مع الأحداث
بطبيعة الحال اعتبرها الرئيس الإيراني احمدي نجاد انتخابات رائعة، وصورها لطمة على خد العدو، أي الأعداء، فهم كثر؟ الأرجح أنه كان يعني المعتدلين الذين خسروا، لان النظام شطب معظم مرشحيهم وسمح لقلة قليلة فقط، للقول إن المعارضة دخلت الانتخابات.ومعارضوه، للإحاطة، هم إسلاميون أيضا من داخل النظام، يعيرون بالمعتدلين، أما بقية المعارضة فلا تحلم حتى بتسجيل أسمائها.جاءت النتائج مرسومة مسبقا، كأي انتخابات عالم ثالثية، يفوز فيها الحزب الحاكم ويجلس المنافسون الآخرون على فتات الموائد السياسية للتصوير.أعداء إيران سعداء بمثل هذه الانتخابات المطبوخة، لأنها تعزز رأيهم في النظام، الذي جرد نفسه من كل مصداقية، بإبعاده حتى شركاءه المعتدلين الإسلاميين، مؤكدا هذه المرة أنها هيمنة كاملة للتيار المتطرف في طهران، بعد أن كان يشارك المعتدلين بعض المقاعد والصلاحيات.إيران تغيرت كثيرا، كانت توصف في البداية بأنها حركة متطرفة، لكنها والحق يقال كانت معتدلة جدا إذا قورنت بما هي عليه اليوم. فالثورة الخمينية بدأت بإدخال كل الأجنحة الإسلامية، من معتدلين مثل أبو الحسن بني صدر الذي كان الوجه المتسامح للدولة الفتية، إلى متطرفين مثل آية الله صادق خلخالي، جزار الثورة الذي أرسل إلى المقصلة 1700 من كبار المسئولين في النظام السابق، ووعد من كان بريئا منهم وأعدمه بالجنة. كانت البدايات مبررة حتى في عنفها ودمويتها وشكوكها، لكنها اليوم وبعد 28 عاما من الثورة صارت أكثر عنفا. لم يعد هناك مكان للمعتدلين من الإسلاميين من أبناء الثورة أنفسهم. المتطرفون كسبوا الانتخابات وخسروا عمليا الشارع، الذي خافوا من انتقامه فاضطروا إلى شطب أسماء آلاف المرشحين الإسلاميين، منعا للطوفان والتغيير الحتمي بأن يأتي إلى البرلمان فريق معتدل. فهم يدركون أن المواطن الإيراني لم يعد يطيق ثنائية الفكر المتطرف مع الوضع الاقتصادي المتردي.وقد يسأل أحد ما الغرابة طالما أن المتطرفين منتشرون مثل الفطر في كل مكان من العالم الإسلامي، كانوا في أفغانستان واستمروا يحكمون السودان ووصلوا الآن إلى العراق؟ تطرف إيران غير مبرر لأنها ثبتت حكمها، وهزمت خصومها مثل صدام وطالبان، فانتفت دعوى الخوف من الخارج. وهو نفس الاستغراب الذي عبر عنه حفيد الخميني آية الله حسين الخميني، الذي يقول متحسرا أن بلاده تعيش الآن تحت حكم استبدادي خان الثورة.بالفعل ليس غريبا أن تنتهي الثورات في أيدي المتطرفين الثوار، كما حدث مع الثورة البلشفية في عهد ستالين، والثورة الثقافية في زمن ماو وكلها هزمت من الداخل لاحقا. السؤال ماذا سيحل بإيران؟ هل سيعمر فيها التطرف كما عمر في كوبا، وتستمر المنطقة في اضطراب؟ أم إنها دورة توشك على الذبول؟ على الرغم من سلبية النتائج إلا أن تزوير الانتخابات الأخيرة أعطانا مؤشرات ايجابية بأن الإيرانيين ملوا.[c1]* عن / صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية[/c]