مع الأحداث
إذا لم تحدث معجزة في الأيام المقبلة، وتعثر القوات الأميركية على بن لادن، فستمر الذكرى السابعة لأحداث 11 سبتمبر (اليوم) ببقائه ورحيل بوش الابن، كما رحل بوش «الأب» وتاتشر - في التسعينيات- وبقي صدام! وبعد مرور 7 سنوات على أحداث سبتمبر أتساءل كيف حال منطقتنا؟ دعنا نرى: 1. وُعِدنا أميركيا برؤية مزيد من الديمقراطية في المنطقة، واستبشرنا خيرا بالضغوط التي مارستها واشنطن على أنظمة عربية للسماح بانتخابات نزيهة، إلا أن نجاح الإسلاميين في تركيا وفلسطين واليمن والمغرب والبحرين والكويت أفزع البيت الأبيض ودفعه لنزع يده الإصلاحية عن المنطقة، والرضا عن شيطان يعرفه، خير من شيطان لا يعرفه. وحُقّ لأنظمة عربية أن تقرأ نزع اليد الأميركية على أنه ضوء أخضر للاستفراد سياسيا وأمنيا بالتيارات الإسلامية، باعتبار أن أحداث سبتمبر وضعت جميع الإسلاميين -بأطيافهم- في سلّة واحدة. وفيما كان المراقبون يتوقعون أن تشهد المنطقة مزيدا من اللبرلة والدمقرطة، شهدنا مزيدا من العسكرة، والتحسس من المعارضة، وتعليق كل ما لا تشتهيه أنفس الساسة على شمّاعة الإرهاب و «القاعدة». 2. لما احتل صدام الكويت، تحركت المياه الراكدة بشأن القضية الفلسطينية، لأن المجتمع الدولي شعر بأن الصراع العربي- الإسرائيلي تحوّل إلى ورقة بيد المزايدين، فانعقدت اتفاقية أوسلو، إلا أنها ولدت مُجهَضة ولم تثمر شيئا. ولما اندلعت أحداث سبتمبر ظن الناس أن المياه الراكدة بشأن القضية الفلسطينية ستفور هذه المرة وتُحَل كي تسحب بساط المزايدة من تحت أقدام بن لادن، إلا أنها لم تثمر بعد سبع سنوات، سوى مزيد من المحاصرة والملاحقة الإسرائيلية للفلسطينيين، وبناء جدار عازل، يذكِّر بسور برلين. 3. تندّرنا بالممارسة السياسية المراهقة لجماعات العنف لما اغتالت السادات في 1981 لأنها اعتقدت بأن التغيير يأتي من فوق، وليس من تحت، وظننا نحن بعد أحداث سبتمبر ظن السوء نفسه: أننا لما نعثر على صدام ونشنقه بأن العراق سيتغيّر، ففوجئنا بأن العراق تحوّل إلى قضية فلسطينية جديدة. وفيما أكد البيت الأبيض أن ما يجري في العراق تحت السيطرة، أُعلن بأن عدد القوات الأميركية في بغداد سيتقلص من قبل أن يتحول البلد إلى «جنة الله في الأرض» كما كنا نحلم. 4. اعتقدت دوائر عربية مفرطة في السذاجة بأن الرئيس الليبي (باعتباره من المخضرمين في تذكيرنا بعبق الناصرية) كان يمكن أن يتحول إلى كاسترو المنطقة بعد رحيل صدام، فإذا به يطلّق العرب والعروبة بالثلاثة، ويتزوج زواجا يبدو أنه سيكون كاثوليكيا من أفريقيا، ومتوجا نفسه ملكا على القارة السمراء. وفيما كانت الأجيال الجديدة في ليبيا تتعبّد سياسيا بقراءة «الكتاب الأخضر» بدا المؤلف يعيد النظر في أفكاره ويغازل الرأسمالية، مستنجدا بالقطاع الخاص لإنقاذ مرافق الدولة المهترئة. وبينما تنتظر الكاميرات اللحظة الحاسمة لتصوير الرئيس القذافي وهو يصافح غريمته التاريخية (أميركا) ممثلة في زيارة كوندوليزا رايس إلى طرابلس، تبحث بريطانيا عن مكان مناسب لنصب خيمة الرئيس الليبي في زيارته المرتقبة إلى لندن. 5. لما ظننا أن عهد الاختطاف السياسي قد انتهى في العام 1986 عندما اختطف الموساد فانونو من روما، لأنه كشف عن أسرار مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي، وسجنوه في زنزانة انفرادية لأكثر من 20 سنة، كادت تصيبه باهتزاز عصبي، اقترح مسؤول إسرائيلي قبل أيام أن يتم اختطاف الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من طهران. وبذلك تزيد لائحة المطلوبين للاختطاف والاعتقال إلى ثلاثة: بن لادن، ونجادي والبشير. والبقية تأتي! 6. وبينما عاد المصطافون الخليجيون من لبنان بعد قضاء إجازة صيفية هادئة، فإن أيدينا على قلوبنا من أن ينفجر الصراع مجددا في بيروت، ولاسيما أن هناك أيادي تعمل في المختبرات ليل نهار، لاكتشاف أحدث مواد «كيمياء التفتت» وسكبها في المنطقة. الله يستر! 7. وكان الله في عون سورية وهي تحافظ على ورقة التوت على عورة الجسد العربي، ولست أدري ما إذا كانت القيادة السياسية (ورئيسها طبيب عيون) ستقوى على الفوز في لعبة «من سيُغمِض عينيه أولا» لأن المرجفين والمخذّلين كثر، وحرب الأعصاب طالت. [c1]* عن/صحيفة (أوان) الكويتية [/c]