صباح الخير
لم يمض أكثر من شهرين على المأساة السابقة والتي كانت ضحيتها طفلة في الثامنة من العمر تم تزويجها بغير رضاها على رجل في الثلاثين من عمره ، حتى تناقلت وسائل الاعلام مأساة من نفس النوع وقعت لطفلة في الثانية عشرة من عمرها قام والدها بتزويجها من رجل في الثلاثين من عمره بعد أن خطفها من أمام منزلهم جوار المحكمة الغربية وغادر العاصمة صنعاء متوجها إلى مدينة رداع حيث قام بتزويجها من ابن عمها الذي قام بمعاشرتها - كما قالت والدة الطفلة - في افادتها لوسائل الاعلام والتي اضافت بأن ابنتها ( ريم ) تعرضت للضرب من قبل زوجها وحاولت الهرب دون جدوى .. وبعد رفضها وبكائها وتدهور حالتها النفسية قامت أسرة عمها بنقلها إلى صنعاء لتسليمها إلى والدها . الطفلة ريم كانت تجهش بالبكاء أثناء جلسة المحكمة للبت في قضيتها وتقول للقاضي « استحلفك بالله روحني عند أمي ولا أريد الزواج ».. وصرخت الطفلة ريم في المحكمة مهددة بالانتحار إذا لم يتم تنفيذ طلبها على الفور ، لكن القاضي رفض فسخ عقدها لانها قاصر .. وهي تعيش الان في دار لرعاية الأيتام بسبب خلاف بين والديها . هذه المأساة تذكرنا بقضية تطليق الطفلة نجود ذات الثماني سنوات من زوجها البالغ من العمر ثلاثين عاماً بعد موافقة زوجها .. والتي أجابت على سؤال القاضي عندما سألها عما تطلبه من زوجها فقالت : أريد دمية وشوكولاتة!!!. قصة الطفلة ( ريم ) ومن قبلها الطفلة ( نجود ) ومثلهما عشرات الآلاف من الاطفال الذين يعيشون نفس المأساة ، هي قصة جريمة بشعة وانتهاك صارخ لحقوق الطفولة البريئة .. لكن ما يميز هذه الجريمة في اليمن عن غيرها من بلدان العالم انها محمية بقانون يجيز لولي أمر الطفلة تزويج ابنته متى يشاء ولو كان عمرها يوماً واحداً . لا شك أن هناك العديد من الطفلات الصغيرات اللاتي يعشن المأساة نفسها لكنهن لم يستطعن التوجه إلى المحاكم لكونهن في مناطق ريفية بعيدة .. والمشكلة أن الطفلة حتى لو تمكنت من الوصول إلى المحكمة فإن ذلك لا يعد لها أملاً بالنجاة كما حدث مع الطفلة ريم التي رفض القاضي فسخ نكاحها بحجة أنها قاصر كما أن قانون الأحوال الشخصية - النافذ في الجمهورية اليمنية - يجيز مثل هذه الزيجات ويمنح الحق لولي الامر في تزويج ابنته دون تحديد سن معين ولو كانت ابنة يوم واحد . من نافل القول التذكير بأن الجمهورية اليمنية بعد قيام الوحدة المباركة عرفت قانون الأحوال الشخصية عام 1992م وكان هذا القانون يمنع زواج الأنثى قبل سن (( 15 سنة )) والذكر قبل سن (( 18سنة )) والجميع يعرف أن هذا القانون لقي معارضة شديدة من حزب الإصلاح (( الإخوان المسلمين في اليمن )) واعتبروا أن منع تزويج الأنثى قبل سن (( 15 عاماً )) يعتبر عملاً (علمانياً ) لا يجوز في بلاد الإسلام ، واستمر هذا القانون نافذاً إلى أن جاءت حرب صيف 1994م ـ سيئة الصيت ـ والتي كان من أبرز إفرازاتها صعود حزب الإصلاح إلى الحكم في تحالف ائتلافي وهناك بذلوا كل جهدهم إلى أن عدلوا قانون الأحوال الشخصية عام 1996م ليصبح بمقدور الأب بموجب القانون تزويج ابنته متى يشاء ولو كانت ابنة يوم واحد ، بعد ما كان الزواج ممنوعاً للأنثى قبل سن ( 15 عاماً ) وقد تسبب هذا التعديل لقانون الأحوال الشخصية في مآسٍ وجرائم بحق الطفولة مازالت مئات الآلاف من الأسر تكتوي بنارها والسبب في ذلك هم كتلة حزب الاصلاح الذين أصروا على تعديل القانون ليصبح مشرعاً لانتهاكات صارخة لحقوق الأطفال مثل قضية الطفلتين ريم ونجود . إننا نعلم أن الجميع في السلطة والمعارضة يسعى الى معالجة آثار حرب صيف 1994 - سيئة الصيت - لذلك فان الأولى أن يتم إلغاء التعديلات التي تمت إضافتها إلى قانون الاحوال الشخصية بعد حرب 94م كون التعديلات التي أدخلت على قانون الاحوال الشخصية والتي سمحت لولي الطفلة بتزويجها متى يشاء ولو كان عمرها يوماً واحداً تعد من الآثار السلبية التي أفرزتها حرب صيف 1994 المشؤومة ، والتي يجب معالجتها كونها مصدراً لشقاء العديد من الأسر التي تكتوي بنار هذا القانون وتعديلاته . قضية تزويج الأطفال مازالت حلقاتها مستمرة لا سيما وأن القانون اليمني يجيز تزويج الصغيرات بناءً على التعديلات التي أدخلها عليه نواب حزب الاصلاح في البرلمان بعد حرب صيف 1994 - سيئة الصيت - ولكي نوقف هذا الظلم الواقع على الصغيرات الاتي لا حول لهن ولا قوة علينا أولاً أن نلغي التعديلات في قانون الاحوال الشخصية وان نعيد نص القانون الذي تم اقراره بعد الوحدة المباركة والذي يمنع زواج البنت قبل 15 عاماً . [c1]ملاحظة هامة : [/c]عقب نشر مقالي السابق عن تزويج الصغيرات وصلتني العديد من الرسائل عبر بريدي الالكتروني والتي تعتبر أن سماح القانون بتزويج الصغيرات صحيح شرعاً بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وعمرها تسع سنوات ، وبالتالي يجوز لولي الامر تزويج ابنته ولو كان عمرها يوماً واحداً ، لهؤلاء نقول : اننا نعلم أن المستند الوحيد لمن يبيحون تزويج الصغيرات هو زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولكن ألستم متفقين على أن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخصوصية حتى في الزيادة على الأربع ؟ حيث أن المسلم لا يجوز له الزيادة عن الاربع ، بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم له خصوصية في الزواج سواء كان من ناحية العدد أو السن ثم لماذا تناسيتم أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة تم بأمر رباني بعد أن أمره جبريل عليه السلام بأن يتزوجها .. فمن ذا من المسلمين يقارن نفسه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم . والتعذر بالدين وبثوابت الأمة في قضية مثل تزويج الصغيرات أمر خاطئ فتزويج الصغيرات ليس أمراً دينياً فهناك الكثير من الذين يدعون الى اباحة تزويج الصغيرات من شتى الملل والنحل .. بل إن الرفيق الشيوعي الماركسي الاشتراكي ( ماوتسي تاونغ ) كان من أشد انصار الزواج من الصغيرات رغم أن عمره كان فوق السبعين عاماً كما كشفت ذلك مذكرات طبيبه .
