فحولة مفقودة وعجز اقتصادي وخلل اجتماعي :
القاهرة/14اكتوبر/ هشام نصر: يلجأ كثير من الشباب العربي المقبل علي الزواج لاتخاذ إجراءات وعمل احتياطات كثيرة قبل ليلة الزفاف، خوفاً من أن تتحول ليلة العمر إلى كابوس فالبعض منهم يربط شبكة صيد حول وسطه والبعض يرتدي ملابسه الداخلية مقلوبة وكثير منهم أصبح لا يرتدي ملابسه الداخلية خوفاً من السحر، فهل يوجد فعلاً سحر يربط العريس حتى لا يستطيع أداء واجبه الشرعي.فبعد أن تطفأ الأنوار وتنتهي مراسم الزفاف ويختلي العريس بعروسه، تبدأ حالة من الخوف والقلق التي قد تؤثر علي حالته النفسية والعصبية تجعله بالفعل يفشل في أداء واجبه الشرعي وهي كارثة خاصة في هذه الليلة ويبدأ سقوط العريس ضحية للجهل والخرافة والموروث الثقافي وجشع الدجالين وابتزاز السحرة والمشعوذين من أجل علاجه من (الربط).يروي شاب حديث الزواج قصته قائلاً: خلوت بزوجتي ليلة الدخلة، ففوجئت أنني عاجز جنسياً واستمر هذا الحال عدة أيام لم أستطع خلالها الاقتراب من زوجتي وبدأت حالتي النفسية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وبعد أسبوع كدت أن أصاب بالجنون وبدأت أشك في وجود عيب في، فذهبت للطبيب فطمأنني ولم أصدقه خاصة أن الحال كما هو فذهبت إلي دجال أخبرني أني (مربوط) ثم أحضر بيضة مسلوقة وكتب عليها كتابات غير مفهومة بحبر أحمر بلون الدم وبدأ يتمتم ببعض التعاويذ، ثم طلب مني أن أقتسمها مع زوجتي وفعلت ولم يحدث شيء وفي اليوم التالي جاء نفس الشيخ إلي البيت وكتب ورقتين بنفس الحبر ووضعهما في ماء ساخن وطلب مني الاستحمام بهذا الماء وظل الحال كما هو فزاد القلق وبدأ اليأس يتسرب إلي قلبي وساءت حالتي وضاعفت جهودي للبحث عن أحد الشيوخ المشهود لهم بالقدرة علي تسخير الجن وإبطال السحر وفك الربط، ووصلت إلي شيخ يعالج بالقرآن فقرأ في وجهي قرابة الساعة ثم أمرني أن أدير وجهي واستمر في القراءة، ثم كتب علي فخذي آيات من القرآن وعلي كف يدي اليمني وأمرني ألا أصافح أحداً حتي أجامع زوجتي وأعطاني حجابين وضعتهما في غرفة النوم وبعدها أصبحت أمارس حياتي بشكل طبيعي.[c1]رجولة مفقودة[/c]ويتشابه نفس الموقف السابق مع شاب آخر ويقول عن حالته انتهت مراسم الزفاف وخلوت بزوجتي إلا أنني لم أصدق ما حدث فلم استطع معاشرة زوجتي فبدأت رحلة البحث عن رجولتي المفقودة سلكت طريق السحرة والمشعوذين مضطراً لذلك في إطار جهل وضغوط نفسيه رهيبة تربك العقل ومن المشعوذين إلي الشيوخ من شيخ إلي آخر ولم يطرأ على حالتي أي جديد سوي مزيد من استنزاف الأموال، فقررت عدم الاستعانة بهم واستخرت ربي علي ما فعلت وبدأت احافظ على الصلوات الخمس في جماعة وتلاوة أذكار الصباح والمساء، فإذا بي في إحدى الليالي أعود إلي طبيعتي وتمت العلاقة الزوجية الحميمة كاملة.[c1]عوامل نفسية[/c]يؤكد د· حسين غانم أستاذ أمراض الذكورة والعقم بكلية الطب جامعة القاهرة أن العلم الحديث لا يقبل ويرفض تأثير السحر والدجل علي القدرة الجنسية للأزواج، مشيراً إلي أن مثل هذه الحالات في أغلب الأحيان سببها إما عوامل نفسية أو لأسباب لدى الزوجة أو الزوج، فقد يحدث أن يسمع العريس من بعض أصدقائه أن هناك أزواجاً لا يستطيعون أو لا ينجحون ليلة الزفاف بسبب الربط، فيدخل لا شعورياً في دائرة الخوف من الفشل، مما يلقي بتأثيره عليه، ويجعل الأمر مثل الامتحان الصعب مما يزيد من القلق، وبذلك يضعف الانتصاب وتفشل المحاولة الأولى وهو ما يوحي للعريس بأنه عاجز جنسياً، ونحن لا نجد أسباباً حقيقية عند هؤلاء الشباب تؤدي إلي الضعف الجنسي، مثل ارتفاع هرمون الحليب (برولاكتين) أو نقص في الهرمون الذكوري (تستوستيرون)، أما بالنسبة لشفاء المربوطين علي أيدي السحرة والمشعوذين فهذا يعود إلي الإيحاء النفسي، ومثال علي ذلك أن بعض الأزواج يذهبون لرجل ولا يستطيع شفاءهم في حين يشفي آخرين كما يعتقدون وهذا يرجع إلي قدرة كل ساحر علي الإقناع والإيحاء بالشفاء ومدي توافق ذلك مع ميول الزوج وثقافته، فقد يكون هناك شخص متعلم ومثقف لا يؤمن بهذه الأمور ولكن نتيجة ضغوط نفسية، وإلحاح الأهل يضطر للذهاب إليهم وعندما يأتي إلي شخص يعالج بالبيضة والحجر لا يقنعه ذلك، وعندما يأتي إلي آخر يتلو القرآن يجد ذلك هوي في نفسه ويتوافق مع ميوله الدينية فيشفي بالإيحاء وعند إجراء اختبار القدرة علي الانتصاب نجدها طبيعية تماماً.[c1]ضعف الثقة بالنفس[/c]وتضيف د/ إيمان الشريف خبيرة علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية يعاني كثير من الشباب (من الجنسين) أنواعاً مختلفة من الاضرابات المتنوعة التي لم يجدوا لها سبباً عضوياً خاصة في الأيام الأولي للزواج، وتبرز لدي أولئك الذين لديهم صفات الخجل وعدم الجرأة وضعف الثقة بالنفس والميل للخوف والتوتر ومن المعروف أنه إذا زاد التوتر النفسي والعصبي علي حده فإنه يؤدي إلي عطل مؤقت في وظائف الأعضاء الجنسية ولأن هذا العطل مؤقت فإن الفحوصات الطبية تكون سلبية في الغالب وكثيراً ما تسبب هذه الاضطرابات فشلاً في العلاقة الزوجية وربما إلي الطلاق أو حدوث مشاكل بين الزوجين وكثير من هؤلاء يتوهم الإصابة بسحر ( الربط ) ويؤكد هذا حال الكثير ممن يلجأون إلي المعالجين بالرقية طلباً للعلاج من مثل هذه المشكلات الجنسية. وتشير د/ إيمان إلي أن المشكلة تزداد تعقيداً عندما يؤكد هؤلاء المعالجون تلك الأوهام ويرسخونها في داخل المريض دون علم وإنما استناداً إلي تجارب شخصية وبعض القراءات النظرية في كتب تناقش السحر والمس والحسد والربط والتي يجهل مؤلفوها كثيراً من الحقائق الطبية.ويوضح د· أحمد أبو العزايم أستاذ الطب النفس أن الربط مسألة نفسية من الممكن علاجها بسهولة حتي ولو كان الشيطان أو الجن وراءها، لأن فعل الجن أو الشيطان وسوسة وإيحاء وليس الربط المادي كما يتخيل البعض، وإن خوف العريس ليلة الزفاف يؤدي إلي ذلك وأيضاً عدم تعاون العروس مع الزوج وذلك للجهل وعدم توعية الأم لها، والتقصير في تبصير الفتاة بحقيقة الأمور، تاركين خيالها البريء لتصورات خاطئة أو لثرثرة من يزعمن الدراية ممن سبقنها . ويضيف : قد يحدث أن يكون الخوف شديداً لدرجة أن الزوجه لا تسمح لزوجها بالاقتراب منها، وتتقلص عضلاتها وقد تصرخ في بعض الأحيان، إذا اقترب منها، وهذه حالة نفسية معروفة نتيجة الحساسية الزائدة المصاحبة للألم والخوف، وهذا الفشل كافٍ لإحباط الرجل في المحاولات التالية ولكن أثناء الفحص والنقاش يتعرف الطبيب علي الحالة ويبدأ بعلاج الزوجة أولاً بدلاً من الزوج . ويوضح أن هناك أسباب اجتماعية أبرزها بعض العادات المرتبطة بالاطلاع علي دم البكارة وهو ما يضع تحدياً أمام الزوجين، ويمثل ضغطاً نفسياً هائلاً علي أعصابهما، ولو أن الأمر ترك بشكل طبيعي وأخذ يوماً أو يومين حتي يألف الزوجان بعضهما، ويتعرفا بالتدريج علي جسديهما فلا مشكلة في ذلك وأيضاً توجد أسباب اقتصادية قد تؤثر علي الناحية الجنسية للرجل، فإن الفقر والتفكير في المستقبل في ظل هذه الظروف التي يعيشها الشباب في المجتمع قد يحدث ضغطاً نفسياً وإضراباً عصبياً علي الزوجين يؤدي في كثير من الأحيان إلي فشل العلاقة الزوجية.[c1]دجل وشعوذة[/c]ويري علماء الدين أن الإسلام جاء ليحارب السحر والكهنة، فالسحر بكل أنواعه حرام شرعاً وقد دل علي هذا القرآن والسنة فقوله تعالي (واتبعوا ما تتلو الشياطين علي ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) وقد دلت الآية الكريمة علي حرمة السحر وأن السحر من فعل الشياطين والأمر الثاني تنزيه نبي الله سليمان عليه السلام عن هذا الأمر المشين والثالث أن الشياطين كفروا لهذا الأمر والرابع إنزال الملكين من السماء ليعلموا الناس خطر هذا الأمر وذلك حتي يعلم الناس الفرق بين معجزة الأنبياء وما يجري علي أيادي هؤلاء المشعوذين الذين يريدون إلحاق الضرر بالأسرة ويريدون التفريق من الرجل وزوجه . وقالوا أن الله أمرنا أن نستعيذ من شر هؤلاء السحرة ، وليعلم الجميع قول الله تعالي “ وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله “· وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (اجتنبوا السبع الموبقات، ومنها السحر) وقد أجمع علماء الأمة علي عدم جواز السحر ( الربط ) لما فيه من ضرر بالغ بالزوجين.