إن انتخاب محافظ لمحافظة بعينها من أبنائها المؤهلين علمياً وإدارياً أمر مستحب ومرغوب فيه، لأنه من البيئة نفسها التي تربى وترعرع في أحضانها، وعايش مرها وحلوها وهمومها ومنغصات حياة مواطنيها، وعارف بأولويات طموحاتها من المشاريع التنموية الاستثمارية التي يمكن أن تساعد على استيعاب الأيدي العاطلة من أبنائها الخريجين من الجامعات والمعاهد المهنية، وما يجب توافره من الخدمات العامة الضرورية، و (أهل مكة أدرى بشعابها) كما يقول المثل الشعبي. إلا أن مثل هذه الخطوة - كما يبدو - لم يحن البت فيها بعد، ما لم تمر بتجربة أخرى جديدة يتم العناية بها ورعايتها، وتقييمها تقييماً حقيقاً، حتى نتوصل إلى الكيفية المناسبة.. مستقبلاً - في انتخاب المحافظين المؤهلين والمقتدرين على إدارة شؤون الحكم المحلي واسع الصلاحيات في المحافظات وتحررهم من قيود المركزية الإدارية والمالية المتشددة من المركز، عبر صناديق الاقتراع الانتخابي المباشر من قبل الجماهير الناخبين.ولهذا نجد أن هناك فريقين متناقضين قد نظر إلى هذه التجربة الفريدة التي قررها الرئيس القائد رئيس الجمهورية الأخ/ علي عبدالله صالح - حفظه الله ورعاه، بعد التصديق على التعديلات القانونية لقانون السلطة المحلية، في انتخاب المحافظين لإدارة شؤون الحكم المحلي واسع الصلاحيات في المحافظات اليمنية من الهيئات الناخبة في المجالس المحلية، وتناولاها من وجهتي نظرهما المختلفتين.فريق مؤيد تأييداً كاملاً، ومبارك لهذه الخطوة الجريئة لميلاد تجربة فريدة من نوعها، حيث سيتم انتخاب المحافظ من قبل أعضاء المجالس المحلية للمديريات المكونة لهذه المحافظة أو تلك. وأصحاب هذا الرأي - وهم الغالبية الساحقة - يؤكدون أهمية هذه التجربة الديمقراطية الجديدة وتعزيزها فالمسار الديمقراطي في الاتجاه الصحيح حتى تؤتى ثمارها المرجوة في الممارسة العملية على أرض الواقع الملموس لفترة انتقالية مدروسة، ومن ثم يمكن تهيئة الظروف المواتية والمناسبة في المستقبل، لإجراء انتخابات المحافظين بالاقتراع الشعبي المباشر من قبل الجماهير الناخبة، عملاً بالمثل القائل : “ في التأني السلامة وفي العجلة الندامة “.أما الفريق المعارض لهذه الخطوة الجريئة فإنه يرى ضرورة أن يتم انتخاب المحافظين من أبناء كل محافظة على حدة، وبطريقة الاقتراع الانتخابي المباشر، غير مكترث بأهمية التجربة الرائدة الجديدة في تطوير وتعزيز النهج الديمقراطي بانتخاب المحافظ من قبل الهيئات الناخبة في المجالس المحلية للمديريات في كل محافظة من محافظات الجمهورية اليمنية، معتبراً أنها “ ديمة خلفنا بابها “ بمفهوم المثل الشعبي، لأنها - أي التجربة الوليدة - لا تقدم شيئاً جديداً في هذا الاتجاه، حسب وجهة نظر هذا الفريق المعارض.ختاماً تقول : إن انتخاب المحافظ من قبل الناخبين في المجالس المحلية يلقي عليهم مسؤولية جسيمة في غاية الأهمية بحيث ينبغي ألا يخضعها للعواطف الشخصية والانفعالات الآنية، وأن يكونوا مقتنعين اقتناعاً تاماً، وقادرين على اتخاذ قرار عقلاني يحدد مدى كفاءة المرشح لشغل “منصب” المحافظ، وخبرات الإدارية، ونزاهته، وقوة شخصية في صنع القرارات الصائبة المتعلقة بإدارة شؤون الحكم المحلي واسع الصلاحيات، لا نخشى في الحق لومة لائم، ولا يتخذ من منصبه وسيلة للكسب الشخصي والثراء، وأن يلتزم بالنظام وسيادة القانون، وأن يضع مصلحة الوطن وشؤون المحافظة نصب عينيه. فالمطلوب من الناخبين هو اختيار وانتخاب المحافظ الأكثر كفاءة وخبرة، وليس الأكثر شعبية. والله الموفق لما فيه خير البلاد والعباد.
|
اتجاهات
انتخاب المحافظ الأكثر كفاءة أم الأكثر شعبية؟
أخبار متعلقة