فلسطين المحتلة / متابعات :أحيا الفلسطينيون أمس (5 يونيو/حزيران) الذكرى السنوية الأربعين للنكسة التي حلت بهم عام 1967م، والتي استولى الاحتلال فيها على الضفة الغربية وقطاع غزة وما تبقى بعد نكبة عام 1948م من القدس الشريف.ولعل الخاسر الأكبر من هزيمة 67م هي مدينة القدس، حاضنة المسجد الأقصى المبارك، حيث وقعت المدينة على مدى العقود الأربعة الماضية فريسة للاحتلال الذي هوّد كل شيء فيها وغيّر معالمها وحولها إلى أندلس ثانية، ويواصل عزلها عن محيطها، ومنع الفلسطينيين من الوصول إليها.واستعرض مدير قسم الخرائط في بيت الشرق وخبير الاستيطان خليل تفكجي أبرز التحولات الديموغرافية لشرقي القدس المحتلة منذ عام 1967م، موضحا أن عدد اليهود فيها ارتفع من صفر إلى 182 ألف نسمة يسكنون في 15 مستوطنة، فيما كان في المدينة 70 ألف عربي عام 67 وصلوا الآن إلى 280 ألفا.وقال إن الاحتلال يسيطر الآن على 86 %من القدس الشرقية. موضحا أن عدد الوحدات السكنية لليهود فيها ارتفع من صفر عام 1967م إلى 59 ألفا الآن، إضافة إلى 20 ألفا في طريقها للبناء. مقابل 12 ألف وحدة سكنية للعرب عام 1967م، و36 ألف وحدة الآن.وفيما يتعلق بالمساحة المحتلة عام 1967م، أوضح خبير الاستيطان أنها كانت 6.5 كلم2 تم توسيعها اليوم لتصبح 72 كلم2، وبالتالي فإن مساحتها مع القدس الغربية 126 كلم2. لافتا إلى تغيير كبير في مظاهر المدينة العربية الإسلامية مع بدء الاحتلال الإسرائيلي عام 67 م بهدم حارة الشرفة وحارة المغاربة بما فيها من آثار تاريخية وإسلامية وإقامة وحدات جديدة مكانها.لكن الأخطر فيما يجري لمدينة القدس كما يقول الخبير الفلسطيني هو وجود مشروع يهدف إلى تطهير مدينة القدس من الوجود العربي والإسلامي.المحطة الأولى لهذا المشروع تبدأ عام 2008م بانتهاء فترة ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي منح إسرائيل الضوء الأخضر بتغيير الحقائق على الأرض التي تؤخذ بعين الاعتبار في المرحلة النهائية. وعليه بدأ الجانب الإسرائيلي رسم الخطوط العريضة لتهويد المدينة.وأضاف أن المحطة الثانية ستكون عام 2010م موعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية الجديدة. إذ يخطط رئيس الوزراء الحالي أيهود أولمرت للذهاب إلى هذه الانتخابات تحت شعار القدس عاصمة موحدة كما يسميها لدولة إسرائيل. فيما المحطة الثالثة ستكون بتطبيق رؤية أولمرت كرئيس بلدية سابق للقدس وهي توسيع المدينة.وذكر أن هذا التوسيع سيضم شرقا مستوطنة معاليه أدوميم، وبالاتجاه الشمال الغربي مستوطنة غفعات زئيف، وبالاتجاه الجنوبي مستوطنة عتصيون القريبة، ليصبح في النهاية الوجود العربي في المدينة 12 % مقابل 88 % لليهود، ليتبعه بالتالي تطهير عرقي كامل للبلدة القديمة وخارجها. من جهته قال ناجح بكيرات، مدير دائرة المخطوطات في المسجد الأقصى، إن الفرق شاسع بين ما كانت عليه القدس، وما هي عليه الآن حيث ألحقت هزيمة عام 1967م الضرر بالقدس ومقدراتها في كل النواحي. مضيفا أن الاحتلال غيّر صورة المدينة المقدسة بالمباني المرتفعة، وغيب سورها وغيّر شوارعها، وأحاطها بجدار عازل، بحيث تغيرت معالمها وباتت مهددة بالضياع.وحذر بكيرات من مصير مماثل ينتظر مدينة القدس كما حدث للأندلس تحت تهديد الطوق الاستيطاني الذي يحيط بها من كل النواحي. وأوضح أن وتيرة التهويد تتسارع في الصحة والتعليم وكافة مناحي الحياة لجعلها عاصمة يهودية بحتة، مطالبا بخطة منهجية للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس المحتلة.وفي سياق متصل فقد شكل الخامس من يونيو/ حزيران 1967 محطة خسارة ثانية للفلسطينيين بشكل خاص والعرب والمسلمين بشكل عام، بعد احتلال إسرائيل لما تبقى من الأراضي الفلسطينية إثر استيلائها على الجزء الأكبر منها عام 1948.وفي الذكرى الأربعين لهزيمة عام 1967 ما زال الفلسطينيون يدفعون ثمنا باهظا، ولا يملكون سوى كشف بعض الحقائق المرة وإحصاء خسائرهم المضاعفة ونشرها، علّ ذلك ينفع في الضغط على الاحتلال لوقف مسلسل الاستيلاء على الأرض والمقدسات وامتهان الإنسان.وبمطالعة إحصائيات عدد من الهيئات والمؤسسات الفلسطينية يتبين أن الاحتلال ابتلع الأراضي الفلسطينية وحاصرها، في حين باتت القدس تخضع لتهويد متسارع وتعزل عن محيطها العربي والإسلامي.تقدر مساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بنحو 6 آلاف كلم2، أي ما نسبته 22 % من مساحة فلسطين التاريخية المقدرة بنحو 27 ألف كلم، حيث تبلغ مساحة الضفة نحو 5635 كلم2 وغزة نحو 365 كلم2.وبحلول الذكرى الأربعين للهزيمة تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بلغت نهاية عام 2005 نحو 144 مستوطنة يقطنها نحو 451 ألف مستوطن، معظمهم يسكنون محافظة القدس ( نحو 247 ألفا) منهم 192 ألفا في الجزء المحتل عام 1967.في ذات السياق يفيد تقرير أعده مدير مركز المعلومات الوطني الفلسطينية بالهيئة العامة للاستعلامات أكرم أبو عمرو، بأن إسرائيل سيطرت حتى 29 / 9 / 2000 بشكل كامل وشبه كامل على 56.16 % من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة لأغراض إقامة المستوطنات وشق طرقها الالتفافية، وتخصيص مساحات كبيرة منها لجعلها مناطق أمنية أو محميات طبيعية لاستغلالها مستقبلا لتوسيع المستعمرات وإقامة مستعمرات جديدة عليها.وأوضح أن قوات الاحتلال خلال الأربعين عاما الماضية صادرت نحو 80 كلم2 لبناء شبكة من طرق التفافية بلغت أطوالها 795 كلم لربط المستعمرات بعضها ببعض الآخر من جهة وربطها بإسرائيل من جهة أخرى، في حين بلغ طول الجدار الفاصل 728 كلم، أي ضعف طول خط الهدنة البالغ 350 كلم، وعزل 97 قرية فلسطينية.ولفت التقرير إلى سيطرة إسرائيل بشكل شبه كامل على المياه بقرارات سياسية وأوامر عسكرية، حيث سيطرت على 86.5 % من المياه الفلسطينية ولم تبقِ للفلسطينيين سوى 13.5 %.أما على المستوى البيئي فذكر أن قوات الاحتلال قامت منذ احتلال الضفة وغزة بتجريف نحو 81 ألف دونم واقتلاع نحو 1.4 مليون شجرة وتدمير 425 بئرا للمياه و34 ألف دونم من شبكات الري، كما قتلت عشرات الآلاف من الحيوانات كالأبقار والأغنام ومئات الآلاف من دواجن المزارع.والأخطر على مدى العقود الأربعة الماضية كما يقول التقرير أن سلطات الاحتلال استخدمت الأراضي الفلسطينية كمكبات لنفاياتها الصلبة بأنواعها المختلفة ومنها النفايات السامة والخطرة.وفي تقرير سابق يؤكد معهد الأبحاث التطبيقية في القدس أن الاحتلال خلق تدهورا بيئيا الضفة الغربية وقطاع غزة منذ احتلالهما عام 1967، وذلك من خلال إقامة المستوطنات والقواعد العسكرية والبؤر الاستيطانية العشوائية وإقامة الجدار العنصري.وفيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الاحتلال حتى منتصف مايو 2007 أفادت دراسة الباحث في وزارة شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن قوات الاحتلال ومنذ عام 1967 وحتى اليوم اعتقلت قرابة 700 ألف مواطن، أي نحو 25 % من إجمالي عدد السكان المقيمين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، بينهم 188 استشهدوا أثناء اعتقالهم و10.5 آلاف أسير ما زالوا رهن الاعتقال.