غضون
- زرت أمس دار رعاية المسنين في الشيخ عثمان, ولكني خرجت منه دون أن أتمكن من تحقيق الهدف الذي خططت له لمدة ساعة, ولكن الدقائق التي أمضيتها هناك كانت مفيدة, على الأقل من حيث أني حصلت على مادة أسود بها هذا العمود .. إحدى العاملات في الخدمة الإنسانية وهي مسيحية آسيوية قالت لا نرغب في الحديث إلى الصحف ونرفض أن تلتقط لنا صورة .. قلت : تخشون من الإرهابيين, أتخشون أن يداهمكم إرهابي كذلك الذي قتل الراهبات في دار المسنات في الحديدة بدعوى أنهن يبشرن بالنصرانية بين العجائز؟ وقد وردت إلى ذهني واقعة الحديدة تلك وأنا عند باب الدار, حيث الدخول إليه يحتاج إلى جهد كبير من قبل الزائر لكسر التشدد الذي يلتزم به الحراس.- قالت لي إن الأمر ليس كذلك .. بل لأن لدينا قناعة بأن ما نقوم به هو لإرضاء الله .. يكفي أن الله هو المطلع على ما نقوم به .. لا نريد أن نفسد ذلك بالرياء وإطلاع الناس على ما نقوم به .. وقد أسكرتني هذه العبارة .. وقلت لها : أحترم هذه القناعة ولن أزعجك بأي أسئلة .. ثم انصرفت أنا وزميلي / عبدالحكيم عبيد بعد أن أطللينا على المطبخ والغرف التي ينام فيها المسنون والصالة التي يقعدون فيها وبجانبهم نساء يحيطنهم بالرعاية في ذلك الدار النظيف نظافة لافتة تبدأ من نظافة المدخل إلى نظافة الوسادة التي يتوسدها النزيل.- بالنسبة لي - كما قلت لزميلي - أتمنى ألا أكون نزيل دار مسنين وأسأل الله أن يمنحني الموت وأنا واقف على قدمي .. رغم أن المسنين في الدار في حالة جيدة وهذه الأمنية لم تصدر كرد فعل, لأن ما رأيته يدعو للاطمئنان, لكن كان هؤلاء المسنون سيبدون في وضع أفضل لو بقوا بين عائلاتهم .. كما تمنيت أن يقتدى العاملون في الحقل الخيري بتلك الراهبة .. ففاعل الخير عندنا يصرف على الدعاية لنفسه أكثر من المبلغ الذي يتطوع به للمساكين والفئات المستضعفة.