صافرة قلم
من يصدق أن نادياً كبيراً مثل نادي شعب إب عنيد اللواء الأخضر ما زال حتى اليوم بدون أدنى مقومات العمل الرياضي المتمثلة بوجود باص أو حافلة خاصة تقل فرقه الرياضية في مختلف المحافظات عند أداء مبارياتهم الرسمية , وهو النادي العريق وذو الشعبية الجارفة والتاريخ الحافل بالإنجازات في شتى الألعاب الرياضية وعلى رأسها طبعا كرة القدم .- ولعل الكثيرون منا لا يعرفون أن لاعبي الفرق الرياضية التابعة لشعب إب هم مجموعة من المغامرين بحياتهم ومستقبلهم ومستقبل عوائلهم وهم يضطرون إلى التنقل من محافظة إلى أخرى بواسطة سيارات الأجرة ( البيجو ) السريعة التي وصفها الكثيرون بأنها “ النعش الطائر” نظرا لكثرة حوادثها وكثرة الكوارث التي تتسبب بها نتيجة عدم التزام الكثير من سائقي هذه الفئة من سيارات الأجرة بأنظمة السلامة والمرور ونتيجة السرعة الجنونية التي نرى البعض عليها . لاعبو شعب إب في كل الألعاب هم مجموعة من الشباب الذي يغامرون بكل شي في سبيل تأدية واجبهم الرياضي وفي سبيل حبهم وتفانيهم وإخلاصهم للرياضة و في سبيل إسعاد جماهير النادي , وهم لم يظهروا في يوم ما أي اعتراض أو امتعاض وقد أمنوا بأن العناية الإلهية هي التي تتكفل بهم , وهو يرون عن يمنيهم وشمالهم كلما اتجهوا إلى أي محافظة عبر سيارات الأجرة تلك في الخطوط الطويلة العديد من الأشلاء وشلالات الدماء التي تتسبب بها الحوادث المروعة في كل اتجاه , مع ذلك يزيدهم ذلك يقينا بوجود العناية و الإلهية , وإصرار على تحقيق الفوز , على الر غم من المعاناة النفسية والأليمة التي يعانونها عند مشاهدة مثل هذه الحوادث التي تحصل أحيانا أمام أعينهم . وقد تلجأ إدارة النادي في بعض الأحيان إلى القيام بجولة من استجداء الآخرين ومنهم أندية أقل شانا ومستوى وعراقة وجماهيرية , ولكن حظها طيب بوجود مسئول كبير في الدولة ينتمي إلى المنطقة التي يقع فيها هذا النادي قد عمل على تسهيل منه حافلة في مناسبة ما , وتقوم إدارة شعب إب باستجداء هذه الحافلة لتوصيل فريقها إلى المحافظة التي سيلعب فيها , وربما يصل الأمر إلى طلب مساعدة إحدى الجهات في المحافظة مثل جمعية رعاية المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة التي تتلك باصات من دعم بعض المؤسسات الخيرية الدولية بالطبع , مع أن موضوع الباص قد طرح في أروقة وزارة الشباب والرياضة كثيرا وبأكثر من صورة وملف وعلى يد أكثر من شخصية , ولا حياة لمن تنادي.❊ وهذا مثال بسيط يحدثني به أحد أعضاء إدارة النادي عندما اضطروا مرة إلى الاستعانة بباص جمعية المكفوفين في إب والتوجه إلى إحدى المحافظات و الباص مكتوب عليه اسم الجمعية كما العرف السائد , واللاعبون يومها كانوا في أحسن حالاتهم بانتظار خوض مباراة مهمة , وهم مجموعة في زهرة الشباب والوسامة والتأنق , وإذا بأحدهم في تلك المدينة التي وصلوا إليها يقرأ اسم الجمعية على الباص ويتعجب قائلا بحسرة “ يا ألله كل هذه الشباب والوسامة وهم عميان , فكيف لو كانوا مبصرين “ , وصاحبنا بالطبع لم يكن يعرف ساعتها أن هؤلاء أعضاء الفريق الكروي لأحد أشهر أندية اليمن وأكثرها إنجازات . المشكلة أن وزارة الشباب والرياضة تقوم بتجاهل الكثير من الأندية الكبيرة والعريقة والجماهيرية التي تحتاج فعلا للدعم والمساعدة وتتجه نحو الأندية الريفية الصغيرة في المحافظات الجنوبية بالذات وتمنحها الباصات المناسبة التي يفترض أن تتجه أولا نحو الأندية الكبيرة التي تحتاج إليها , ولعل مسألة توزيع الباصات في كثير من أندية المحافظات الجنوبية هو أمر ذات مدلول سياسي قد يأتي بتوجيهات عليا , ولكن يجب أيضا أن يشعر نادي مثل شعب غب أنه محسوب على هذا الوطن , وأن خيرات دولة الوحدة في وطن الثاني والعشرين من مايو يجب أن تطاله هو وجاره العائد إلى دوري النخبة فريق الإتحاد الذي يعاني هو الآخر من قدم باصه وتهالكه لدرجة أنه قد أصبح خطرا على لاعبيه عند السفر بواسطته .[c1]صافرة أخيرة[/c] لماذا لا تتجه وزارة الشباب والرياضة فعليا إلى البدء في تنفيذ أندية نموذجية بالتعاون مع السلطات المحلية في المحافظات , فنبدأ بالعاصمة صنعاء من خلال استكمال مشاريع أنديتها الكبرى القائمة حاليا والتي وصلت إلى مراحل متقدمة بالتعان مع أمانة العاصمة , ثم نأتي على أندية التلال ووحدة عدن وشمسان في عدن على اعتبار أن الشعلة تبنته شركة مصافي عدن , وفي تعز يمكن التعامل مع الأهلي والرشيد باعتبار أن الصقر قد تبنته مجموعة شركات بيت هائل التجارية , ونعرج على إب لنكمل مشروعي الشعب والإتحاد , وثم النهوض بمشروع خاص لشعب حضرموت , وحسان أبين وغيرها , بحيث تستطيع الوزارة إنجاز مشروعين على الأقل كل عام , وخلال سنوات قليلة سيكون لدينا مجموعة كبيرة من الأندية النموذجية بدلا من تشتيت جهود ودعم صندوق الوزارة والدعم الحكومي , بطبيعة الحال فإن هذه المشاريع يجب أن تتضمن وسائل النقل والمواصلات والعمل على إيجاد موارد دخل دائمة من خلال المشاريع الاستثمارية للأندية .