الاتصالات في اليمن .. إنجازات هائلة فاقت التوقعات
[c1]* مليون و278 ألفاً و315 خطاً السعة الهاتفية حالياً مقارنة /800/ خط في صنعاء و"7855" خطاً في عدن مطلع الستينات [/c]
صنعاء / سبأ :انطلاقا من أهمية مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي والتي باتت تعرف بالثورة الرقمية وأهمية ذلك في خدمة أهداف التنمية في كافة قطاعاتها باعتبار الاتصالات من أهم ركائزها.. جاء اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي المهم من خلال حرصها على استيعاب كل جديد فيه إدراكا منها بأنه بات من الصعب على أي مجتمع أن يتطور دون الانفتاح على العالم والانخراط في المنظومة المعلوماتية العالمية.ورغم محدودية إمكانيات وموارد اليمن وتعدد احتياجاتها التنموية إلا أن قطاع الاتصالات شهد طفرة نوعية بفضل ما حظي به من اهتمام منذ فجر الثورة اليمنية المباركة 26 سبتمبر و14 أكتوبر باعتبارها محطة الانطلاق الأساسية للنمو المتسارع في هذا القطاع حتى أصبحت اليمن اليوم تفاخر بأنها تمتلك أحدث تقنيات الاتصالات وتواكب كل جديد في عصرنا الراهن الذي أصبحت فيه الاتصالات عنصرا هاما من عناصر التقدم والنهوض، وقربت المسافات فيما بين الشعوب وفي ظلها أصبح العالم يعرف اليوم بالقرية الصغيرة وتسارعت الاكتشافات العلمية. [c1]الاتصالات في اليمن .. البدايات الأولى[/c] وإذا ما عدنا إلى ما قبل قيام الثورة اليمنية في سبتمبر 1962م فيمكن القول بأن خدمات الاتصالات كانت شبه معدومة في اليمن سوى من بعض وسائل الاتصال التقليدية محدودة النطاق والاستخدام تمثلت في خدمة التلغراف بواسطة الخطوط المحمولة فردية السلك على يد العثمانيين أثناء حكمهم لليمن في أوائل القرن الماضي.. وأستمر هكذا الحال حتى أواخر الخمسينات، فرغم التطور الذي كان قد وصل إليه العالم في هذا القطاع ألا أن الحكم الإمامي الذي استبد بالمحافظات الشمالية قبل الثورة لم يدخل ألا أنظمة متخلفة للاتصال خلال الفترة 1956م / 1958م أقتصر على /800/ خط هاتفي خصص معظمها للأسرة المالكة وبعض الدوائر الحكومية وكذلك الأمر في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال حيث لم تكن بأفضل حال مما هو عليه الوضع في المحافظات الشمالية.فقد أدخل الاستعمار خدمات اتصالات متدنية ومحصورة، اقتصرت على إنشاء بعض السنترالات الميكانيكية نوع /استر وجر/ تم توزيعها في أوائل الخمسينات على بعض أحياء عدن وأقتصر استخدامها حتى بعد توسيع تلك السنترالات وارتفاعها في بداية الستينات إلى 7855 خطا هاتفيا بدرجة رئيسية لخدمة الاحتلال البريطاني ومؤسساته وبعض النشاطات التجارية البسيطة. [c1]الثورة المباركة.. الانطلاقة الحقيقية[/c] ولهذا فقد جاءت الثورة اليمنية المباركة لتضع اللبنات الأولى لنهوض هذا القطاع وتعطى دفعة أولية في مجال التطور الكمي والنوعي لهذه الخدمات.. وتؤسس لمرحلة الانطلاق الكبرى والتحول النوعي التي بدأت منذ أعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990م لتدشن اليمن بذلك خطواتها العملية بالتعاطي الفعلي مع التطورات العالمية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال التطورات الجذرية التي سعت إلى إحداثها في هذا المجال من خلال خطط وبرامج استهدفت تطوير هذا القطاع كما وكيفا .. بما ينسجم وطبيعة التحولات التي شهدها اليمن الموحد وتسارع خطوات التحديث والتطوير في المجالات التنموية والخدمية كافة بغية ترجمة التطلعات والغايات المنشودة ليمن الثاني والعشرين من مايو.ولا نبالغ أن قلنا أن الهم الرئيس الذي أولته الحكومات المتعاقبة في عهد الوحدة المباركة أنصب على أحداث قفزة نوعية في واقع الاتصالات في المحافظات الجنوبية والشرقية بما يتناسب مبدئيا مع ما هو حادث في المحافظات الشمالية ومن ثم الانطلاق صوب تحقيق أهداف التطوير المنشودة.إذ لم يكن في المحافظات الجنوبية والشرقية في ال 22 من مايو 1990م سوى 310713 خط سنترال هاتفي، جميعها من التقنيات الميكانيكية التي كانت صناعتها قد انقرضت في معظم البلدان، أما وسائل التراسل في المدن فكانت تتركز حول محور اتصال ميكروويف يربط عدن بحضرموت بتقنيات سابقة التقسيم الترددي وان لم تكن منقرضة بسعة أجمالية تقل عن 200 قناة.أما الاتصالات الدولية فباستثناء العربية منها التي كانت أفضل من سواها بفضل محطة عربسات الجديدة بسعة 46 قناة، فان السعة المجتمعة للمحطتين الأخريتين انتلسات وانترسبوتنك لم تزد على 19 قناة للاتصال مع العالم شرقا وغربا.ومع ذلك فان البنية التحتية للشبكات لم تكن تسمح بأي توسعة والكثير من كوابلها لا يتمتع بأي حماية تقنية من الظروف البيئية أو من الحوادث والعبث والقوارض وباختصار فان أوضاعها كما شخصها المسئولون المختصون بالهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية كانت مشابهة لما كانت عليه الاتصالات في المحافظات الشمالية عام 1978م. [c1]إنجازات 3 سنوات في عهد الوحدة خلال السنوات الأولى من عمر الوحدة المباركة [/c]تمثلت المشاريع التي نفذتها الحكومة في استبدال جميع السنترالات الميكانيكية بسنترالات الكترونية حديثة وربط المدن الكبرى فيما بينها وتوصيلها ببقية المدن في المحافظات الشمالية بسعات كبيرة وبتقنيات حديثة واستعمال احدث تكنولوجيا الاتصالات وهى تكنولوجيا الألياف البصرية، حيثما أمكن، أي في الممرات غير الصخرية، إضافة إلى تسخير المحطات في عملية التواصل مع المواقع النائية آنذاك في سقطرى والمهرة والمكلا.وكان أهم خطوة اتخذتها الحكومة لتطوير شبكة الاتصالات في المحافظات الجنوبية هو إنشاء كابل بحري بأحدث تقنيات الألياف البصرية يربط عدن بأهم عواصم العالم، عبر جيبوتي وبالتواصل مع كوابل سى مى وى 2 الدولي بسعة ابتدائية قدرها حوالي 345 قناة وانتهائية تبلغ أكثر من 10 آلاف قناة.بالإضافة إلى إنشاء سنترال دولي جديد بالتقنيات الحديثة وسعة ابتدائية تزيد على ألف قناة دولية تربط الجمهورية اليمنية ببلدان العالم كافة.وفي الوقت ذاته كان العمل جاريا لاستبدال جميع السنترالات القديمة بأحدث التكنولوجيا وزيادة سعاتها بمقدار 50 بالمائة ومنها شبكات ذات بنية تحتية حديثة ومتسعة في العديد من المدن كالمكلا وسيئون.كما أنشئت شبكة الألياف البصرية في وادي حضرموت وشبوة ومدينة عدن ولحج وأبين، فضلا عن إنشاء وصلة الميكروويف بين صنعاء وعدن والمحطات الفضائية لربط سقطرى بالغيظة.وبالرغم أن معظم الجهود كانت منصبة على رفع مستوى شبكة المحافظات الجنوبية والشرقية، إلا أن العمل في المحافظات الشمالية خلال تلك الفترة لم يتوقف سواء من حيث ارتفاع الخطوط المتعاقد عليها خاصة في مراكز المدن. أو إضافة مواقع جديدة في جميع المحافظات والتوسع في شبكة الميكروويف أفقياً وعموديا بمئات القنوات وانتشار شبكات الألياف البصرية في مدينة صنعاء وضواحيها وفى سهول تهامة، بكوابل وتجهيزات يابانية وفنلندية. [c1]الهاتف السيار .. قصة نجاح في اليمن [/c] وكما أشرنا فان خدمات الهاتف النقال لم تكن معروفة قبل العام 1990 ودخلت اليمن في العام 1992م، إلا أن اليمن شهد تطورا ملموسا في هذا المجال على الرغم من قصر الفترة سواء من حيث عدد المشتركين أو المستفيدين من هذه الخدمة أو بتعدد الأنظمة المشغلة لها.وكنتيجة للتوجه الحكيم لقيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس /علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وحرصها على إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية أطلقت هذه الخدمة للتنافس بالسماح للشركات بالدخول للاستثمار فيها، بعد أن كانت مقتصرة حتى عام 2001م على شركة تيليمن للاتصالات اللاسلكية.من خلال دخول شركتين للقطاع الخاص هما / سبأ فون/ و/سبيستل/ بالإضافة إلى خدمة الهاتف النقال عبر الأقمار الاصطناعية الثريا للاستثمار في هذا المجال بنظام /الجى أس أم/.. وحرصا من الحكومة على تحسين هذه الخدمات للمواطن وكسر الاحتكار وفتح باب التنافس في هذا المجال عملت على إدخال خدمة / يمن موبايل / التي تعمل بنظام / سى دى أم أى/ كبديل أفضل لنظام خدمات الاتصالات اللاسلكية / تيليمن / لتكون اليمن بذلك أول دولة عربية تعتمد هذا النظام الذي يعمل بكفاءة عالية ويصنف عالميا بالجيل الثالث للهاتف النقال ليصل عدد المشتركين في خدمات الهاتف النقال بنظامي /الجى أس أم والسى دى أم/ إلى ما يقارب 3 ملايين مشترك. [c1]تليمن .. عهد جديد[/c] كما أن انتقال ملكية الشركة اليمنية /تيليمن/ من أدارة شركة البرق واللاسلكي البريطانية إلى ملكية المؤسسة العامة للاتصالات، لم يعد بالفائدة على الحكومة فقط من خلال تضييق الخناق على ظاهرة تهريب المكالمات الدولية، مما أسهم في ارتفاع إيرادات الاتصالات الدولية بتقليص فارق الدقائق التي كانت تتعرض لقرصنة الاتصالات الدولية بطرق غير شرعية ومن دون أي عائدات مالية تذكر لخزينة الدولة بل استفاد المواطن من خلال تحديث النظام السابق بتيليمن بنظام يمن موبايل مما أسهم في تخفيض رسوم الاتصالات الدولية إلى أكثر من خمسين في المائة. [c1]الألياف الضوئية.. أحدث تقنيات [/c] ولعله من المفيد الإشارة إلى أن ما وصلت إليه اليمن في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات لم يكن ضربة حظ وإنما توافرت لها بنية تحتية تمثلت في تغطية الجمهورية بشبكة الألياف الضوئية وربط مدنها الرئيسية والثانوية بشبكة تراسل ذات تقنية عالية وبسعة تراسلية قادرة ليس على تلبية احتياجات الاستخدام الحالي وإنما أيضاً تلبية الطلب على هذه الخدمة لخمس سنوات قادمة من خلال 8600 كيلو متر إجمالي طول شبكة الألياف الوطنية فيما بين المدن.بالإضافة إلى أن اليمن ترتبط منذ العام 1995 بشبكة الألياف الدولية عبر الكابل البحري بطول 226 كيلو متراً إلى جيبوتي ومنها إلى عدد من الدول العربية وجنوب شرق آسيا وأوروبا.في حين تتواصل الجهود لاستكمال ربط اليمن عبر الألياف الضوئية مع سلطنة عمان بطول 700 كيلو متر وبتكلفة مليار و500 مليون ريال.[c1]الاتصالات وعلاقتها بمكافحة الفقر [/c] كما إن من المفيد الإشارة إلى أن حرص الدولة على تحديث الاتصالات من خلال المشاريع ذات الصلة بذلك وما تتطلبه من تكاليف ليس نابع من فراغ وإنما جاء ضمن خطة تنموية مدروسة تستهدف الإنسان اليمني في المقام الأول.بالإضافة إلى ما أحدثته هذه التطورات من فائدة على المواطن والمؤسسات التعليمية والهيئات البحثية واسهم أيضاً بدعم جهود الحد من البطالة ومكافحة الفقر من خلال ما وفرته من فرص عمل سواء لمن يعملون في مجال هندسة الاتصالات أو من خلال عشرات الآلاف من العاملين في مراكز الاتصالات المنتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية وفى مقاهي الانترنت.وبلغة الأرقام والحقائق يتضح جليا حجم التطور الكبير الذي شهده قطاع الاتصالات في اليمن خلال الأربعة والأربعين عاما الماضية في ظل الثورة اليمنية المباركة، حتى أصبحت اليمن اليوم رغم قدراتها وإمكانياتها المحدودة تفاخر بتقدمها ومواكبتها لأحدث تقنيات ونظم الاتصال قبل دول عديدة في المنطقة وبات الإنسان اليمني في الحضر والريف والجبل والسهل والبحر واليابسة مرتبطا بالعالم أجمع .