين التي لم تشارك في الاولمبياد في الفترة بين عامي 1952 و1984 إلى 24 عاما فقط لتصبح أكثر الدول نجاحا في الاولمبياد وبالقوة الدافعة التي حصلت عليها بتنظيم دورة الألعاب يبدو أن النجاح سيلاحقها لفترات قادمة. واستمتعت بريطانيا التي ستحتضن الاولمبياد المقبلة بأكبر حصيلة من الميداليات منذ 1908 بفضل تألقها الواضح في منافساتي الدراجات والتجديف. وستشعر بريطانيا بضغط كبير لتحقيق النجاح بعد أربع سنوات في لندن كما كان حال الصين في بكين في الوقت الذي ستكون فيه باقي الدول قد تعلمت من ذكاء الدولتين في كيفية تجميع الجهود والقدرات للظفر بالذهب.