لا تتمتع بثروة نفطية كبيرة لكن لها أهمية إستراتيجية
تسليم القوات الأمريكية محافظة الأنبار للقوات العراقية
الرمادي/بغداد/14 أكتوبر/تيم كوكس: سلم الجيش الأمريكي المسؤولية الأمنية في محافظة الانبار الغربية لقوات الأمن العراقية أمس الاثنين بعد أقل من عامين من سقوط المنطقة تحت سيطرة المقاتلين السنة. وقال الميجر جنرال جون كيلي قائد القوات الأمريكية في الانبار في كلمة ألقاها أمام مسئولين أمريكيين وعراقيين قرب مقر مجلس محافظة الانبار «نحن الآن في المرحلة الأخيرة من هذه المعركة الرهيبة. تحقيق الهدف أصبح قريبا جدا. «حياتكم وحياة أطفالكم تعتمد على النصر.» وتعانق كيلي ومحافظ الانبار مأمون سامي رشيد بعد أن وقعا وثيقة جعلت الانبار المحافظة العراقية الحادية عشرة من بين محافظات العراق وعددها 18 محافظة وأول محافظة تقطنها غالبية سنية تسلم للسلطات العراقية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 . وقال رشيد «واجهنا القاعدة ودفعنا الثمن غاليا من أرواحنا». سارت قوات الشرطة في الشارع الرئيسي حاملة علم العراق ومن خلفها موكب من عربات الشرطة المزينة بالزهور. وكان من المقرر تسليم الانبار لقوات الأمن العراقية في يونيو لكن التسليم تأخر بسبب خلاف بين رجال السياسة المحليين. وقال اللفتنانت كولونيل كريس هيوز المتحدث باسم مشاة البحرية الأمريكية في غرب العراق أن حفل التسليم كان رمزيا بدرجة كبيرة لان القوات العراقية تعمل بشكل مستقل منذ عدة شهور. ومحافظة الانبار التي لا تتمتع بثروة نفطية كبيرة لكن لها أهمية إستراتيجية لحدودها المشتركة مع كل من سوريا والسعودية والأردن كانت معقلا لمقاتلي القاعدة السنة وشهدت معارك شرسة ضد القوات الأمريكية وضد قوات الحكومة العراقية الشيعية التي تدعمها الولايات المتحدة. ودارت أشرس المعارك على مدار أكثر من خمس سنوات من الحرب في الانبار ومن بينها هجومان مدمران شنتهما القوات الأمريكية على الفلوجة عام 2004 . ويعتقد انه قتل في المعركة الأولى مئات من المدنيين وخلفت الثانية أجزاء من المدينة مدمرة. وكانت مناطق هامة من الانبار في قبضة القاعدة. وقال موفق الربيعي مستشار الأمن الوطني العراقي للصحفيين قبل حفل التسليم أن الكل لم يكن يتصور هذا ولو في الحلم قبل ثلاث أو أربع سنوات. وأضاف انه لو قال المسئولون العراقيون أن المسؤولية الأمنية ستنقل من القوات الأجنبية للسلطة المدنية كان الناس سيضحكون أما الآن فقد تحول هذا إلى واقع. وتغيرت الأوضاع في الانبار أواخر عام 2006 حين انقلب زعماء العشائر السنية على القاعدة وتكتيكاتها العنيفة وتفسيرها المتشدد للإسلام وبدؤوا يساعدون القوات الأمريكية على طرد المنظمة من محافظتهم. وأصبحت وحدات الحراسة التي شكلتها مجالس الصحوة في الانبار نموذجا يحتذي به في مختلف أنحاء البلاد وأقر المسئولون الأمريكيون بان ذلك ساعد بدرجة كبيرة في خفض العنف في شتى أنحاء العراق. وتزايدت التوترات في الانبار خلال الأشهر القليلة الماضية بين زعماء مجالس الصحوة وقوات الحكومة العراقية والمجالس المحلية بقيادة الحزب الإسلامي. ويشكو بعض أفراد وحدات مجالس الصحوة من عدم دمجهم في قوات الأمن العراقية. كما لم تسقط من الذاكرة بعد الأحداث الدامية التي شهدتها بلدة الحديثة عام 2005 حين اتهمت قوات مشاة البحرية الأمريكية بقتل 24 مدنيا عراقيا. واتهم في هذه القضية ثمانية من جنود مشاة البحرية سرح من بينهم ستة من الخدمة وبريء السابع في محاكمة عسكرية أما الثامن قائد المجموعة المتهم في هذه القضية فمازال يحاكم أمام محكمة عسكرية. وأظهرت إحصاءات الحكومة أن نحو 382 مدنيا عراقيا قتلوا في أغسطس مقارنة بمقتل 1770 في نفس الشهر من عام 2007 . كما انخفضت أيضا الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية على مدار العام الماضي. وقال موقع مستقل على الانترنت يحصي الجنود الأمريكيين القتلى في العراق أن 11 قتلوا في أغسطس وان ستة قتلوا في يوليو تموز مقارنة بأغسطس من العام الماضي حيث قتل 56 جنديا أمريكيا وأربعة من الجنود البريطانيين. لكن الهجمات مازالت مستمرة في بغداد ومناطق مضطربة أخرى. ويضغط نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي اكتسب ثقة بنجاح حملته ضد الميليشيات الشيعية هذا الربيع على الولايات المتحدة خلال محادثات مشتركة بينهما للحد تدريجيا من الوجود العسكري الأمريكي. وقالت بغداد وواشنطن إنهما اقتربتا من التوصل إلى اتفاق بشأن معاهدة أمنية تحكم وجود القوات الأمريكية في العراق بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة أواخر العام الجاري. وقال المالكي في التلفزيون العراقي أن مسودة الاتفاق سترسل خلال عشرة أيام إلى البرلمان للموافقة عليها . وقال محمود المشهداني رئيس البرلمان أن المفاوضين العراقيين والأمريكيين مازالوا يحاولون التوصل إلى توافق أراء بشأن عدد من النقاط الخلافية. وأعلنت الولايات المتحدة مرارا أنها لن تلتزم بجدول زمني تعسفي لسحب قواتها من العراق والتي يقدر قوامها بنحو 145 ألف جندي.