غضون
السلطة وحزبها الحاكم لا يعملان بصورة جيدة، لكن حسبهما القيام بالواجب، خاصة في هذه المرحلة التي لا يغيب فيها الوجه الآخر للحكم فحسب، بل إن هذا الوجه (المعارضة) يضرب في العمق وفي كل الاتجاهات لإعاقة السلطة واختلاق متاعب يومية لإشغالها بها.. هذا الدور الذي تقوم به المعارضة في بلادنا لا سابق له في السوء عبر تاريخنا المعاصر، فكل الحكام السابقين واجهوا معارضين لكنهم ليسوا من هذا النوع الذي ينبش في القبلية والطائفية والانفصالية، ويضرب الاستقرار والفوضى، ولا مثيل لهذه المعارضة حتى في بلدان أكثر تخلفاً وتعقيداً في الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية. هذا الدور الذي تقوم به المعارضة حالياً يخدم السلطة والحزب الحاكم، ذلك أن سلوك المعارضة يقدمها للجمهور على أنها لا تصلح بديلاً عن السلطة وحزبها رغم ما فيهما من مساوئ وعيوب، ولكن ينبغي على السلطة وحزبها أن لا يهتما بهذه المسألة، فكون المعارضة تؤدي هذا الدور المدمر الذي يقلل من فرصها للحلول محل البديل، فذلك يجب أن يعني للسلطة وحزبها أن المسؤولية أصبحت كبيرة للغاية، فهما معنيان بحفظ السلم الاجتماعي وترميم ما اندثر من الجسور والأسوار على أيدي المعارضة، وحماية الوحدة الوطنية وتلبية احتياجات الناس، وفي الوقت نفسه التمسك بالنهج الديمقراطي. أنا أعجب من طرح السلطة وحزبها مبادرات وإصلاحات سياسية وتشريعية وديمقراطية، ثم تقف تنتظر المعارضة لتأخذ موافقتها على تلك المبادرات، صحيح أن التوافق مطلوب حول القضايا الوطنية المهمة، لكن إذا كان الآخر لا يريد أن يحاور للوصول إلى صيغ توافقية حول نظام الانتخابات مثلاً فلماذا لا تمضي قدماً وبمساعدة المؤسسات الدستورية.. أمس فقط حرك مجلس الدفاع الوطني قضية الحكم المحلي واسع السلطات، بينما المبادرة بهذا الشأن صدرت عن الرئيس قبل عدة أشهر.. فلماذا انتظروا إلى هذا الوقت بينما كان (في هذه المسألة وفي غيرها) يتعين تحويل المبادرة إلى صيغ دستورية وقانونية طالما المعارضة أعطيت الوقت الكافي لتحديد خياراتها، فهل إذا لم تفعل هي يجب على السلطة أن تجمد خططها.. من يقول بهذا!؟
