تؤكد منظمة الغذاء والدواء الأمريكية أنه غاز سام
القاهرة/14اكتوبر/ رمضان أبو اسماعيل : لسد الباب أمام بعض الدجالين وأدعياء الطب، قررت وزارة الصحة في مصر وقف استخدام غاز “الأوزون” كخط علاجي مكمل أو مساعد في العيادات بكل أنواعها، لما وجدته في هذا الغاز من خطورة بالغة على الصحة، حيث ثبت أنه تسبب خلال فترة إجازته في انتقال عدوى بعض الأمراض من مريض إلي آخر، كما اتضحت مضاعفاته الخطيرة الناتجة عن استخدامه، وذلك إلى أن تنتهي التجارب البحثية القائمة علي المعايير وأخلاقيات البحث العلمي العلاج بالأوزون، وقصرت استخدامات هذا الغاز على الأغراض البحثية فقط في المستشفيات الجامعية والمراكز البحثية، وهذا التحرك الجرىء أدى بدوره إلى ردود أفعال متباينة.د . حاتم الجبلي، وزير الصحة والسكان، أكد أن قرار وقف العلاج بغاز الأوزون لم يتخذ إلا بعد تشكيل لجنة متخصصة بمعرفة اللجنة الدائمة للعلاج المستحدث، التي تتولي مسئولية الرقابة علي نظم العلاج المستجدة، ومراجعة الممارسات الحالية باستخدام الأوزون في جميع دواعي استخدامه حيث رأت اللجنة أن هناك بعض التجاوزات المسجلة من واقع زيارات ميدانية، ومن ثم كان القرار استجابة لتوصيات هذه اللجنة، ومطالبات الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص بشأن إغلاق بعض المراكز الطبية، التي تقوم بممارسة العلاج بالأوزون.وأشار الجبلي، في بيان صدر عقب القرار عن وزارة الصحة، إلي أنه بناء علي عدة زيارات تفقدية قامت بها اللجنة إلي عيادات يتم العلاج فيها بالأوزون بالقاهرة، وجدت اللجنة تجاوزات شديدة وممارسات غير مرخص بها، وعدم توافر وسائل التعقيم ومكافحة العدوي، التي من الممكن أن تنتج عن هذه الآلية العلاجية، ووجود مجموعة كبيرة من المراكز تستخدم الأوزون في دواعي استخدام غير مجازة، مثل استخدامه في علاج الالتهاب الكبدي الفيروسي C”” ، وأنه يتم استخدام الأوزون بطريق الحقن وليس كما هو مصرح لها باستخدامه بشكل خارجي وهذه مخالفة للقانون.وقال د· الجبلي: وفي هذا الوقت الذي تعددت الشكاوي من مراكز العلاج بالأوزون أفادت بعض آراء خبراء طب الأوزون العالميين بأنه لا توجد قرائن طبية علي فائدة الأوزون، إلا في علاج حالات تسوس الأسنان، وربما يكون ذلك ما دعي الإدارة المركزية للصيدلة بألا تقدم أي موافقات لترخيص أجهزة تخص هذا النوع من العلاج، ومن ثم رأت الوزارة أن الأمر يستدعي إعادة ترتيب أو بالأحري تصحيح مسار هذه المراكز.وأضاف: ورغم ذلك كله لا ينكر التقرير وجود مراكز تعمل بشكل سليم وأن هناك مراكز محترمة وأساتذة محترمين، لكن التجاوزات التي حدثت تستدعي وقفة للمراجعة وتصحيح المسار بآلية تضمن عدم وجود أي خلل في التطبيق بما يضمن حقوق المرضي وعدم وقوعهم ضحية لممارسات خاطئة، خاصة أن منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لا تنصح باستخدام غاز الأوزون في المجال الطبي، لأنه يعتبر غازا ساما ليس له استخدام طبي كعلاج أو كوسيلة مساعدة للعلاج.واعترف وزير الصحة أنه كان هناك تقارير سابقة للجان السابقة للرقابة علي نظم العلاج المستجدة لأعوام 2001 وحتي 2004، توصي بأنه من دواعي استخدام الأوزون علاج حالات القدم السكري والحروق والإصابات بالميكروبات اللا هوائية وأمراض الشرايين الطرفية ومرض خشونة المفاصل والالتهاب العضلي التليفي وكعلاج لتسوس الأسنان.[c1]لا دليل طبي[/c]ومن جهته، أكد د· حمدي السيد نقيب الأطباء، أن الفترة الأخيرة شهدت الساحة الطبية حالة من الفوضي والعشوائية، فظهرت علاجات لا تمت للعلم بصلة وروج لها بعض المنتفعين لتحقيق المكاسب المادية، وربما يكون غاز الأوزون من هذه العلاجات، الذي بات يستخدمه الأطباء كآلية للتجارة وحصد المكاسب، حيث قام بعض الأطباء بتزويد معلومات غير صحيحة عن إمكانياته في علاج أمراض عديدة منها فيروس “C” والضعف الجنسي، علي الرغم من أنه لم يثبت علميا صحة هذه المزاعم الخاطئة.وأوضح أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل أصبح “الأوزون” يستخدم بشكل عشوائي في تخصصات مختلفة بلا أية ضوابط، وقد يؤدي هذا لحدوث مضاعفات وخطورة كبيرة علي صحة المرضي، مؤكداً أنه في هذه الظروف كان لزاماً علي وزارة الصحة أن تتحرك للوقوف في وجه هذا العبث والعشوائية، التي تهدد صحة المصريين، فكان قرار وقف العلاج بغاز الأوزون وقصره علي الأغراض البحثية فقط.وأشاد السيد بما قامت به اللجنة العليا للرقابة علي نظم العلاج المستجدة بوزارة الصحة من حيث تحديد الحالات، التي يسمح بعلاجها بالأوزون، إن ذلك خير تدخل في هذه الظروف، موضحاً أن اللجنة اعتمدت في توصياتها علي آخر الأبحاث والدراسات العلمية في هذا المجال، حيث أكدت الأبحاث فاعلية الأوزون في علاج مضاعفات السكر بالساقين، وبعض أمراض المفاصل فقط.ومن جانبه، قال د· محمد فوزي منتصر، عميد كلية الطب بجامعة عين شمس، لا يوجد إلي الآن أي دليل طبي أو دراسات واضحة تؤكد فاعلية غاز الأوزون في علاج أمراض الكبد والجهاز الهضمي، ومن ثم يعد استعماله أمراً خطيراً للغاية، فلابد أن يمتنع الأطباء المعالجين به عنه حتي ثبوت فاعليته وعدم وجود مضار لهذا الاستخدام، وذلك عن طريق إجراء الأبحاث والاختبارات علي حيوانات التجارب للتأكد من نتائجه.وأضاف: إن المتعارف عليه أن أمراض الكبد سواء كانت فيروسية أم تليفاً أم غير ذلك لها علاجاتها الأساسية، التي تم تجريبها وثبت جدواها علميا، أما غاز الأوزون كغيره من العلاجات التي أعلن عنها مؤخراً ليس علاجا، بل الأجدي أن ينظر له علي أنه مادة تكميلية وغير ضرورية لعلاج مرضي الكبد· د. عاصم الشريف، أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بجامعة الأزهر، أشار إلي أن قرار وزارة الصحة بوقف العلاج بغاز الأوزون صائب، ويعيد الأمور إلي نصابها، لأن الأمر زاد عن حده بشكل مخيف، فالبعض ممن يعالجون به تمادي في الإعلان عن قدرات هذا الدواء، وجعلوا منه وسيلة لعلاج كل الأمراض بدون أي سند طبي، وبالتالي تحول الأمر من علم إلي شعوذة ودجل، ومن ثم كان قرار وزارة الصحة لوقف هذه الممارسات الضارة.وأوضح أنه في الوقت الذي أعلن فيه بعض المعالجين بالأوزون عن إمكانية استخدام هذا الغاز في علاج فيروسات الكبد، علي الرغم من أنه لا توجد أية دراسات علمية أو تجارب معملية تؤكد علي فاعلية هذا العلاج في القضاء علي هذه الفيروسات، وخاصة B” و”C”، بل كل ما في الأمر أنه بإخضاع المرضي للعلاج بهذا الغاز اتضح تحسن ملحوظ في وظائف الكبد، في حين تبين أنه في بعض الحالات أدي العلاج إلي زيادة ملحوظة في كثافة الفيروسات الكبدية·وخلص الشريف إلي أن العلم إلي الآن لم يثبت قطعياً فاعلية الأوزون في علاج فيروسات الكبد ورغم ذلك يتمادي البعض في القول بأنه يعالج المرضي ويقضي علي هذه الفيروسات، وبالتالي كان من الضروري أن تتدخل وزارة الصحة لوقف هذا التخبط، حماية للمواطنين من الآثار الجانبية الممكن ترتبها علي الاستخدام العشوائي للأوزون.[c1]علاجات غير علمية[/c]وقال د. خالد منتصر، استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية والعقم بمستشفيات هيئة قناة السويس: أصبح شأن العلاج بالأوزون في الآونة الأخيرة شأن العلاج بالحجامة أو غير ذلك من وسائل العلاجات غير العلمية أو التي يطلق عليها البعض الطب البديل، التي تمثل الوجه القبيح للطب في مصر، لأنها يغلب عليها العشوائية والفوضي، ومن ثم فالأمر بعيد كل البعد عن التخطيط والبحث التجريبي العلمي، فالأوزون لم يقل أبدا علي الصعيد العلمي أنه فعال في علاج أمراض العقم أو حتي الصدفية و الإكزيما، ورغم ذلك يعلن دائما عبر وسائل الإعلام عن مراكز تعالج هذه الأمراض بالأوزون.وأضاف: وزارة الصحة من خلال لجانها تحركت بموضوعية تامة واتخذت هذا القرار بوقف العلاج بالأوزون، فالعلم قال كلمته، ولا قول بعد قول الطب ما دام الأمر يتعلق بصحة البشر، موضحا أن غاز الأوزون يشكل خطورة بالغة علي صحة المريض والطبيب المعالج، فإذا كان الطبيب غير مدرب، ويعالج حالة مصابة مثلا بسرطان الجلد، فمن الممكن أن ينتقل إليه هذا المرض، بسبب سوء استخدامه للغاز.ونبه د. مراد محمود مراد، استشاري جراحة المسالك البولية وعلاج العقم، إلي أن العلاج بالأوزون في مصر في الآونة الأخيرة كان في حاجة إلي تدخل من قبل الحكومة؛ لتنظيمه لأن الفوضي باتت هي الحاكمة والعشوائية غلبت ما سواها، وبدأ مستخدمو هذا الغاز في توسيع نطاق فاعليته في مجالات لم يثبت علمياً جدواه فيها.وشدد علي أنه كان غريباً علي كل أسماعنا القول بأن الأوزون يعالج العجز الجنسي ويجد حلولا جوهرية لمشاكل الخصوبة والعقم ، لأنه لم يطرح أساساً هذا الأمر علي الساحة العلمية، موضحاً أن القول بفاعلية العلاج بالأوزون في علاج أمراض الخصوبة والعقم قول مصري لا يمت بصلة للعلم الحديث، بل إن هذا الموضوع لم يطرح للنقاش من الأساس.وأعلن د· مراد تأييده لقرار وزارة الصحة فيما ذهب، قائلاً: إن التدخل من قبل الوزارة هو الحل القويم لمواجهة هذا الطوفان الجارف، الذي يهدد هذه الأمة، وإن كان علي لجان الوزارة أن تتحقق من فاعلية هذا الغاز طبيا، للوقوف علي الأمراض التي من الممكن أن تعالج به، فإنه ما لا يدرك كله يجب ألا يترك كله.[c1]دفاع مستميت[/c]في حين، رفض د· أحمد تيمور، رئيس أول وحدة لطب الأوزون بجامعة الأزهر، هذا القرار مؤكداً أن غاز الأوزون يستخدم في علاج العديد من الأمراض منذ أكثر من 135 عاماً في ألمانيا، حيث بدأ استخدام غاز الأوزون لأول مرة عام 1870 علي يد العالم الألماني ليندر، ثم تطورت العملية لتصبح موضوع عدد ضخم من الأبحاث لكثير من العلماء منهم “أوتوفار بورج”، الذي حصل علي جائزة نوبل لعامي 1931 و1944 عن أبحاثه في الاستخدام العلاجي للأوزون خاصة في حقل الأورام الخبيثة.وأشار إلي أنه توالي إقرار الأوزون والاعتراف به كوسيلة علاجية بعد ألمانيا في إيطاليا وفرنسا وإنجلترا وسويسرا واليابان ونصف الولايات الأمريكية، ووافقت اللجنة العليا للرقابة علي طرق العلاج المستحدث والمستجد التابعة لوزارة الصحة في مصر علي استخدام الأوزون كوسيلة علاج آمنة ومساعدة في علاج العديد من الأمراض في 6 ديسمبر 1999، وكان ذلك بعد دراسات علمية مستفيضة تم من خلالها التأكد من جدوي هذه الوسيلة علي الصعيد الطبي.وقال: الأوزون عبارة عن أوكسجين منشط، وحيث إن خلايا الجسد البشري تحصل علي الطاقة اللازمة لاستمرارها في الحياة، ونقصه يعني نقص تجديد الحياة وتضاؤل القدرة علي مقاومة الأمراض، ومن هنا جاء دور الأوزون طبياً علي اعتبار أن كل الأمراض هي أعراض لمرض واحد هو نقص الأوكسجين.وأضاف: بقدر ما يعتبر الأوزون منشطاً لخلايا الجسم الطبيعية، فهو مثبط لكل الخلايا غير الطبيعية كالفيروسات والبكتريا والفطريات والطفيليات، بل وللخلايا السرطانية، فهو يخترقها ويؤكسدها لعدم احتواء جدر هذه الخلايا علي منظومة الإنزيمات الخاصة الموجودة في جدران الخلايا الطبيعية.وخلص د. تيمور إلي أنه بهذا الشكل يستطيع هذا الغاز مهاجمة الفيروسات، بدءاً من فيروسات الأنفلونزا، ووصولاً الي فيروسات الكبد والهربز والإيدز، كما يقضي علي البكتريا الهوائية وغير الهوائية والفطريات والطفيليات، وبالتالي ثبت فاعليته في علاج الفيروس الكبدي C “ “، والشفاء من قروح والتهابات الجلد، وعلاج “البول السكري”، وعلاج أمراض اضطراب المناعة مثل الروماتيزم والروماتويد والذئبة الحمراء، وحالات أمراض الحساسية المستعصية كالربو الشعبي وحساسية الأنف المزمنة والاكزيما، وفي توسيع الأوعية الدموية والشرايين كعلاج لارتفاع الضغط والجلطات المخية والقلبية وتصلب الشرايين، وأخيرا علاج الأورام الخبيثة.[c1]ساونا الأوزون[/c]أما د. محمد نبيل موصوف، رئيس الجمعية المصرية للعلاج بالأوزون، فأشار إلي أن العلاج بغاز الأوزون في مصر يتم بعيدا عن العشوائية كما يدعي البعض، لأن هذا السبيل العلاجي تم الموافقة عليه في عام 1999، ثم استمرت اجتماعات اللجان حتي تم وضع بروتوكول نهائي لهذه الوسيلة العلاجية، الذي اشترط أن يكون استخدامها عن طريق الدم وساونا الأوزون بالمستشفيات الحكومية والخاصة، التي تحتوي علي غرف إنعاش، واشترط علي من يعالج بالأوزون أن يكون طبيباً بشرياً حاصلاً علي دورة تدريبية في العلاج بالأوزون.وأكد أنه بناء علي هذا البروتوكول النهائي، تم افتتاح عيادات العلاج بالأوزون في معهد الأورام القومي كمركز علاجي بحثي تدريبي بموافقة الجامعة كما تم افتتاح مراكز أخري في كليتي طب المنوفية وأسيوط كما افتتحت عيادة في مستشفي الهرم تابعة لوزارة الصحة كما تم افتتاح وحدة للعلاج بالأوزون من 5 سنوات في مركز الطب الطبيعي بالعجوزة ووحدة في مركز طب الأعماق بالاسكندرية، وقد انضمت مصر من خلال الجمعية الطبية المصرية للعلاج بالأوزون إلي اتحاد الجمعيات الأوروبية للعلاج بالأوزون، الذي يضم 4? دول هي ألمانيا وإيطاليا وسويسرا والنمسا.وخلص د. نبيل موصوف إلي أنه يوجد في أوربا أكثر من ألفي مركز للعلاج بالأوزون كما يعالج به في أكثر من 15 ولاية أمريكية، مشدداً علي أن الجمعية المصرية للعلاج بالأوزون سوف تلجأ للقضاء للدفاع عن استخدام الأوزون في العلاج، لما يمثله ذلك من مصلحة للطب في مصر، خاصة وأن اللجنة التي اتخذت قرار الإغلاق والمنع لم تستمع إلي المشتغلين بالعلاج بالأوزون.