المناضل / قاسم غالب أحمد .. من أحرار اليمن وأحد رواد حركة التنوير
نعائم خالدعلم من أعلام التطوير دافع عن نشر التعليم والتنوير في مجتمع كان يستبد به إمام ظالم ويرمي شعبه في غياهب الجهل والقهر .. مجتمع ناضل من أجل الحرية بدماء الأحرار وجهد الثوار حتى كانت شرارة ثورة 26سبتمبر نور الحياة لكل اليمنيين وبداية النور والعلم والتطور .هذا هو الأستاذ قاسم غالب أحمد رحمه الله يعتبر رائد حركة التعليم والتنوير في اليمن ووزير التربية والتعليم والإعلام سابقا سيظل رمزا وعالماً من علماء المسلمين الذي ناضل في سبيل الحق والعدل والإصلاح ومؤسس النهضة العلمية لعب دورا مركزيا ومؤثرا في حركة التطور والتحرر السياسي والاجتماعي فنحن هنا اليوم نتكلم في سطور عن حياته ليعرف القارئ ان هناك من ناضل واوجد نوراً عبر التاريخ وسار عليه الجميع وكان نموذجا يحتدى به.بدأ قاسم غالب أحمد حياته العلمية بأمل كبير في إصلاح ما أفسده المفسدون والدفاع عن قضايا المظلومين .ولد في مدينة تعز من أبوين يمنيين 1333هـ الموافق 1912م وبدأ تعليمه في تعز ثم انتقل إلى زبيد ليتلقى العلوم الدينية والعربية وقد اختاره طاغية اليمن وجلاده الأمام احمد وعينه عضوا في مجلس الملك الذي كان يسمى الهيئة الشرعية او الديوان الملكي ولكن الصورة تكشف أمامه مظلمة ظالمة وبدلا من ان يبعده المنصب عن الشعب زادته المسؤولية التصاقا به ودفاعا عن حقوقه وايمانا بالثورة على الظالمين الطغاة الذين يمتصون خيرات البلاد ولا يقدمون لها إلا الذل والاستعباد والتخلف ..[c1]أملاك الشعب للأسرة الحاكمة[/c]رأى قاسم أراضي الأوقاف تضم إلى املاك الأسرة الحاكمة ورأى أراضي الفلاحين الضعفاء تنزع منهم لتضم إلى املاك الطاغية .رأى أبواب السجون تفتح بدون محاكمات للأحرار من أبناء الشعب والضرائب تجبى دون رحمة ودون ضوابط والسياط تعمل في رقاب العباد.لم يكن قاسم وحده الذي تفتحت عيناه على هذه الصورة البشعة للحكم فقد كان هناك عدد من أحرار الشعب يتتبعون هذه المظالم ويقاومونها ما استطاعوا في حدود إمكانياتهم .[c1]لقاء الأحرار من أجل الحرية[/c]التقى مع هذه الأفكار في تعز حيث كان يلتقي مع جماعة من أخوانه الأحرار يعددون صور الظلم ويتناقلون عبارات السخط على الظالمين في تحفظ وسرية تامة حيث دعاهم في سنة 1358هـ إلى تأليف جمعية الإنصاف في تعز ونشطات هذه الجمعية منذ تأسيسها ثم بدأت المنشورات السرية توزع على الشعب تهاجم أسلوب الحكم في شتى صوره الجائرة ونادي بالإصلاح وإعطاء كل ذي حق حقه.
وأخرج قاسم ما في صدره من ثورة عارمة في صورة قصائد شعرية توزع في منشورات على الشعب حتى يهب من غفوته ويحطم قيوده ويسترد حقوقه وسرعان ما وجد نفسه في سجن القاهرة بتعز سنه 59هـ مشددة عليه القيود والسلاسل الحديدية حيث وجد الرهائن أبناء المشايخ الذين انتزع الأمام منهم أبناءهم كرهائن ليضمن ولأهم .[c1]تحويله السجن إلى مدرسة[/c]حول المناضل قاسم غالب أحمد السجن إلى مدرسة يدوي صوتها خارج السجن حتى بلغ مسامع الطاغية فغضب من تعليمه للرهائن ونقله إلى سجن نافع بحجة سنه 1363هـ الذي كان يضم الأحرار من مشايخ القبائل اليمنية وعلمائها وأدبائها .. وعند قيام ثورة 67هـ -(48م) اتهمه الطاغية أحمد بأنه أحد المشاركين والمدبرين لثورة 48م مع انه يعلم ان قاسم في سجن حجة فأمر بتشديد السجن عليه وزيادة القيود والمراقبة وبعد هذه الثورة فتح سجن نافع أبوابه ليلتقي بأحرار وزملاء جدد منهم الرئيس الأسبق المشير عبدالله السلال واللواء العمري واللواء الجافي والقاضي الأرياني والأخوة المروني والشماحي ومحبوب والنعمان وكثير من الأحرار .واستمر سجن قاسم حتى سنه 1373هـ الموافق 1953م ، 14عاما من غير محاكمة تعقد وبدون جريمة تثبت عليه .وفي تعز التقى بالأمام أحمد بعد إطلاق سراحه الذي طلب منه ان يعمل في جهاز حكمه فأعتذر للأمام بمرض الروماتيزم ومكث في تعز ثلاثة أشهر يدير أمر قراره حتى تمكن أخيرا من الفرار إلى عدن .بدأ قاسم حركة كفاح جديدة في عدن إلى جانب الشيخ عبدالله على الحكيمي في إدارات الاتحاد اليمني بعدن وعمل أمينا عاما للاتحاد اليمني الذي قام بتأسيس مدرسة ابتدائية وأعداداية ليلية والذي ساهم بإرسال 70تلميذا إلى للقاهرة على دفعات وعلى نفقات المشتركين من الأحرار وأضاف إلى عمله كمدرس في مدرسة بازرعة الخيرية وفي سنه 54هـ قامت الثورة في اليمن برئاسة العقيد أحمد والثلايا ولكن انتكست هذه الثورة وامتد أثرها إلى حركة الأحرار في اليمن ومات الشيخ الحكيمي وضاق صدر قاسم وغادر إلى العوالق لتولى القضاء الشرعي هناك .وفي سنة 56م رجع إلى عدن وساهم مع الشيخ البيحاني بإنشاء معهد ديني في عدن ثم شارك مع بعض الأحرار في التدريس بالمعهد وفي سنه 59م كان أول من نادى في الصف والمنابر بفكرة إنشاء كلية بلقيس بعدن ووجدت الفكرة صداها واستدعوا جميع الزعماء البعيدين عن عدن ليتكتلوا وراء المشروع حتى تم إنشاء هذه الكلية لم يكن المبنى في حد ذاته هدفا وإنما اتجاه الدراسة هو الهدف الذي كان مشروع كلية بلقيس مشجعا على المساهمة في بناء جامع النور مع اللجنة المشرفة وفيها تولى إمامة وخطابة هذا المسجد ثم الحق بالمسجد إلى إنشاء معهد النور العلمي الديني وكان قاسم عميد هذا المعهد حتى قيام ثورة 26سبتمبر المجيدة . [c1]تطوير الحركة الشعبية الشاملة [/c]وفي سنه 61م سافر إلى القاهرة قادما من عدن و قام بتطوير الحركة الشعبية الشاملة كما اشترك مع بعض الأخوة في ضرورة قيام ثورة 62م التي قادها زعيمنا المشير عبدالله السلال وقامت الثورة المجيدة وتم استدعاء قاسم من عدن فلبى النداء فورا ليشارك في عملية البناء و بعد قيام الثورة تولى رئاسة كتب المظالم ونيابة الأوقاف بتعز .ومن المنجزات التي قام بها المناضل قاسم قام بعمارة ما هدم من جامع الجند والمظفر واعداد مدارس في الاشرفية وهجدة والقاعدة والمسراخ وذي السفل وإنشاء مركز إسلامي ومعهد ديني في تعز وإنشاء جمعيات زراعية.وفي شهر رمضان سنه 83هـ 64م تم تعينيه نائبا لوزير التربية وبعد عدة اشهر عين وزيرا للتربية والتعليم في شهر ذي الحجة خلال هذه الفترة قام بوضع المناهج والقوانين التعليمية لكافة انحاء الجمهورية اليمنية للمراحل الثلاث تم افتتاح عدد من المدارس الابتدائية و3مدارس اعدادية و3مدارس ثانوية و4مدارس ابتدائية للبنات و3 دور للمعلمين وهناك العديد من انجازات ومنها كانت وزارة التربية والتعليم تسير بدون مخطط تعليمي يرسم لها طريق المستقبل فتم وضع المخططات .بدأ بمخطط لعام دراسي واحد ثم مخطط ثلاثة ثم خمسة اعوام كانت مادة الدين الإسلامي في المدارس والمعاهد تستغل لتمزيق الشعب وتفريقه وبث الحزازات في نفوس ابنائه فدعا قاسم إلى مؤتمر من علماء اليمن حضره الشهيد محمد محمود الزبيري والقاضي الأرياني وغيرهم من كبار العلماء وتم الاتفاق في هذا المؤتمر على ان تقتصر في تدريس مادة الدين على كتب الأمام الشوكاني أحد علماء اليمن الأجلاء الذين نفخر بهم وبعملهم الحر المستنير وبذلك توحدت مناهج الدين في جميع المدارس والمعاهد اليمنية .وتعاونت وزارة التربية والتعليم مع وزارة الزراعة على تنظيم معهدين زراعيين ،لقد كان اليمن بدون مدارس وكان أبناء اليمنيين المتطلعين إلى المعرفة موزعين بين البلاد العربية وغيرها وكانت البلاد تلاقي من جراء هذا التوزيع كثيرا من الصعوبات الفكرية والمادية فلما تم الاكتفاء الذاتي في التعليم العام في اليمن لم تكن هناك حاجة إلى إبقاء البعثات للتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوية لذلك نظمت البعثات ووضعت لها القوانين واللوائح وقصرت البعثات على المراحل الجامعية والتعليم الفني والتدريب المهني حيث يمكن أن تستفيد البلاد من أنواع الخبرات التي لا تتوفر لديها وفي الوقت نفسه يكتمل التعليم عندنا ليكون نواة لجامعة اليمن وبعد ان تم هذا العمل الكبير في المدارس اتجه قاسم إلى ديوان الوزارة لتنظيمه ووضع اللوائح والاختصاصات لمختلف الأجهزة التابعة له .[c1]تنظيم الامتحانات العامة وضبطها[/c]لقد كان مجالا للتندر في البلاد العربية وغيرها تلك الشهادات التي تمنحها وزارة المعارف اليمنية فقد كانت هذه الشهادات الدراسية مجالا للفوضى والإضراب وكان الطالب يحصل على وثيقة بالثانوية العامة وهو دون مستوى الإعدادية لذلك عنيت وزارة التربية والتعليم في عهد الثورة وبتوجيه من قاسم بتنظيم الامتحانات العامة وضبطها ضبطا محكما فنظمت الامتحانات العامة على أحدث الطرق التربوية ووضعت قواعد لهذه الامتحانات وحددت مواعيدها وأصبح للمدارس اليمنية شهادات عامة معترف بها في مختلف البلاد العربية وشهادة الدراسة الابتدائية للبنين والبنات وشهادة الدراسة الأعداداية وأخيرا شهادة الدراسة الثانوية العامة حيث أدى الطلاب امتحاناتهم أمام لجان عربية .وأخيرا وليس بأخير سيظل المناضل الأستاذ قاسم غالب حقيقة في قلوب ووجدان الجماهير وتلاميذه وشمساً مضيئة وكتاباً مفتوحاً تستنير الأجيال بعلمه وأسلوبه وسندا لكل المظلومين والفقراء حسب ما جاء في مذكراته .