مع الأحداث
لاتزال المبادرة اليمنية التي أطلقها الرئيس/ علي عبدالله صالح والتي أقرتها قمة دمشق الأساس العملي والصحيح لأي حوار فلسطيني - فلسطيني، فاليمن رغم الاحباطات التي تشهدها الساحة العربية ماأنفكت تضطلع بدورها الثابت والفعال في سبيل إعادة هذا الحوار وبذل كل الجهود لتحقيق المصالحة وإعادة اللحمة الوطنية للشعب الفلسطيني وتوحيد صفوفه. أن ما نشاهده الآن على القنوات الفضائية ونتابعه عبر وسائل الإعلام الأخرى من العدوان الصهيوني الغاشم على غزة ليس حربًا، إنما هو مجزرة ومذبحة ووحشية بكل ما تعنيه الكلمة لأنها بين طرف يملك كل السلاح وطرف لا يملك إلا حقه وإيمانه بعدالة قضيته ويواجه الموت بصدر مكشوف.هذا الحرب المتواصل على قطاع غزة محاولة للقضاء على آخر معاقل المقاومة وتصفية وجودها وضمان حماية حدود كيان (إسرائيل) وقد كان ذلك شرط الصهاينة والطرف الأمريكي وبمباركة عملائها في مؤتمر انابوليس المشؤوم والذي يجب أن يتحقق قبل أن يقبل الصهاينة بمنح عملائها فتات دويلة مهشمة مجزأة منزوعة السيادة على أقل من عشرين بالمائة من مساحة فلسطين العربية وبغير مدينة القدس ولا لاجئين ولهذا كله فصمود غزة يعني صمود القضية في وجهة كل هذه المؤامرات. واعتقد إن قيام إسرائيل بهذه المجازر الوحشية على الأطفال والنساء في غزة ستستمر في ظل استمرار ضعف الموقف العربي، بعد أن سبق هذا التقتيل الهمجي للمدنيين والتدمير المنهجي لقطاع غزة حصار امتد لشهور وشمل قطع الكهرباء ومُنِع الطعام والدواء.ومانراه من واقع مرير ومحاولات لقلب الحقائق عما يعانيه الشعب الفلسطيني كان لافتًا في مواقف الدولة الكبرى في العالم التي تقول أن صواريخ المقاومة سبب قيام إسرائيل بهذه المجازر وعلى حماس ان تتحمل العدوان، كأنهم يقولون إن الضحية هو الجلاد؟!هذا الكيان الصهيوني الدخيل على منطقتنا العربية ما كان ليجرؤ على تماديه هذا لولا الضوء الأخضر من البعض ولأنه رأى ضعفاًَ و ترهلاًَ تعكسه حالة اللامبالاه القاتلة لما يحدث في غزة.إننا لسنا بحاجة إلى بيانات صاخبة لإظهار موقف إعلامي ما لا يسمن ولا يغني من جوع.والمثير للريبة والمستهجن حقاًَ هو هذه الدول الكبرى التي كانت دوماًَ تتسابق فيما بينها لإصدار أشد بيانات الإدانة بحق أي هجمات للمقاومة الفلسطينية توقع خسائر في صفوف (المستوطنين الإسرائيليين). ولكن مهما حاولوا التملق للصهاينة وللآلة الإعلامية والتي ما زالت ترهق مسامعنا بدعاوى الدفاع عن قضاياها وحقوقها المدنية أضحت أبواقا ببغائية مرددة للدعايات المنحازة لإسرائيل.إن زعماء الدول الكبرى في العالم ليس لديهم أدنى كرامة لذا من الطبيعي أن يشعروا بالذل والضعف أمام أبناء غزة الصامدين الرافضين للهوان المحافظين لكرامتهم وعلى حريتهم.أبناء غزة تحت النار وفي ظل الحصار والعدوان ولكن هاماتهم مرفوعة ولن يستجدوا أحداًُ في سبيل حريتهم.فغزة الآن تُقاتَل وتحارب من قبل إسرائيل والعالم وبعض الزعامات العربية للتنازل عن المقاومة والخضوع للإرادة الإسرائيلية, لكن الأيام اثبت ان «صمود غزة أمام إسرائيل والعالم يعني انهم انتصروا».كما ان علينا مسؤولية كبيرة للتصدي لما ترتكبه إسرائيل من فظائع و يتحتم علينا الواجب أن نقوم بكل ما نستطيع القيام به ووفق ما هو متاح لنا وضمن قدراتنا كأفراد ومجموعات للاحتجاج وأضعف الإيمان بإعلاء أصواتنا برفض العدوان والخنوع وتنظيم المسيرات والفعاليات المناوئة لإسرائيل والمنددة بالعدوان والمناصرة للمقاومة الباسلة في غزة. وشكلت المسيرات في كل دول العالم عامل ترويع للدول الداعمة لإسرائيل وافصحت أن شعوب المنطقة لديها القدرة على إستعادة زمام المبادرة فالتظاهر قد يدفع مواطن أو أكاديمي أو صحافي غربي إلى البحث من جديد عن حقيقة إقتناعه بوجهة النظر الإسرائيلية ويغير موقفه من قضية فلسطين .ولا نكتفي بالتحرك الدولي وهو قادم لا محالة بعد أن نقوم نحن بأداء دورنا، وإن كنا لا نعول على التحركات الدولية كثيرا،بل يجب أن ننشط بأنفسنا بداية من توجيه العائلة كلها للقيام بدورها في التفاعل مع الأزمة، ولربما نتائجها لا ترقى لآمال الأمة، وردود أفعالها لا تخيف الصهاينة و قد لا يتغير الوضع كثيراًَ ولن تغير سياسة المنحازين كلياًَ لإسرائيل, ولكن على الأقل ليعلموا أننا موجودون ولم تمت ضمائرنا بعد وما زالت في عروقنا دماء تغلي غضباًَ.وعلى أجهزة الإعلام والأقلام الشريفة أن يظهروا من وراء هذا العدوان وغيرها والتي أغرقت العالم بموجة من الحروب وببحور من الدماء والدعم اللامحدود وغير المشروط لكيان بني صهيون فيما يقوم به من مجازر وتجويع لأهلنا في قطاع غزة, لقد أعتمدت بعض وسائل الإعلام المتواطئة مع العدو إلى (إبراز) أو (إخفاء) مايحدث في غزة وفق مصالحها وتستخدم تعبيرات لغوية في غير موضعها والتشويه الواضح للأحداث، ما يسمح بخلق تفسير مختلف لما يحدث بالفعل في الواقع.و على سبيل المثال، فيما يتعلق بغزة، تستبدل كلمة (غزو) بكلمة (نزاع) أو (مواجهة) أو (أزمة)، نافيةً عن (إسرائيل) بذلك طابع القوة الغازية .وقد لا يتم إخفاء النبأ ولكن يتم التلاعب بهرمية ترتيبه وتقييمه و يعملون على تقليل حجمه وأهميته وتشويهه تجنبًا لتولد رد فعل انفعالي لدى المشاهد حيث يتم وضع النبأ ولكن بتقليص أهميته وخطورته وعدم إرفاقه بعناوين مؤثرة وتنتقي الصور متجنبةً بحرص إظهار الآثار القاتلة للقصف (الإسرائيلي) على السكان المدنيين وضحاياه من النساء والأطفال ليصبح مجرد (نبأ عادي وممل.ونحمد الله إن اليمن قيادة وشعباً ومعارضة ينظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضيته والجميع يبذل ما أمكنه في نصرة ودعم صمود أهلنا في غزة من أجل صد العدوان وكسر الحصار المفروض والتأكيد على أهمية تعزيز وحدة الصف، بما يكفل للشعب الفلسطيني مجابهة التحديات، وإنهاء معاناته الناجمة عن الاحتلال، ونيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة.